عيد الأضحى بعيدا عن الوطن… نازحات سودانيات بلا فرحة

بعد أن استطعن الهرب من السودان، تعيش 3 سيدات سودانيات نازحات في مقر “مبادرة لكل لاجيء ومهاجر” في مدينة السادس من أكتوبر في القاهرة، وبشكل مؤقت حتى يحصلن على عمل يوفر لهن إيجار مسكن.
تقيم السيدات الثلاث وأطفالهن السبعة في حجرة واحدة، هي التي استطاعت المبادرة توفيرها لهم. وزارت “سبوتنيك” السيدات الثلاث وأسرهن في مقر سكنهم المؤقت ليتحدثوا عن عيد الأضحى بعيدا عن الوطن.
مبادرة لكل لاجئ
حنان محمد، نازحة سودانية وأم لطفلة وحيدة، قالت: “جئت إلى مصر نهاية مايو الماضي، لم يكن لدينا أي مأوى في مصر، وتواصل معنا أعضاء مبادرة لكل لاجيء ومهاجر، واستضافونا في مقر المبادرة في مدينة 6 أكتوبر”.
قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي) – سبوتنيك عربي, 1920, 27.06.2023
قوات الدعم السريع تطلق سراح 100 أسير من الجيش السوداني
أمس
أما منى عبدالله، نازحة سودانية وأم لخمسة أطفال، فقالت: “تعرفت على العائلتين الأخرتين اللتين تعيشان في سكن المبادرة في مصر، لم يكن أي منا يعرف الآخر في السودان، فكل منا كانت تسكن في مدينة مختلفة”.
ذبح الأضحية
وعلقت غادة محمد، نازحة سودانية وأم لطفل واحد، عيد الاضحى في السودان جميل جدا، من حيث كونك تعيش في بلد وتسكن في منزلك ومع أهلك، بالطبع هذا هو العيد المثالي بالنسبة لنا.
وأضافت منى عبدالله، قائلة: “في أول أيام عيد الأضحى نذهب للصلاة أولًا، وبعد صلاة العيد نقوم بذبح الأضحية، ثم تبدأ أول العادات السودانية الخاصة بالعيد وهي “السبع كومات”، حيث تقسم كل أسرة لحم الأضحية الخاصة بها إلى 7 أقسام، ونقوم بتوزيع كل قسم على الجيران والأهل.
العادات السودانية
أما أهم العادات السودانية في عيد الأضحى، فقد أوضحت حنان محمد، قائلة: “المرور على الأهل والجيران وتحيتهم، حيث نجتمع في كل يوم من أيام عيد الأضحى في منزل أحدنا، ففي اليوم الأول نجتمع لدى الوالد، ثم لدى الأخت الكبرى ثم الأخت الصغرى وهكذا”.
وعلقت غادة محمد، قائلة: “بالطبع هناك اختلاف كبير في عادات عيد الأضحى بين مصر والسودان، وعلى رأسها طريقة إعداد الطعام لعيد الأضحى، فمثلا نحن نقوم بشواء اللحم، كما نطهيه باستخدام زبدة الفول السوداني، أما في مصر فغالبية طعام العيد يعد بطريقة مختلفة، حيث تقوم السيدات المصريات بسلق اللحم، والأهم أننا في السودان لا تأكل الأسرة طعام العيد وحدها، بل يجب أن يكون تناول الطعام بشكل جماعي سواء مع الأهل أو الجيران”.
وأضافت غادة: “لدي طفل يبلغ من العمر عام ونصف، في العيد الماضي لم يكن يستوعب أي شيء، أما هذا العام فهو مدرك لكل عادات العيد من حيث ارتداء ملابس جديدة، واللعب وسط الجيران. لكن هذا العام لن نستطيع أن نوفر له طعاما جديدا، حتى والده لن يستطيع أن يستمتع معه بالعيد لأنه في السودان ولم يتمكن من النزوح منها، والآن طفلي يبحث عن والده حتى أنه ينادي أي شخص يمر بجانبه ويدعوه أبي، ويسأل عن ملابس العيد، لكنني للأسف لن أستطيع أن أوفر له ذلك”.
ملابس جديدة
وذكرت منى عبدالله أنها تحدثت مع أطفالها وأنهم يعرفون أن بلادهم تعاني ويلات الحرب، وأضافت: “شرحت لهم أننا لا نملك أية أموال لشراء ملابس العيد، ولا توجد سيدة بيننا تعمل بعد، لكننا نعرف كأمهات أن كل هم الأطفال في العيد هو الملابس الجديدة واللعب واللهو، ولن نستطيع أن نوفر لهم ذلك”.
وأشارت حنان محمد إلى هروبها وأولاودها من “الرصاص”، وقالت: ” كنا نمر بين الجثث، وبالطبع لم أهتم بجلب ملابس أو أموال، كل ما استطعت أن أحضره هو الملابس التي ارتديها وجوازات السفر لي ولابنتي”.
