مقالات سياسية

 شماتة غير مستحقة!!

تمور وسائط التواصل الاجتماعي بسيل عارم من الشتيمة والشماتة من نشطاء الحركة الاسلامية في مواجهة حكومة حمدوك والائتلاف الحاكم في محاولة منها لتأكيد فشل الحكومة الانتقالية وأنها المسؤولة عن معاناة وآلام المواطنين الحالية.

من الواضح أن شماتة الاسلاميين من آداء الحكومة القصد منها إحداث تخريب معنوي في أوساط أنصارها وتشويه صورتها تمهيداً لقيادة خطاب تعبئة واسع ضدها بغية إسقاطها ، ولكن السؤال الملح والذي يرفع عقيرته باستمرار هل الحركة الاسلامية مؤهلة لمحو وطمس تركتها الثقيلة وإرثها السالب وسط الرأي العام ؟

قبل الاجابة على هذا السؤال لا بد من التذكير بمدى التفريط الذي فرطته الحركة الاسلامية في السودان لتخرب مشروعها بأيديها، فالمؤتمر الوطني لم يتحمل وزر انفصال الجنوب وحده وإنما كل التفسخ والتمزق الذي حدث في البلاد و(تحديداً) المناطق المتأزمة وبسبب سياساته الخرقاء ما زالت دماء أبناء العمومة تسيل في الشرق والغرب والجنوب.

لا يحق للاسلاميين الشماتة على (قحت) ، فأموال البترول كانت تكفي لبناء سودان المستقبل لو أستثمرت في المشروعات الانتاجية ، وليس في ارضاء البارونات السياسية وسياسة فرق تسد التي شعبت ودولت القضايا السودانية فعزل السودان خارجياً وحوصر بالعقوبات التي كلفت الشعب السوداني كثير من ثرواته وسارعت بتدمير البنيات الاساسية للاقتصاد وأصبح السودان مديوناً بـ60 مليار دولار.

كانوا يجلسون في المؤسسات وكأنها ضيعة يمتلكونها يصرفون على مخصصاتهم ومواليهم دون الاهتمام بالمواطن ، خلقوا أجساماً موازية إمتصت الخزانة وأغدقت على أنصار المؤتمر الوطني بالنعم الجسام وملأت خزائن عضويته بالذهب ، يومها لم يهتمون بالوطن ولا القضية الوطنية ولو فعلوا لذلك لما خرج الشعب عليهم ، تصلبوا وانتظروا النهاية وكانوا مدركون أن (حمار الشيخ وقف عند العقبة).

كثيراً ما كان الخبراء يشيرون في عهد المخلوع (البشير) بأن قضية الاقتصاد السوداني لا تنفصل عن الواقع السياسي المأزوم والعلة في السودان في المقام الاول علة سياسية قبل أن تكون علة اقتصادية وأن  الأمر يتطلب إصلاحاً سياسياً مؤلماً وهذا هو المفقود لدى حكومته، التي لا ترى الأزمات إلا بمنظار ما يحقق لها البقاء بصرف النظر عن الضريبة التي يدفعها الآخرون من أفراد الشعب السوداني في سبيل ذلك.

كانت الحكومة ترى في المظاهرات الشعبية التي خرجت بسبب تداعيات قراراتها الاقتصادية التي مست الشعب السوداني ولم تمسها هي او منسوبيها أنها مظاهرات شذاذ الآفاق وأن قادتها عملاء وخونة مدفوعين من الخا رج وأحزاب المعارضة الذين خرجوا منها بسبب عدم الرغبة في الإصلاح السياسي مجرد موهومين ويريدون كراسي الحكم بأي وسيلة فكانت النتيجة والمحصلة النهائية هي الازاحة ، وبالتالي المطلوب من الاسلاميين مراجعة حصاد تجربتهم والوقوف على الأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها وهي السبب الأول في هذا الواقع الحالي ولو كانوا حاكمين لاشتد البؤس أكثر ، وإذا كان الحساب بالكليات فرفع إسم السودان من لائحة الارهاب وعودته مرة أخرى للمجتمع الدولي فقط يكفي الحكومة الانتقالية ويعصمها من الشماتة، ودونكم كثير من الدول التي عبرت واجتازت امتحان الانتقال في فترة أقلاها 7 سنوات وأثيوبيا القريبة برغم نهضتها ما زالت تواجه كثيراً من العثرات ورواندا برغم ازدهارها تئن بعض مفاصلها ..(ما شهدنا إلا بما علمنا).

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..