مقالات وآراء

والية نهر النيل التي تسير وسط الألغام ستعبر بسلام!!!

لاشك أن ولاية نهر النيل من أخصب الولايات السودانية في نضجها فكراً سياسياً ،ونضالاً جماهيرياً ، ولا سيما حاضرتها مدينة عطبرة (مهد الثورات ) .
مدينة عطبرة أو عاصمة الحديد والنار أو إن شئت مدينة العمال التي انشأ محطة سكة حديدها الانجليزعام 1906م ،وقد وقع إختيارهم لها لتكون مقراً رئيسياً لرئاسة سكك حديد السودان، وورش القاطرات بانواعها المختلفة ،لتوسطها العاصمة من مبتدأ السكة حديد التي كانت من وادي حلفا . ولهذا كانت محطة عطبرة تضم تكتلاً عمّالياً ضخماً تقدَّر بعشرات الالاف الذين يعملون باداراتها وبورشها المختلفة ، ومن ثم تم انشاء نقابة كبيرة سميت بنقابة عمال سكة حديد عطبرة .
كانت هذه النقابة التي أغلب أعضاءها ممن يتميَّزون بالتوجُّهات اليسارية تقُضُّ مضاجع كل الحكومات العسكرية التي جثمت على صدر الشعب السوداني منذ الاستقلال. فكانت ومازالت لهيب الثورات والحركات التحرريّة من نير الحكام المستبدِّين المتسلّطين تنطلق منها .
نعم هذه المدينة التوَّاقة والعاشقة للحرية ، للأسف الشديد تعتبرمن أهم المدن والمكوِّنات الأساسية لولاية نهر النيل ، هذه الولاية المعروفة بأنها أهم معقل وتجمُّع وتوالد وتكاثر (الكيزان ) ، ولهذا أول مشروع بدأته حكومة الانقاذ الانقلابية بعد إستيلائها على السلطة ،هو مشروع تفكيك محطة سكة حديد عطبرة للتخلّص من العمالة الضخمة أو بالأحرى من نقابتها المزعجة والتي تم حلَّها ضمن كافة النقابات المهنية مع أول بيان للانقلاب، وفعلاً تم نقل رئاسة السكة حديد بورشها وإداراتها كخطوة أولى الى العاصمة الخرطوم ،لتصبح محطة عطبرة مقفرة وكأنها إحدى (محطات النمر) التي تقع في تخوم الصحراء بين محطتي أبوحمد ووادي حلفا، وهذا الاجراء كان الهدف الاساسي منه هو التخلص من نقمة هذا النقابة التي لها تاريخ مشرِّف في إسقاط الحكومات القمعية العسكرية المستبدة ، وكان هذا الاجراء أيضا بداية النهاية للتخلص من سكك حديد السودان عامة ،بغرض التخلَّص من عمالتها الذين يشكِّلون خطراً على نظامهم . ولكن هذه المدينة (أم المدائن)عطبرة التي قامت على أكتاف السكة حديد ،والتي لها اثرها في الثقافة السودانية والحركة السياسية والنقابية والثورات العُمَّالية على مر التاريخ، والتي شكَّلت الهوية السودانية والوجدان السوداني، وعملت على رتق النسيج الاجتماعي، وأورثت الأجيال المتعاقبة حب الوطنية والنضال على مر الزمان لم تستسلم بعد تفكيك سكك حديدها .كيف تستسلم وكل طفل يولد فيها يفطم على حب النضال والحرية؟ ولهذا أصبحت فكرة الثورة والتحرَّر من ظلم الحكم الاستبدادي متجذراً بالفطرة في كل شبل يولد في هذه المدينة، ولهم الفضل يعود في إشعال الشرارة الأولى لثورة ديسمبرالمجيدة ، بتلك المظاهرات الضخمة التي خرجت فيها عطبرة عن بكرة أبيها وتم خلالها حرق أول رمز من رموز الكيزان ،وهو مبنى المؤتمر الوطني الضخم بوسط المدينة .