وأضافت: “هذا أول عام لنا في مصر، ولم نحضر العيد هنا ابدًا، لكن بالطبع العيد في السودان أفضل لنا، لأنه سيكون وسط أهلنا وجيراننا، وبالنسبة لأطفالنا العيد في بلدهم بالطبع أفضل”.
مساعدة الفارين من الصراع
واختتمت حنان محمد الحديث، قائلة: “أكثر دعاء سأدعيه في صلاة العيد هو أن يزيح الغمة وتعود بلادنا بلا حرب لنستطيع أن نقضي عيد الأضحى المقبل بين أهلنا وفي منازلنا”.
والعمليات العسكرية الدامية التي يشهدها السودان حاليا، قد ألهمت مجموعة من اللاجئين المقيمين في مصر لتأسيس مبادرة إنسانية تتضمن إنشاء غرفة طوارئ لمساعدة الهاربين من الحرب في السودان، كما أبلغوا منظمة الأمم المتحدة كمنظمة مسؤولة عن اللاجئين بتلك المبادرة الإنسانية.
مبادرة إنسانية
وبحسب تصريحات محجوب محمد، رئيس مبادرة “اتحاد قادة أكتوبر”، إلى “سبوتنيك”، فإن مبادرة الاتحاد الذي تشكل من تحالف 22 مبادرة تتبع مجتمعات اللاجئين في مدينة السادس من أكتوبر قرب العاصمة المصرية، بعضها مكون من لاجئين سودانيين، وبقيتها من لاجئين من جنسيات أخرى.
من جانبه، أوضح جبريل بيلا، مسؤول الاتصال في المبادرة، أن غرفة الطوارئ مسؤولة عن متابعة صفحات التواصل الاجتماعي التي تم تدشينها للتواصل مع الناجين من الحرب والأحداث الأخيرة في السودان.
استمارة استبيان
وأضاف جبريل أن الاتحاد صمم استمارة استبيان وضعت على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ومن خلالها يتم التواصل مع الفارين من السودان.
وصرح عماد الدين عثمان، مسؤول الخدمات في المبادرة، وذلك في 30 أبريل/ نيسان الماضي، قائلا: “استقبلنا نحو 3 حالات حتى الآن، لكن لدينا تواصل مع عدد كبير يتوقع وصوله إلى مصر من السودان، لدينا احتياجات عديدة للتعامل مع هؤلاء الفارين من السودان، على رأسها السكن والمأكل والمشرب وتوفير مكان آمن وكذلك نشر التوعية بين القادمين من السودان”.
وحول الحالات التي وصلت للاتحاد، قالت سلسبيل عبد الله، مسؤولة الدعم النفسي في المبادرة، في البداية نرحب بهم ونطمئنهم ونشعرهم بالأمان، وبالتأكيد منذ اندلاع الاشتباكات في السودان عانوا ويلات كثيرة، وبالطبع ستكون حالتهم النفسية سيئة جدا، وكذلك صحتهم البدنية.
الدعم النفسي
وتضيف سلسبيل، قائلة: “دورنا في الدعم النفسي أولا ألا نذكرهم بما عانوه خلال الاشتباكات، وخاصة الأطفال، لأنهم بالطبع مصابون بالهلع والرعب، وبعضهم مر بظروف صعبة، حيث اضطر الأطفال للتخفي لينجو من الموت، وهم يأتون محملين بكل تلك الصور في أذهانهم”.
ويرى مصعب بندر، مسؤول التبرعات في المبادرة، أن “الإنفاق على المبادرات يتم بشكل ذاتي عن طريق جمع التبرعات، حيث تبرع القائمون على المبادرة التي تشكل منها الاتحاد بمبالغ مالية، انطلاقا من مسؤولياتنا كمجتمع لاجئين تجاه الفارين من الحرب، وبعضنا سوداني الجنسية”.
واختتم عماد الدين عثمان تصريحات زملائه بمناشدة الحكومة المصرية والسفارة السودانية في القاهرة، بالنظر في أمر بعض النازحين الذين لم يتمكنوا من اصطحاب أوراق ثبوتية معهم للمعابر بسبب الاشتباكات الدائرة في السودان، والتي باغتتهم، وطالب كذلك بمحاولة علاج المصابين منهم بأسرع وقت حتى يتم حل أزمة أوراقهم الثبوتية.
شؤون اللاجئين
وفي السياق نفسه، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الثلاثاء، أن عدد الفارين من السودان قد يتجاوز المليون شخص نتيجة للصراع الدائر في البلاد.
وبحسب إحصاءات المفوضية، في السابع والعشرين من شهر مايو/ أيار الماضي، بلغ عدد الفارين من السودان إلى مصر ما يقرب من 113 ألفا، ليمثل معظمهم اللاجئين وطالبي اللجوء السودانيين.
ومنذ 15 أبريل الماضي، تدور اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من أنحاء السودان، حيث يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية، بينها القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات الدعم السريع، وعدد من المطارات العسكرية والمدنية.
واتفق طرفا النزاع عدة مرات على وقفٍ لإطلاق النار دون التقيد به.
سبوتنيك