مقالات وآراء سياسية

القراي واليسار ولخبطة الكيمان 

يوسف السندي

الباحثون عن إقصاء دين الأغلبية السودانية من خلال ربط الدين الإسلامي بنظام المخلوع، عليهم ان يعلموا ان الكيزان لا يمثلون الإسلام، والشعب السوداني لم يثر على الكيزان لاعتناقهم الاسلام وإنما لفسادهم وظلمهم واستغلالهم الدين لأغراض سياسية، لذلك لا داعي (للخبطة الكيمان)، من ثار من اجل العلمانية ومن أجل تطبيق مناهج مخالفة لدين الأغلبية السمح ومنحازة لفكر أقلية شاذ كان عليه ابتداءا ان يرفع هذه الشعارات في أيام الثورة، حتى اذا انتصر بها صدقناه، أو عليه ان ينتظر الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية ويقدم علمانيته ومنهجه في برنامجه الانتخابي للشعب والقرار بعدها للشعب ان يمنحه الضوء الأخضر لتطبيق برنامجه عبر الفوز او يسقطه في سلة المهملات، ولكن ان يخدع البسطاء بشعارات السلام والعدالة والحرية ثم حين يتم تنصيبه في موقع قومي إنتقالي يقلب لهم ظهر المجن ويعلن عن شعاراته الذاتية، فهذا يسمى سلوك انتهازي جبان، يؤكد حقيقة ان البعض لا يتعلم من دروس التاريخ شيئا.
لم تقم الثورة لأن الشعب السوداني يريد تبديل جلده الديني والتاريخي، بل قام الشعب السوداني بالثورة لانه عانى من إذلال سياسي وعوز اقتصادي وقهر وظلم. الدين والتاريخ لم يكن يوما مشكلة السودان، فالسودانيون صنعوا تاريخهم المشترك بالدماء والتضحيات، والتدين السوداني نتاج تراكم زماني ونشاط جماعات متدينة ظلت على الدوام في مقدمة المناضلين ضد الدكتاتوريات وأول المنادين بالحريات العامة، حتى الجنوب طيلة حروبه مع الشمال لم يكن يتحدث بصورة مستفزة عن طرد الدين، فهو ايضا كان يستمد قوته من أديان ومعتقدات المجتمع الجنوبي مثل الكنيسة والكجور وغيرها.
اليساريون السودانيون الذين يريدون تطبيق العلمانية وتغيير المناهج لتطابق مفهومهم الذي أسقطه داخلهم شعورهم بالانعزال من الشارع وفشلهم المتكرر في الانتخابات الحرة الديمقراطية، لا ينادون بالعلمانية من أجل سواد عيونها ولا يستهدفون المناهج من أجل خدمة الوطن، بل يتخذونهما مطية لهزيمة منافسيهم السياسيين من الأحزاب التي لها جذور تاريخية من التحالفات ذات الطابع الديني، وأقصد بالطبع تحالف الأنصار مع حزب الأمة القومي، وتحالف الختمية مع الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهي تحالفات جماهيرية طبيعية اوجدتها طبيعة المجتمع السوداني، تحالفات تشبه اخلاق وطباع السودانيين، تحالفات منضبطة بالقانون، مسالمة، متسامحه، لا تلعب في الظلام ولا تستخدم الانقلاب على الديمقراطيات وسيلة للتمكين كما فعل اليسار في ١٩٦٩، ولا تستخدم الدين في قهر الآخرين كما فعل اليمين في ١٩٨٩، فلماذا يهرب اليسار من مقارعتها في صندوق الانتخابات ويسعى عبر الانقلابات واستخدام مناصب التعيين في الفترات الانتقالية لترسيخ افكاره وفرضها على الجماهير؟!
الثورة الراهنة كانت ضد حكومة اسلاموية وهي فرصة يريد ان يغتنمها اليسار لصناعة القطيعة بين المجتمع ودينه ولذلك استخدم القراي كمخلب قط واختطف تجمع المهنيين ليعلن من خلاله دعم العلمانية، ليخدع بهما البسطاء من الشباب والجماهير، وربما سيقود مخططهم إلى انقلاب مشابه لما فعلوه في مايو ١٩٦٩ وإعلان جمهورية علمانية في السودان ذات مناهج مدرسية لا علاقة بها بطبيعة او ثقافة المجتمع السوداني، وهو امر لم يعد مستبعدا وخيوط مؤامرته تتكشف يوما بعد يوم.
لم نعد نخشى على الثورة من الكيزان، فهؤلاء قد اسقطهم الشعب ولم تعد لديهم الجراءة ولا القوة الأخلاقية والسياسية التي تجعلهم يتصدرون لقيادة الشعب مرة اخرى، ولكننا نخشى عليها من أصحاب الأجندة الرخيصة، متسلقي الثورات، المتهافتين، أصحاب الشعارات الفارغة والسلوك السياسي غير الأخلاقي، فهؤلاء هم آفة السياسة في بلادنا وأزمة بلادنا المزمنة التي تحتاج لعلاج شامل وكامل عبر البل ولا شيء سواه.
يوسف السندي

