مقالات سياسية

حملات المواتر والركشات

ظاهرة انتشار الخطف بالمواتر واستخدام الركشات في كثير من الجرائم، تعتبر من الظواهر التي انتشرت في المجتمع السوداني حديثاً بسبب الفوضى التي عمت البلد في كافة النواحي، صحيح الركشات نفعت بعض الأسر كمشاريع لزيادة الدخل ولكن لها أضرار أكبر بكثير من فوائدها وما الظواهر السالبة والإجرام إلا مجرد مثال، وإن كانت الحكومة تفكر ببعد نظر في مصلحة البلد ومستقبل المواطنين لما استوردتها أصلاً ولفكرت في مشاريع تنموية تضمن للمواطنين حياة مستقرة ومزدهرة خاصة الشباب الذين لم تترك لهم خياراً للعمل المواتر والركشات التي سرقت طموحاتهم وأحلامهم.
هذه الأيام تقوم محلية الخرطوم بحملات تستهدف الدراجات النارية أو المواتر والركشات غير المرخصة ومعتادي الإجرام، ومن بداية الحملة تمكن قسم الخرطوم شرق من ضبط 44 موتراً و4 ركشات غير مرخصة وبدون لوحات، كما ألقى قسم الرياض القبض على 4 من معتادي الخطف و14 موتراً بدون ترخيص، وقسم امتداد ناصر تمكن من إلقاء القبض على 20 موتراً، وأعلنت المحلية أن إجراءاتها ستستمر في جميع أنحائها تعزيزاً للأمن والطمأنينة، وإن حذت كل المحليات حذوها ستكتشف ولاية الخرطوم إن نسبة مقدرة من الشباب وظيفتهم التكسب من الخطف والسرقة وجرائم أخرى كثيرة، والسبب هو الحكومة التي وفرت لهم المناخ والوسائل ليمضوا في هذا الطريق.
الحكومة هي من استوردت عبر شركاتها وشركات كوادرها الاستثمارية خلال ثلاثة عقود كميات مهولة من الركاشات والمواتر، وغيرها من المركبات التي تفتقر إلى أدنى المواصفات وابتلت بها المواطنين وأثقلت على الخرطوم، ولم تكفها أرباح الاستيراد وظلت تتكسب منها باستمرار من خلال الجبايات وتمنحهم إذناً للمخالفات.
الآن كثير من أصحاب الركشات غير مرخصين لارتفاع قيمة الترخيص السنوية ولذلك يعملون داخل الأحياء، ولديهم خارطة وأسلوب تواصل يتجنبون به أماكن تواجد شرطة المرور، أما المواتر فرغم أن استخدامها شخصي إلا إن عدم الرقابة عليها وفَّر فرصة لبعض الشباب لاستخدامها في السرقات والخطف، وكل أحياء الخرطوم تشكو من هذه الظاهرة وخاصة الراقية، وكثير من هذه الركشات والمواتر يتم الإفراج عنها بعد تغريم أصحابها، لذلك الظاهرة ستستمر مثل كل الظواهر التي تصر الحكومة على محاربتها بالقانون وتتجاهل محاربة أسبابها.
دائماً الحكومة ليس لديها استراتيجية للتعامل مع مصالح المواطنين وتتعامل معهم بعدم إنسانية، ودائماً ما تستغل مصالحهم لخدمة مصالحها الشخصية أولاً، ولذلك هي تخالف القوانين والقيم والمبادئ فيدفع المواطن الثمن وخاصة الشباب، ولذلك نقول دائماً أن انتشار الجرائم والظواهر السالبة لن ينتهي مالم تصبح مصلحة المواطن هي العليا وهذا ما لم ولن تسطيع الحكومة الالتزام به، حتى هذا النوع من الحملات ما هي إلا عروض وحيل لا تحل المشكلة بقدر ما ستدفع الشباب إلى التفنن في إيجاد طرق للهروب من حملات الحكومة. عموماً إن كان هناك وصية يمكن أن نوصي بها الحكومة، فهي عليها أن تعلم إن هذه الظواهر حصرية على الشباب ولم يقعوا فيها إلا لأنهم (أُهمِّلوا) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني، ولا شيء سينقذهم إلا الاهتمام والرعاية فكفاكم توريطاً في إيذاء المجتمع.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..