أخبار السودان

في طريق الخلاص

قبل أن ينقضي يناير كانت ثورة الشعب ترسِّخ خطواتها في طريق الخلا، لذلك جاءت مسيرة الخلاص الوطني الكبرى في الحادي والثلاثين من يناير الماضي كتجربةٍ أكثر تطوراً لحراك السادس عشر والسابع عشر من يناير بولاية الخرطوم، وإمتداد لمظاهرات الرفض بالولايات.
أكثر ما ميزها هو تزايد عدد المشاركين وتجاوب المواطنين الذين لم ينضموا للمسيرة عبر التلويح من أمام منازلهم أو من داخل المركبات العامة، ما دفع قوات الشرطة لإقتحام المنازل وتحطيم الأبواب بشمبات، وإلقاء البمبان بشكل عشوائي على المركبات . ربما كانت هذه سابقة سيكون لها ما بعدها ، فالنظام يمضي قدماً في تجاوزاته تجاه المواطنين . في ثورة سبتمبر 2013 لم تقتحم المنازل لإعتقال المتظاهرين إلا في بعض المناطق كحي ناصر بالخرطوم، ووقتها ذهب الناس إلى أن من إقتحم بيوتهم هي قوات الدعم السريع التي لا تلتزم بأعراف الشرطة في التعامل مع المظاهرات، تعرفوا عليها من زيها ومن لهجة أفرادها. يبدو أننا أمام تردي جديد للشرطة يلغي الفاصل بينها وهمجية الدعم السريع.
كان الناس في المسيرة ثابتي الخُطى، انعكس ذلك على إصرارهم على الإستمرار في التظاهر داخل الأحياء بعد القمع الشديد الذي وُوجهوا به من قوات الشرطة والأمن ، ومحاولتهم الوصول لميدان الرابطة شمبات (ميدان الشهيد هزَّاع) . وهنا لم تكن ثورة سبتمبر غائبة ، فقد كان هتاف المتظاهرين (يا هزَّاع حقك ما ضاع) ، في إشارة لشهيد ثورة سبتمبر ، الطالب بالمرحلة الثانوية هزَّاع ، ابن حي الشعبية بحري . الشعب يعي أن مقاومته للنظام منذ الثلاثين من يونيو 1989 تمضي بتراكم وبوتيرةٍ متصاعدة رافضة لبقاء النظام وماضية نحو التغيير ، لتبقى دماء الشهداء حاضرةٍ وقوداً للثورة .
نجحت المسيرة لحدٍ ما في استخدام الخطط البديلة ، فبعد احتلال ميدان الشعبية من قبل الشرطة ، انطلقت المسيرة من استوب شارع المؤسسة على طول شارع المعونة ، واستفاد المنظمون من وجود الشرطة بالجانب الشرقي للميدان فاستغلوا الجزء الغربي منه ، ثم تفرقوا بداخل الأحياء ، فتشكلَّت عددٌ من التظاهرات واستمرت لفترات طويلة .
الإقبال الكبير من المواطنين على مسيرة الخلاص الوطني تلبيةً لدعوة قوى المعارضة ، يؤكد أن الحراك السابق قد قطع شوطاً في عودة ثقة الشارع بقواه السياسية واستعداده للمضي قدماً في مسيرة الخلاص . ولعل الحكومة أدركت ذلك فغطت منطقة بحري بأعدادٍ كبيرة من قوات الشرطة وناقلاتها ، وأفرطت في استخدام القوة لقمع واعتقال المتظاهرين .
كان حراك الحادي والثلاثين من يناير الماضي هو الأقوى ، يحتاج للإستمرار ولمزيدٍ من التعبئة في أوساط المواطنين بالأحياء والأسواق وغيرها من أماكن التجمعات . وكانت زغاريد النساء بشرى فالٍ تحتفل بفجرٍ آتٍ لا محالة .
ستنطوي هذه الصفحة ، وسنحدِّث ابناءنا وبناتنا أن طاغية اسمه البشير قد حكم السودان يوماً فقتل وسرق وفاق في سوئه كل التوقعات ، وأنه في يناير 2018 قبيل سقوط حكمه أطلق يد زبانيته فتسوروا المنازل واعتقلوا النساء والفتيات اليافعات ، فكانت المرأة تُلقى في السجون وطفلها الرضيع يواصل الليل بالنهار بكاءً ، اعتقل الشيوخ وصغار السن والمرضى ، واستعمل الصاعق الكهربائي لتعذيب المعتقلين والمعتقلات .
وفي أواخر عهده فقد السيطرة على اقتصاد البلاد فانهار الجنيه وارتفعت الأسعار بشكلٍ غير مسبوق ، حتى خاف الناس على أموالهم في البنوك فتزاحموا لسحبها .
وأن فترة حكمه تُدرَّس للطلاب كنموذجٍ لكيف يحكم الشيطان .

تعليق واحد

  1. “ستنطوي هذه الصفحة ، وسنحدِّث ابناءنا وبناتنا أن طاغية اسمه البشير قد حكم السودان يوماً فقتل وسرق وفاق في سوئه كل التوقعات ،…”
    لله درك.. ها أنت قد استهللت كتابة تاريخهم القيميء في لحظات نهاياتهم الوشيكة الى مزبلة التاريخ..
    سلمت يا سلمى..

  2. “ستنطوي هذه الصفحة ، وسنحدِّث ابناءنا وبناتنا أن طاغية اسمه البشير قد حكم السودان يوماً فقتل وسرق وفاق في سوئه كل التوقعات ،…”
    لله درك.. ها أنت قد استهللت كتابة تاريخهم القيميء في لحظات نهاياتهم الوشيكة الى مزبلة التاريخ..
    سلمت يا سلمى..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..