‫5 تعليقات

  1. أوضحت الأمور ووضعتها في نصابها تماما د.السندي ، أثبت الساسة السودانيين أنهم أنتهازيون ولا صبر لديهم لمواعين الديمقراطية، في 1989 كنا على وشك أن نجير أصواتنا للجبهة الإسلامية في الانتخابات القادمة ولكنهم ما صبروا وحرقوا كل مراكبهم في ثلاثين سنة، والآن كثير من القوى أحترقت وأبانت وجهها القبيح حتى حزب المؤتمر السوداني الذي كنا نعتقد أنه فرس الرهان كبا على وجهه ، ويبدو أن أمد الله في الآجال ويسر الله قيام أنتخابات نزيهة بعد حين أن الأنصار والختمية موعودين بنصر سهل وتسيد للساحة بعد هذا الضجيج والجن البتعرفه ولا هذه الأجنة الشائهة ..

  2. والله يا السندي الليلة بالغت عديل. خلاص يعني داير تغير اتجاه الثورة عشان تبل “اليسار العلماني” وتنسى موضوع الكيزان. دي شفقة غريبة!
    عشان ما أظلمك كلامك فيه بعض الحقيقة، كل الطبقة السياسية الموجودة ما بتمثل الشعب السوداني ودا مغزى طول الفترة الانتقالية المفروض تظهر قوى جديدة أو تيارات جديدة داخل الأحزاب بعد غياب طويل عن الجو الديموقراطي. لكن لو قسنا المسافة بين الأحزاب الموجودة والثورة بنلقى إنو “اليسار العلماني” دا هو الاستمر في الإيمان بالشعب على طول خط العهد المظلم وما هادن أبداً في يوم من الأيام. ناسك البتسوق فيهم ديل الشعب فقد آخر أمل فيهم من أيام بوخة المرقة وناس عبد الرحمن الصادق وجعفر الصادق. شفت وديتنا وين؟ أسي دا وكت خلافات حزبية؟ وكمان مركب مكنة دينية بعد شوية تقول لينا مريم أمل الدين ومرشح الصحوة الإسلاميّة!
    قول رايك في المناهج بدون محاولات استغلال سياسي للمشاعر الدينية لأنو دا شغل الكيزان ذاااااتو، وورينا كيف وصلت لـ”مناهج مدرسية لا علاقة بها بطبيعة او ثقافة المجتمع السوداني”. لوحة مايكل أنجلو بس؟

  3. يا السندى انت نفسك باسلوب كتاباتك و سطحية تناولك للامور نتاج ) -by-productثورة الانقاذ التعليمية.

  4. يا سندي انت اتفه من التفاهة واليسار الانت قاصده هو الحزب الشيوعي وانت والمحرشنك سواء أكانوا اولاد بمبه او حميرتي وغيرهم من اللصوص وساقطي الاسلاميين بتناطحوا في الصخرة التي تحطمت عليها كل السيوف الصدئة.

  5. # أيها السندي!!! شكلك محتاج سندة!!! وشكلك خارج الشبكة!!! فما هو دور اليسار أو اليمين..في وضع مناهج تقوم به لجان متخصصة من الخبراء!!! يعني عمل فني لكل مادة تقوم به لجنة بها حوالي سبعة من علماء التخصص المعني!!!
    # مع انني لست يساريا.. لكن شكلك غائر علي اليسار..الذي ظل ومازال يمثل صمام امام هذه الثورة!!! شاء من شاء وابي من أبي!!! ودائما يقف مع الشارع الذي لا يخون!!! والشعب السوداني ذكي ولماح ويميز الأدوار جيدا!!! وان كان ببعض كتابه عمي الوان!!!
    # اما أحزاب الفكة التقليدية التي تتباكي عليها…فصندوق الانتخابات هو الفاصل الذي يحدد الأوزان..ويضع النقاط فوق الحروف!!! والحشاش يملأ شبكته!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..