الآن وبعد أن دانت الحياة للثوّار وبعد تكوين الحكومة الإنتقالية ، فقد وقع الإختيار على الكنداكة الثائرة الدكتورة آمنة المكي في تكليفها على قيادة هذه الولاية العصِيَّة ،وذلك بتوليتها منصب الوالي للفترة الانتقالية .ولكن هذه الثائرة الفتيِّة عرفت من أول وهلة أنها تسير فوق مجموعة من الألغام ، ولكن طالما شخَّصت الدّاء فالعلاج يسهل أمره ،ولا غرو في ذلك بحكم أنها طبيبة بشرية وسيكلوجية وقيادية مجتمعية من الطراز الأول .فلقد عرفت أن أول لغم في طريق نجاحها وعملها هم عناصر النظام البائد وخاصة من فئة العساكر الناقمين بسبب إعفاء واليهم العسكري لانهم لا يؤمنون بالحكومة المدنية، فلقد أبدى هؤلاء العساكر نوعاً من التمرَّد الخّفِي ، وقد تمثَّل ذلك في انسحاب كافة الوحدات والعناصرالعسكرية التي كانت تقوم بحراسة المدن الرئيسة بالولاية (بربر) ومدينة عطبرة من مقارتمركزها، مما عرَّض أحدي مخازن النُقود بالدامر الى السرقة كما صرَّحت بذلك الوالية د/ آمنة المكي .
وأيضاً في أول إجتماع للحكومة خزلت اللَّجنة الأمنية الوالية ، بعدم حضورهم الاجتماع بتوجيهات من قيادتهم العليا ، ولكن الوالية لم تعر إهتماماً يذكرعلى هذا التمرَّد الخفي وصرحت بذلك قائلة : إن كانوا يريدون أن يتركوا الحراسة وعدم المشاركة في الاجتماع كان عليهم من باب الأصول ان ينسِّقوا مع الولاية ،ولكن هذا التصرّف منهم لا يعتبر تصرُّف عقلاني .
هذه الوالية تعرف طريقها جيداً وتعرف كيف تسير فوق ألغام الكيزان، وقريباً جداً ستسير فوق جماجمهم بعد تكسير أجنحتهم، وقد أصدرت قرارات حاسمة وهامة جداً من شأنها تفكيك الدولة العميقة بالولاية ،وقريباً سيتم تشكيل لجنة استرداد الأموال المنهوبة من الولاية ومحاسبة كل من إمتدت يده الى مال عام ، ومن القرارات القوية التي تنم على تجفيف منابعهم المالية، قرارها بإلغاء كافة تصاريح محطات الوقود بالولاية والتي تعتبر معظمها حكر على الكيزان .
في تقديري الوالية الجديدة لنهر النيل د آمنة المكي تستحق أن تُلقَّب بذات اللّقب الذي أُطلق على زعيمة بريطانيا (مارغريت تاتشر) بالمرأة الفولاذية .
بكل تأكيد بتعاون الجميع وخاصة قوى الحرية والتغيير وبمعاضدة لجان المقاومة ستشهد الولاية تطوراً وتنمية في كافة المجالات ورخاءاً في معايش الناس لانها دائما تصرَّح بأن أهم الاولويات لديها معايش الناس ،وتثبيت الحكم المدني ،وتفكيك النظام البائد.
نسال الله لها التوفيق والسؤدَّد .

أ/ عوض كفي
[email protected]

‫4 تعليقات

  1. يجب على كل ابناء عطبرة من ذوى الخبرات المختلفة (( من الاحرار الثوار الذين ابعدهم تنظيم الاجرام الكيزانى )) وما أكثرهم !!
    الوقوف خلف والى الولاية بالرأى …وطرح كل سبل وطرق وادوات ” تنظيف” الولاية من( اوكار/وصوامع/وبيع/ومعابد/وجحور….الآفلين الكيزان من مدنيين ومليشيات وعسكر كيزان ,وارزقية،وتجار،والمؤلفة اخلاقهم كيزانيا ….عليهم غضب الله والعطبراويين جميعا )✌✌✌✔

  2. اللهم امين نسأل الله لها ولكنداكة الولاية الشمالية التوفيق
    وانا متفائل جدا ان الولايتين سوف تكون من انجح الولايات في تطبيق متطلبات الثورة
    غدا اجمل قادم بادن الله

  3. مع كل احترامي وتقديري لمدينة عطبرة مدينة النضال والجسارة ولكن عطبرة ليس حضارة نهر النيل بل مدينة الدامر هي عاصمة نهر النيل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..