كابلي مواهب مُتدفِّقة.. وصوت دخل في الوجدان:.. ما هي قصة رائعة يزيد بن معاوية (وأمطرت لؤلؤاً)؟!!

إعداد: عيسى السراج
كما هو معلومٌ لأهل العلم والثقافة والأدب، فإنّ الفنان القمة المبدع عبد الكريم الكابلي تغنى بأشعار فحول الشعراء العرب أمثال يزيد بن معاوية في رائعته (وأمطرت لؤلؤاً) وأبو فراس الحمداني في (أراك عصيَّ الدمع) والمتنبي في (أرى ذلك القربى صار ازورارا) وجال ماء الشباب وعمرك الله هل رأيت بدوراً..؟! كذلك تغنى الكابلي بروائع ابن سناء الملك (كللي يا سحب تيجان الربا) ومن شعراء مصر تغنى الكابلي بروائع المهندس علي محمود طه (الجندول) وشذى زهرٌ ولا زهرُ لعباس محمود العقاد وأيضاً (هذا يشيرُ الزمانِ) للعقاد.. وغنى الكابلي لأمير الشعراء أحمد شوقي (صدَّاح يا ملك الكنار).
هذا بخلاف فحول الشعراء السودانيين الذين تغنى الكابلي بروائعهم أمثال الأديب السياسي مُحمّد أحمد محجوب في رائعته (إنني مذنب) والعباسي في رائعته (أرقتُ من طول هم بات يعروني) والفيتوري في رائعته (سلطان العشاق) وتوفيق صالح جبريل في رائعته (كسلا أشرقت بها شمس وجدي) والناصر قريب الله في رائعته (أيُّ حَظٍّ رُزِقْتِهِ في الكمال) والدكتور محيى الدين صابر في رائعته الوطنية (صرخةٌ روَّت دمي) ومولانا الحسين الحسن في رائعته (إني اعتذر) وتاج السر الحسن في أنشودة (إلى آسيا وأفريقيا) وحسن عباس صبحي في (ماذا يكون وطائر الهوى) وإبراهيم عوض بشير في (مسرح الارام وسلمى) وادريس جماع في (ماله أيقظ الشجون) ومحمد المهدي مجذوب في رائعته (المولد) هذا بالإضافة للشعراء عبد العزيز جمال الدين في (لو تصدق) والتجاني حاج موسى في (عز الليل) وأبو آمنة حامد في (قم صلاح الدين وجمال العربي وصديق مدثر في (ضنين الوعد) والقائمة طويلة لست بصددها الآن وإنما بصدد رائعة يزيد بن معاوية (وأمطرت لؤلؤاً) فالقصيدة فاتنة وأفردت لها كتب البلاغة العربية مساحات كبيرة، وذلك لامتلائها بالصور والتشبيهات والاستعارات التي يتذوّقها الدارسون على أنّها نماذج لبلاغة التعبير الأدبي، والقصيدة تنسبها كتب التراث العربي ليزيد بن معاوية، بينما ينسبها آخرون لـ (الوأواء الدمشقي) وقد أكد عالما اللغة العربية السودانيان بابكر أحمد موسى وفراج الطيب السراج صحة الرواية الأخيرة.
المهم إن صدقت النسبة لـ (يزيد بن معاوية) فهو شاعرٌ أصيلٌ ومطبوعٌ وله أسلوبه الشعري المتميز فلنتابع ماذا يقول:
وأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ
وسقت ورداً، وعَضَتْ على العُنَّابِ بالبردِ
وكثيراً ما تتملك الأدباء الدهشة والغرابة لهذا الشاعر الذي أجاد في وصف محبوبته وهي تبكي وتنتحب، فصور دموعها لؤلؤاً.. وعينيها نَرْجِساً.. وخَدَّيْها ورداً.. وشفتيها عُنًّاباً.. وأسنانها برداً.. وكل هذه الصور المجتمعة جاءت في بيت واحد.. والشاعر يزيد بن معاوية وهو ثاني خلفاء بني أُمية تولى الحكم بعد وفاة أبيه معاوية وهو الذي ? أي يزيد ? شبَّ في رفاهية ونعيم وهناء وسعادة لا مثيل لها.. وفي هذه المساحة أقدم بعض أبياتها ذات العاطفة الرقيقة التي تمثل عاطفة أبناء القصور..
نالت على يدها ما لم تنله يدي
نقشاً على معصمِ أوهت به جَلَدي
كأنه طرقُ نملٍ في أناملها
أو روضةٌ رَصًّعتْها السحب بالبرد
وقوسُ حاجبها من كل ناحيةٍ
ونبلُ مقلتها ترمى به كبدي
مدًّت مواشطها في كفها شركا
تصيد قلبي به من داخل الجسد
أنيسةٌ لو رأتها الشمسُ ما طلعتْ
من بعد رؤيتها يوما على أحد
سألتُها الوصل قالت: لا تُغرِّبنا
مَنْ رام مِنّا وصالاً ماتَ بالكمدِ
قالت لطيف خيالٍ زارني ومضى
بالله صِفه، ولا تنقص ولا تزدٍ
فقال: خَلًّفْتُه لو مات من ظمأً
وقلتِ: قفْ عن ورود الماءِ لم يردِ
واسترجَعتْ سألت عني فقيل لها:
مافيه من رَمَقِ، دقًّت يداً بيدي
وأمطرت لؤلؤاً من نرجسَ
وسقت ورداً على العناب بالبردِ
نكتفي بهذا القدر.
التيار
و من الإبداع خال فاطنة والسيل بوبا و اَي صوت زار بالامس خيالي، وحسن عطية و الطريق الشاقي الترام. الكابلي فنان افريقيا و اسيا بجدارة. و مذيد من العطاء