الخرطوم ليست مكة

الخرطوم ليست مكة
حيدر المكاشفي
لم يتسن لي الجزم بموعد قاطع يحدد بدقة المناسبة واللحظة التاريخية التي أنتجت الهتاف المعروف «الخرطوم ليست مكة» وبالضرورة ينسحب ذلك على الهتاف الآخر المضاد «الخرطوم ليست موسكو»، كما لم يتيسر لي الفصل في اسبقيتهما، أيهما كان أسبق هتاف أصحاب موسكو أم هتاف أهل مكة، ربما الأرجح أن ذلك كان في بواكير سبعينيات القرن الماضي وتحديداً في أعقاب نجاح انقلاب يوليو 1971م الذي نفذته مجموعة من عضوية الحزب الشيوعي منقلبة على إنقلاب مايو 1969م الذي لم يكن عمره في السلطة قد تعدى العامين والشهرين وكان هو الآخر يساري النزعة والتوجه كما هو معروف، ولكن بدا للمجموعة التي انقلبت عليه أنه بدأ رحلة الانعطاف يميناً ولهذا سارعت لاعادته إلى مساره اليساري الصحيح ولعلهم لهذا السبب أسموا انقلابهم «الحركة التصحيحية» ولهذا أيضاً كان طبيعياً أن تكون أول عبارة تصحيحية يصيحون بها هي «الخرطوم ليست مكة»، لم يلبث الانقلابيون الجدد سوى ثلاثة أيام بلياليها حتى استعاد الانقلابيون الاوائل سلطتهم واستتبت الامور مرة أخرى للنميري عبر إنقلاب مضاد حتى على مستوى الهتافات ومنها كان الهتاف المضاد «الخرطوم ليست موسكو»، ولولا أنني اطلعت على رواية تنسب الهتاف الأول لسيدة خرطومية من أسرة معروفة وفي زمن تلى حركة يوليو بكثير لكنت قد جزمت وأكدت واكتفيت بالرواية المحكمة والراجحة…
المهم أن هتاف «الخرطوم ليست مكة» إرتبط بأهل اليسار بينما أصبح هتاف «الخرطوم ليست موسكو» ماركة تجارية مسجلة باسم جماعة اليمين، وحتى هنا ظل أي هتاف في مكانه، ما لليمين لليمين وما لليسار لليسار، وسار كل هتاف في مساره، وثبت كلٌ على موقفه، من يؤيد الدولة الدينية ومن يناصر المدنية حتى هبت «ثورة» الانقاذ ووجد الجماعة نفسهم على المحك بعد ان اعتلوا سدة الحكم فأصبح كل شيء في غير مكانه..
ومن محكات الحكم التي أربكتهم حتى هتف أحدهم بهتاف أهل اليسار، كانت القروض الربوية أحدها، وها هو أحدهم يقول الخرطوم ليست مكة، فعندما يقول السيد أحمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني في معرض دفاعه عن القروض الربوية «لسنا في دولة مكة ولا دولة المدينة بل في دولة في هذا العصر» أليس ما قاله هذا هو عين ما يقوله هتاف «الخرطوم ليست مكة» وقع الحافر على الحافر، بلا شك انه هو عينه وذاته، إذن للدولة السودانية خصوصيتها، لا هي دولة مكة ولا هي الدولة السوفيتية ولا هي الجمهورية الفرنسية، هي دولة السودان بما فيها من تباينات واختلافات وتعدد ثقافي واثني وبما تكابده من مشكلات وأزمات مختلفة ومتطاولة ومزمنة لا تعانيها غيرها وانما تخصها وحدها، وهي بمقاييس العصر الذي تعيش فيه دولة متخلفة وموبوءة بالمشكلات والازمات، ولو وجدت فقط من مآثر ومفاخر دولة المدينة العدل والمساواة والنزاهة والأمانة لكفاها ذلك ومكنها من الانطلاق، فعليكم بقيم ومبادئ دولة المدينة فإذا توفر ذلك نؤكد لكم أن الخرطوم كفيلة ببقية شؤونها المدنية..
