ارتفاع الدولار: من يقف وراء التحدي

الخرطوم:الراكوبة
تظل الحكومة المتهم الأول عندما يبدأ الدولار في تصاعده الجنوني بالسوق الموازي، حيث يلجأ المتعاملون بالنقد الأجنبي بالسوق إلى التستر خلف حجة أن الحكومة قامت بالدخول في السوق عبر طلبية ما لتغطية احدى احتياجاتها مما يتسبب في زيادة الطلب وسحب المعروض بغرض زيادة بسرعة الدانة في السعر كما حدث مطلع الاسبوع الحالي حيث وصل سعر الدولار مقابل الجنيه حاجز 430 جنيه بينما ظهر سعر اخر اطلق عليه سعر الحساب البنكي بواقع 425 جنيه ما أعاد للأذهان أزمة السيولة الحادة التي ضربت القطاع المصرفي في فبراير من العام 2018 أبان لفظ نظام الإنقاذ أنفاسه الأخيرة، وظهور سعرين الدولار ينذر بكارثة قادمة تكمن في اختفاء العملة السودانية من القنوات الرسمية.
وبالعودة إلى انهيار قيمة الجنيه كشفت جولة لـ (الراكوبة) بالسوق الموازي عن وجود عدة اسباب تمسك بها سماسرة النقد الأجنبي منها الطلب العالي علي الدولار من قبل الحكومة لنخليص بواخر وقود بالميناء بالرغم من الحكومة كشفت نهاية الاسبوع المنصرم أنها تحصلت علي مبلغ ١.٢ مليار دولار من وراء عمليات الشراء النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية علي خلفية اعلان سياسة تعويم سعر الصرف في فبراير الماضي ،والتي غطت منها اكثر من ٧٠٠ مليون دولار احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية.
ويقول الخبير الاقتصادي د. شوقي عزمي إنه طالما البنك المركزي لا يمتلك احتياطات كافية من العملات الحرة سوف يظل هنالك سوقين للدولار ، خاصة وأن الجهاز المصرفي لا يلبي كافة الاحتياجات للمواطنين الذين يستخدمون الدولار لاغراض مختلفة اما تخزين لحفظ القيمة او لوضعها في حسابات خارجية يستخدمونها في أساليب التهريب المباشر للدولار او عبر تهريب معدن الذهب .
وأكد شوقي لـ (الراكوبة) أن وجود احتياطي لدي البنك المركزي مع إجراءات إصلاحية في العملة يحد من الفجوة ما بين السوقين،لافتا الى ان الدولار في السوق الرسمي ارتفع بنسبة ١٥٪ عقب سياسات الينك المركزي الأخيرة خاصة تعويم سعر الصرف مما يعتبر مؤشر سلبي في السياسات النقدية المتبعة،وشدد على أهمية وضع سياسات تشجيعية من قبل البنك المركزي لاستقطاب السيولة الكبيرة خارج الجهاز المصرفي لجهة أن الدولار حاليا يتم استخدامه كسلعة في حد ذاته بقصد التربح من الفرق ما بين سعر الشراء والبيع، واعتبر ذلك واحد من أكثر الأسباب خطورة وأدت الى ظهور كم هائل من المواطنين يعملون كسماسرة في الدولار.
وفيما يتعلق اذا كان هنالك ايدي خفية تتبع للنظام البائد تقف وراء ارتفاع الدولار اجاب شوقي بانه لا يعلم من هم المتعاملون بالدولار بيد انه عاد واكد ان هنالك جهات عديدة لديها مصلحة للتجارة بالدولار سواء بغرض الأضرار بالإقتصاد السوداني أو بغرض الأسباب السابقة ذكرها.
والثابت ان سعر الصرف شهد استقرار ملحوظا واختفاء السوق الموازي زهاء الشهرين من اعلان سياسة توحيد سعر الصرف لينهض مرة اخري في ابريل الماضي علي خلفية ما يسمي بازمة السيولة للفئات الكبيرة التي يعاني منها الجهاز المصرفي وعزوف المواطنين من التعامل مع البنوك بسبب ما يحصلون عليه من فئات صغيرة مقابل عمليات التداول، فوجد الموازي ضالته في سبيل افشال السياسة ليستعيد بريقه من جديد بالرغم من محاولات البنوك في مجاراته في زيادة السعر هي الاخري بيد ان الفارق بينهما حاليا كبيرا.
ويري الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم ان الحكومة اتبعت طريقة خاطئة لتطبيق سياسية تحرير سعر الصرف في الحادي والعشرين من فبراير ،وقال لـ (الراكوبة) إنها نفس سياسة عهد الإنقاذ في اكتوبر ٢٠١٨م ،وتوقع أن يكون ذات الأفراد الذين طبقوا قرار آلية السوق في عهد الإنقاذ هم من قاموا بتطبيق سياسة تعويم الجنية في فبراير الماضي،وأشار إلى أنهم وقعوا في ذات الأخطاء السابقة لجهة أنهم لم يتبعوا سياسية تكاملية من ترشيد الاستيراد لتقليل استخدامات الدولار بجانب ان سعر الدولار الجمركي ما زال منخفضاً للغاية مقارنه بالسعر المعلن ،لافتا الى ان الحكومة قامت بطباعة النقود وتوفيرها للبنوك لتتمكن من شراء النقد الأجنبي من الجهمور بدلا من تغطيتها من إيرادات حقيقة من الجمارك، في ظل وجود ٩٠٪ من الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي، وقال (كان يجب على الدولة تغير العملة) واشار إلى تزايد عمليات السفر للخارج الأمر الذي يتوجب على الدولة فرض ضريبة تعويض للمسافرين في حدود ٢٠٠ دولار،وأكد أن سياسة تعويم الجنيه فشلت كما فشلت آلية السوق في اكتوبر ٢٠٠١٨م، واضاف ان الحكومة لم تستطيع استقطاب اموال من الخارج لجهة ان الخزانة الأمريكية وقعت مؤخرا قبل يومين علي وثيقة النظام المصرفي السوداني ورفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب.
واكد عادل ان الفرصة ما زالت مواتية لإعادة النظر من جديد في تنفيذ السياسة بطريقة صحيحة باعتماد سعر رسمي للدولاو وترك البنوك تحدد سعر كمؤشر من السوق الموازي تمنح منه خلال حوافز للجمهور،وقال ان دخول الحكومة في السوق الموازي ووجود أيادي للنظام السابق وراء زيادة سعر الدولار وارد بصورة كبيرة.



