حدث دراماتيكي ..!

هنــاك فرق.

حدث دراماتيكي ..!

منى ابو زيد

الفقر والثراء، والخير والشر ? في الدراما المصرية ? متلازمات يصير المرء منها وإليها بتطرف دون أن يدخل المنطقة الرمادية الوسطى على حدود الأبيض والأسود .. دموع إلهام شاهين تغرق الشاشة عندما تكتشف ثبوت التهرّب الضريبي على يوسف شعبان، فينهار العالم وتتبدد الأحلام لأنّ شريك العمر مجرم خطير بحسب النهج الرسالي المتطرف الذي يتبناه المسلسل..! ثلاثون حلقة من الشر المحض والرفض القاطع لزواج ابن الذوات من الجميلة، بنت الحارة، ثمّ تحوّل متطرف لمواقف الحماة الشريرة في الحلقة الأخيرة.. ونهاية سعيدة تعاقب الثري الفاسد بالفقر أو السجن أو الموت، وتكافئ الفقير الشريف بتحقق أحلام الثراء..! بينما واقعنا يقول إنّ الخير والشر والفساد والفضيلة يمتزجان بنسب مختلفة داخل النفوس، وما ذلك التفاوت في سلوك البشر الخطائين إلا نتاج تلك الخلطة الواقعية.. وليس صحيحاً أنّ حقيقة الإنسان إمّا خير محض أو شر محض، بل بعض من هذا وشيء من ذاك..! هذا ما أراد أن يثبته الكاتب الأسباني خوان جويتيسولو (الكاتب الحر، الذي رفض قبل فترة جائزة القذافي العالمية للأدباء) حينما انتقد المسلسلات المصرية ? على خلفية احتفائه بالثورة المصرية – واتهمها بتخدير ذكاء وحساسية الشعوب العربية، وتغذية خيال الفقراء والمتسولين بحلم الحياة الأفضل على حساب طبيعة الواقع..! لكن التطرّف الذي هو واقع الشعوب العربية ? أبداً – ولسان حال مصر ما بعد الثورة، قد يغري بقراءة ثانية لحكايات الدراما المصرية المتهمة بالمشاركة في الفساد، شأنها شأن كل ما كان ينتمي إلى النظام السابق في مصر ..! الرحالة ابن بطوطة عندما زار مصر قال إنّ العجلة فيها تدور، وتدور، رغم استبداد العسكر وأنين الشعب، (بها ما شئت من عالم وجاهل وجاد وهازل).. أوليس هذا هو حال دراما أهلها..؟! أحداث وتداعيات الثورة نفسها تقول إنّ المصريين هم الشعب الوحيد الذي يشبه مسلسلاته..! إدارة سجن مزرعة طرة التي أرسل إليها كبار المسئولين في النظام المصري السابق، تعيش ? بدورها، هذه الأيام ? ثورة على النظام، بعد أن تظاهر المساجين القدماء (على طريقة عادل إمام الساخرة)، ورفعوا لافتات كتبوا عليها (السجن يريد ترحيل النظام) احتجاجاً على قرار نقلهم إلى سجون أخرى، وتهيئة عنابر السجن لاستقبال المزيد من رجال النظام السابق المتوقع صدور أوامر باعتقالهم على ذمة التحقيق..! يحدث هذا في أعقاب اعتقال رئيس الجمهورية السابق ونجليه، على ذمة التحقيق، وهذا هو بالضبط مناخ الحلقات الأخيرة في المسلسلات المصرية.. تنحي الرئيس كان الحدث (الماستر سين) .. واعتقال أفراد أسرته على ذمة التحقيق كان أول مشهد في الحلقة الأخيرة..! أمّا نحن فيبدو شروط (التماهي) الدرامي عندنا أكثر تعقيداً .. ناهيك عن (التماهي الثوري)، لذلك نحن مستمرون بالتفرج على أحداث/ مسلسلات مصر .. متكئين على الأرائك انتظار جودو ما .. ود دكين .. أو الدهباية ..!

التيار

تعليق واحد

  1. قولى متكئين على السراير…انتى منتظرة من دراميينا ديل يصنعو لينا ثورة زى المصريين ياختى احنا ما عندنا دراما عندنا عوارة وعورة….احنا محتاجين لينا لواحد مخرج زى خالد يوسف يجى يخرج لينا ثورتنا السودانية ..بس نجيبو من وييين….شولة ….ياختى البونى وييييين انشاء الله مايكون بعافية بس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..