الصحافة
عجبا بعد هذا الاعتراف الصريح بأننا دولة العصر الحالى فما معنى الجلبة المثارة حاليا عن الهوية الاسلامية العربية
واذا سلمنا جدلا باننا اصحاب هوية اسلامية صرفةكيف لنا ان نتقبل الرباء وما شابهه بتبريرات واهية
نحن الان فى مرحلة انعدام الهوية
لان من ينادى بها لا اعتقد انه مؤمنا بها بل جعل منها مطية لكسب رخيص
ومن يطلبون منهم الايمان بها فقدوا الثقة بمن ينادى
بل فيهم من شك فى اساس الفكرة ومصداقيتها
وها نحن نرى الناس ان لم يخرجوا فهم على اهبة الاستعداد للخروج من دين الله افواجا
فكثيرون يرون فى الغرب رغم جحيمه ملاذا امنا وهذا نتج من الرزء والظلم الذى لحق بهم وقد صادف فى انفسهم ضعف ايمان بالله المتصرف فى كل شئ
يا جماعة لا يوجد شيئ اسمه دولة اسلامية ؟ توجد ديانة اسمها الاسلام سيحاسب الله كل واحد منا فردا فردا ؟ بالتالي ما يحدث في السودان هو جدل بيزنطي ؟!!! يعني شنو مجموعة واحدة تعتقد بانها تمتلك الحق في ان تكون وكيلة عن الله في الارض ؟ تدعو الي القضاء علي الميزة الجميلة التي كانت تميز السودان( واعني به هذا التنوع من حيث القبائل والاديان والثقافات) تاتي هذه لتنهي كل هذا وتدعوا فقط اولا الي ان الاسلام فقط هو الذي يجب ان يحكم( خلاص قلنا مالو طالما انهم اكثرية) الآن مرفوع شعار العنصرية ( يعني زي نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا سابقا) حيث تريد نفس هذه المجموعة ان تفرض علينا بان العنصر العربي هو الذي يجب ان يسود في السودان لماذا الله اعلم انهم مرضي وعندهم مركب نقص بدليل ان فيهم من ظل سنين عددا يضلل في الناس بدعوي انه شريف وفيهم من يدعي ان نسبه ينتهي عند العباس وفيهم من ذكر بان سيدنا موسي ذات نفسه من ارض السودان والعالم من حولنا يتفرج ويضحك علينا لانه (ومن شر البلية ما يضحك)
ما دام هم مقتنعيين انه هذا العصر يختلف عن عصر الخلفاء الراشدين و ان العالم يتغير لكن جوهر الدين الاسلامى لا يتغير وانما تتغير الوسائل و الطرق و انهم عايشين فى عالم مع غيرهم من البشر و ان المهم هى مقاصد الشريعة او الدين ليه ما يعترفوا بالدولة المدنية ولا حتى العلمانية فى بلد زى السودان متعدد فى كل شىء!! ولا يمكن الحفاظ على السلطة و الثروة باسم تطبيق الشريعة اهم من الحفاظ على الوطن و وحدته و تماسك نسيجه؟؟ و هل الاسلام فيه دولة دينية اىثيوقراطية؟؟؟!!! بالله يا ناس الانقاذ ما تغشوا الناس بحكاية التوجه الاسلامى دى اذا كنتوا بتحبوا الوطن و المواطنين ارجعوا للصواب!!اى رجعوا البلد ليوم ادعائكم بانقاذها و الانقاذ ما هو باين حروب و تشظى و تدخلات اجنبية بكل اشكاها اكان جنود ولا مبعوثين و الجاى اخطر!! رجعوا الدولة المدنية دولة الحريات الجد جد و سيادة القانون و القضاء المستقل اى دولة فصل السلطات و الصحافة الحرة و ما تخافوا على الاسلام المسلمين السودانيين اقدر و اجدر على حمايته و عارفين كيف يتعايشوا مع اخوانهم من بنى وطنهم الغير مسلمين و ممكن يدخلوهم معهم فى هذا الدين العظيم بالتى هى احسن و بالدين المعاملة!!! يمكن الشعب السودانى يغفر ليكم ما اصله شعب طيب و اصيل و مسكين لكنه شعب شهم و شجاع و الشجاعة هى العفو عند المقدرة!!! اعترفوا و الاعتراف شجاعة اعظم من شجاعة السلاح و العضل انكم فشلتم اسلاميا و لم توحدوا الوطن و تعملوا على استتباب السلام و الازدهار فيه!!!!
أحسنت يا ود المكاشفي.. حقاً الخرطوم ليست مكة ولا موسكو. بل هي الخرطوم لمسلمها ومسيحيها وعلمانيها وطنا يسع الجميع ويعتقد في من يشاء بما يشاء دون قيد أو تعد .
أما قول رئيس البرلمان فهو ارتداد عديل عن اقوالهم التي دائماً ما تفضحها فعالهم. أم القروض الربوية فهم يعلموان تماماً إنها خيراً وافضل من القروض الاسلامية التي تبلغ نسبة فوائدها فوق العشرين في المائة أما البنوك الربوية فلا تتجاوز نسبة فوائدها ثلاث? إلى خمس في المائة ودون أي رشاوي أو تزكيات أو تنازلات او من على أحد.