خارج السياق: المناصير وهشاشة الفيدرالية

خارج السياق: المناصير وهشاشة الفيدرالية
مديحة عبد الله
الموقف الصامد للمناصير حول قضيتهم يوضح مدى الوعي الذي وصلت إليه حركة الجماهير وهى تخوض صراعها ضد سياسة المؤتمر الوطني، وتكشف بشكل كبير هشاشة النظام الفيدرالى الذي تدعي الإنقاذ إنها أرست قواعده، فلقد نفت اللجنة التنفيذية للمناصير( الخيار المحلي) توصلهم لاتفاق مع حكومة نهر النيل بصورة كاملة، وقال الناطق الرسمي باسم المناصير المعتصمين أمام مبنى حكومة الولاية الرشيد طه لـ(صحيفة التيار) الصادرة صباح أول أمس: إن الولاية سبق أن أرادت العمل في الخيار المحلي، لكن وصلها خطاب من وحدة تنفيذ السدود يفيد بأن السلطات والاختصاصات التى تتم بالقانون ولايمكن تعديلها أو إلغائها إلا بتعديل إو إلغاء القانون، وفيه ما يفيد بعدم امكانية نقل هذه السلطات والاختصاصات لولاية نهر النيل دون مسوغ قانوني، وقال : إن على الولاية أن تكسب الزمن إن أرادت حل القضية والسعي للمركز والعمل على تحويل القوانين والصلاحيات بدلا من تضليل الرأي العام بحديث مكرر.
ذلك الحديث يكشف ليس فقط هشاشة النظام الفيدرالي وإنما نفوذ وحدة تنفيذ السدود التي أصبحت دولة داخل دولة، ويحيل أمر المواطنين في ولاياتهم ليس للمركز فحسب إنما لمراكز قوى لا تخضع لقانون، ويوضح ذلك حالة الشلل التي أصابت حكومة الولاية بل والحكومة الاتحادية في معالجة الأمر الخيار المحلي، ولو كانت الفيدرالية مؤسسة على أسس ديمقراطية لما وجدت مشكلة في الأصل لأن مشاريع التنمية تتم بالمشاركة المجتمعية والحقوق والواجبات واضحة بموجب الدستور والقوانين، والولايات تملك سلطة مجابهة كل الصعاب التي تظهر أثناء تنفيذ المشاريع لضمان حقوق سكان الولاية وفى إدارة مواردها دون تعسف من المركز أو أي جهة أخرى.
والمركز عوضا عن توزيع السلطات لصالح الولايات يتم توزيعها لصالح كيانات يفترض أن تخضع لسلطة القانون ويؤدي كل ذلك لتعقيد مشكلة المناصير الذين باتوا يواجهون تعدد إرادات متشابكة المصالح، وفي حقيقة الأمر إنها مشكلة كل أهل السودان الذين تضيع حقوقهم بينما تتبدد جهودهم لاستردادها من دهاليز السلطة، واعتقد إن حالة المناصير تصلح ان تمثل نموذجا لهشاشة الفيدرالية تحت سلطة الانقاذ.
الميدان