كشف حال..!ا

العصب السابع

كشف حال..!!

شمائل النور

الشعب له حق أن يُملّك كل المعلومات المطلوبة، ليس حبًا وتتبعًا لأخبار الحكومة؛ لكن فقط لأنه هو المحكوم فينبغي أن يكون على علم بما يحدث بشأنه.. فتجهيل الشعب وتغبيش المعلومة هو أحد كوارثنا التي تزيد من أزماتنا السياسية يومًا بعد يوم. دار جدل واسع حول قانون جديد للصحافة يحل محل الحالي الذي نحن الآن نكتب تحت ظله إلى أجل مسمى.. قانون جديد لزوم الجمهورية الثانية التي لم يُشرّع دستورها بعد ولم يُعرف أسودها من أبيضها، فلماذا العجلة والتسابق نحو قانون للصحافة والدستور الذي يُشرع كل القوانين لم يُكتب بعد ?ظاهرياً- .. طبعاً من السذاجة أن يفتكر أحدنا أن القانون الجديد سوف يتيح له المزيد من الحريات حتى يمارس الإعلام سلطته الفطرية، ورغم أن رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان اعتبر أن الانتقادات التي وجهها بعض الصحافيين للقانون الجديد ما هي إلا سوء ظن بالبرلمان.. إلا أن سوء ظن في محله لسببين، الأول..إن القانون الجديد أو لنقل التعديل لم يطالب به الصحافيون والذي يُفترض أن يكون لهم مصلحة في القانون الجديد، القانون الجديد تتم صياغته تحت رعاية البرلمان “الحكومة” وجهاز الأمن الذي يقوم بدور الرقيب ويصدر الأوامر بإغلاق الصحف ومصادرتها بعد الطبع واعتقال الصحافيين، فطالما أن القانون عماده دروع حماية الحكومة فلا بد من سوء الظن، وسوء الظن من حسن الفطن لا سيما في وضع يتطلب من منّا أن نرفع سقف توقعاتنا السيئة… ذاك السبب الأول، والسبب الثاني وهو المهم على الإطلاق، الهجوم الاستباقي الذي تشنه الحكومة من كبيرها لغفيرها على الإعلام والصحافة… نائب الرئيس هاجم الصحافة المحلية ووصفها بأنها تؤدي دوراً في إثارة الفتنة، النائب لم يكن مباشراً في حديثه بما يكفي، فكان الأفضل حتى لا تصبح هناك فتنة أن يحدد أية فتنة يقصد، هل الفتنة بين شرائح المجتمع متعدد القبائل مثلاً أم الفتنة بين تيارات الحكومة المتصارعة، أم الفتنة بين وزير ومستشار رئيس مثلاً، وأية صحيفة محلية يقصد النائب مثلاً حتى لا يكون التعميم مخلاً ويدع المجال للتكهنات التي من شأنها أن تثير نيران الفتنة، والي الخرطوم انتقد قبل يومين أداء الصحافة ودمغه بجملة تعني أن المسار المتبع في الأداء الصحفي غير قويم فقط لأن بعض الصحافيين سألوه عن سيارته الفارهة، سؤال واحد من صحفي واحد لم يرض الخضر فجعله ينسف كل الأداء الصحفي ويصف كل الصحافيين بالاهتمام بظاهر الأشياء وترك الجوهر، مع أن الخضر يعلم تماماً أنها ليست الحقيقة بل هي ليست ظاهر الأشياء، فالحكومة التي تطالب شعبها بالتقشف عليها أن تتقشف هي أولاً. باختصار الهجوم الحكومي من الكبار ما هو الا تمهيدًا لقانون جديد والمزيد من التضييق وخنق الأقلام، وباختصار أكثر فإن الحرية التي منّت بها الحكومة على الصحافة مؤخراً برفع الرقابة الأمنية على الصحف والكشف بالمستندات أن روؤساً كثيرة متورطة في فساد يُرى بالعين المجردة، هذا “السنت” من الحرية جعل الصحافة تخرج زفيراً لم تحتلمه الحكومة، فتحولت حرية الصحافة في نظرهم إلى كشف حال، فالطبيعي هنا أن يُطبق فقه السُترة.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..