مقالات وآراء سياسية

شتلة منقة

د. ناهد قرناص

اشتركت قبل فترة في مجموعة (مديحة سعيد) وهي مجموعة مهتمة بالتشجير ولها مبادرة قوية للمساهمة في نشر ثقافة التشجير وتسعى لسودان أخضر في المستقبل القريب، صفحة المبادرة كلها عبارة عن أحياء سكنية استطاعت شتل مجموعة من الشجيرات ..صور مفرحة لشباب يحفرون في الأرض ..يغرسون الشتول ..ومن ثم صور لبراعم صغيرة تخرج رؤوسها من عمق الأرض فرحة بمعانقة ضوء الشمس للمرة الأولى.
تلك الصور أثارت غيرتي (بقرتني عديل كدا) ..وصرت أنام واصحو بحلم ..ان أسير صباحاً وعلى جانبي الشارع أشجار ظليلة ..ان يلعب الاطفال باوراق الشجر المتساقط وان تشنف آذاننا زقزقة (عصافير الخريف في موسم الشوق الحلو). عليه توكلت على الله و طلبت مساعدة المجموعة في تشجير الحي ..والشهادة لله ما قصروا تب ..الاستاذة مديحة اهدتني (عدد 200 شتلة منقة) ..ايوة والله 200 شتلة مجاناً ولوجه الله تعالى (جزاها الله كل خير ) ..وطرت أنا من السعادة ..و(كرعيني كبرت بالفرح نص في الأرض، نص في النعال)..واعتقدت ان الامر سيتم بسلاسة ..نحفر في الأرض ونشتل المنقة وبس خلاص ..وغداً او بعد غدا تطل الشتلة برأسها ..لكن الامر كان أصعب مما تصورت .. والشيطان يكمن في التفاصيل.
أولاً اتضح ان شتلة المنقة تحتاج حفرة خاصة ..قياسات محددة وعمق معين ..و200 شتلة يعني نفير ..يبقى تكلم مين وتشاور مين؟ ..تلفونات واجتماعات ومواعيد لبدء التنفيذ …ولا يأتي احد !!..بعضهم يعطيك من طرف اللسان حلاوة ..لكنه لا يقدم خدمة على الأرض ..برضو خير ..بعضهم يعدك جازماً بالحضور في الوقت والساعة ومن ثم يختفي ..هذا لا يمنع ان هناك حادبين متابعين للأمر ويبذلون جهدهم لانجاحه.
وأنا في خضم (زهجي) من الأمر ..خطرت على بالي الخراف العائدة من السعودية بعد رفضها نتيجة لاعلان وباء حمى الوادي المتصدع ..ولا أدري هل تم اكتشاف حيوانات مصابة في الشحنة ؟ ام انها عادت من باب الاحتراز؟؟ ان كان هذا او ذاك فالشاهد في الموضوع ..اننا تعاملنا مع ادارة الدولة واختيار شاغلي المناصب الوزارية على انها (شتلة منقة) وبسيطة وممكن بأقل مجهود تنمو وتزهر وتثمر ..واتضح ان الامر يحتاج الى الحفر المناسب والادوات اللازمة لذلك ..والتربة الصالحة وربما احتاجت الى اضافة سماد وتغيير تربة وأكيد توفير مصدر مياه ومتابعة لصيقة للشتلة النامية وحمايتها من (السرقة والأكل).. اعلان الوباء يتطلب دراسة احصائية لعدد الفاقد من الحيوانات ونسبة الاصابة والموت بين افراد القطيع ..أيضا معرفة جميع تبعات اعلان الوباء وتقدير حجم الضرر مثل الذي حدث لاحقا من ارجاع بواخر الصادر ..
ذلك لأن تدارك تبعات الارجاع يحتاج الى تضافر الجهود بين وزارات الثروة الحيوانية والصحة ووزارة الخارجية ..والعمل على ازالة اللبس واعادة الأمور الى نصابها الطبيعي .. لكن هنا يحضرني سؤال (لماذا يستمر صادر الحيوان الحي ؟؟ وبهذه الكمية في غير موسم الهدي ؟؟)
خلال سعيي لشتل المانجو واجهت سخرية البعض ..أولئك الذين لا شغل لهم غير متابعة عملك ومن ثم التقليل منه والشماتة على الاخفاقات التي تصادفك ..واكيد انهم عند النجاح سيحاولون ان يجدوا لهم مكاناً ما بين الأضواء…اذا كانت (شتلة منقة) احتاجت كل هذا المجهود ..ما بالك بمن يريد الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة ؟
شتلة المنقة اعطتني درساً بليغاً ..وادخلتني في تحدي … فالأمر لن يتم الا بتعاون الجميع ..وان كنت لا تستطيع تقديم الدعم ..رجاء لا تقلل من جهود الذين يعملون ….ولا (تكسر المقاديف) ..وأكيد يوم باكر يبقى اخير.
ملحوظة هامة : لسه ما شتلنا المنقة

 

د. ناهد قرناص
صباحكم خير
الجريدة

‫2 تعليقات

  1. مضى 10,800 يوماً تقريباً من الدمار الممنهج لاقتصاد السودان والسير عكس الاتجاه الصحيح عمداً مع سبق الإصرار. مضى أكثر من 259,200 ساعة من النهب الدؤوب لمقدرات السودان. مضى أكثر من 15,552,000 دقيقة (في عالم يحسب الزمن بالدقيقية) من عمر السودان وهو في حالة غيبوبة تامة. قضية المحاجر والمسالخ الحديثة مثلها مثل أي مرافق (صفرية) في سودان الانقاذ كتبت فيها المقالات وبحت فيها الأصوات، لكن كيف يستقيم الظل والعود أعوج، وكيف يستقيم الوضع والمسؤولين موات. أننا لا نستطيع أن نُسمع الموتى ولا من في القبور………………….. كم قرن نحتاج يا ترى لاصلاح ما أفسدته الانقاذ في كل أو معظم مناحي الحياة. لو حسبنا ما نحتاجه من وقت بالدقيقة لإصلاح ما فسد، فسيكون عزرائيل عليه السلام قد نفخ النفخة الأولى وباق النفخة الثانية حتى يصحو الشعب السوداني من قبوره ويهرولون كجراد منتشر ولكن حيئذ لا توجد دنيا ولا صادر ولا منقة ولا تفاح.

  2. والله انت زاتك منقة وعشان كده متبرع اجي اشتل معاك ال ٢٠١ شتلة…. شتلة شتلة و منقة منقة يامنقة وبالمناسبة انا جادي حددي الزمان والمكان وانا اجيك طائر بالريش الدقاق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..