أخبار السودان

فقر الدم الجماهيري في الساحة السياسية

جمال علي حسن

شواهد كثيرة تؤكد عدم وجود تفاعل جماهيري مع أي فعل سياسي يحدث في السودان الآن.. نعم توجد خرط وأوراق ومواثيق وعناوين سياسية عديدة ما بين فضاءات الحكومة والمعارضة، لكن وبعملية فحص بسيطة وملاحظة للتحقق من الأوزان الشعبية لأي حزب من هذه الأحزاب الموالية أو المعارضة تكتشف أن جميع القوى السياسية الموجودة في الساحة ليست سوى فعل إعلامي وإعلاني ولافتات بارقة وعمامات بيضاء لعدد محدود من القيادات وشريحة أو نخبة تمثل رؤوساً بلا أرجل..
طبعاً هذا الكلام لن يعجب أحداً حاكماً أو موالياً أو معارضاً أو حاملاً للسلاح.. لأن حالة فقر الدم الجماهيري في الكيانات السياسية منسوخة بالكربون في القوى والكيانات المسلحة أيضاً والتي ليست لديها جماهير ولا جيوش جرارة من المتمردين.. فقط لافتات وبعض المظاهر العسكرية المتواضعة الحجم والأثر .
الساحة السياسية في السودان صريعة جماهيرياً مثل حلبة مصارعة حرة يستلقي جميع المصارعين بداخلها على الحلبة بعد عراك عشوائي عنيف فيما بينهم ولا يعرف الحكم الحائر من هو المنتصر..!
وهذا الاتهام العام يمكن استخدامه من أي طرف في الرد على من يتهمه بأنه هو الفقير جماهيرياً أو يدعي امتلاك جماهير ويزعم أن له وزنا جماهيريا حقيقيا الآن..
كيف يكون لمعارضة المعارضة أو تلك المعارضة ذات الصوت الإسفيري العالي وزن جماهيري وقد فشلت عريضتها المناوئة لعريضة رفع العقوبات عن السودان فشلت في جمع ألف توقيع فقط من جميع بلاد العالم .
وكذلك عريضة رفع العقوبات نفسها لماذا لم تنجح في جمع العدد المطلوب بسهولة – مائة ألف صوت إسفيري في تصويت مجاني لدعم موقف وطني مهم هو رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟.. أين هي المشكلة؟.. هل هي حالة يأس وإحباط شعبي عام في السودان؟..!
استطلاع رأي حول مصير الحوار موجود في موقع الحوار الوطني السوداني على الإنترنت لم يصل جملة المشاركين في هذا الاستطلاع حتى الآن وهو مستمر منذ نوفمبر 2015 لم يشارك بالتصويت فيه سوى 800 شخص حتى اليوم..!!
حالة الفقر الجماهيري تشمل الجميع اختلفوا أو تحالفوا فالنتيجة واحدة؛ رؤوس بلا أرجل وبلا قواعد جماهيرية.. قوى المستقبل.. قوى الإجماع.. جبهة عقار.. جبهة جبريل.. الصادق.. حسنين وجبهته.. كل تلك اللافتات الآن مجرد (أوراق مروسة) وأختام داخل حقائب متجولة.. وأقول الآن.. لأن جماهيرية بعض تلك القوى في الماضي لا تصلح إحصاءاتها القديمة على تقييم وضع الكيان أو الحزب السياسي المحدد حالياً.. فلا الشيوعي بحجمه ولا الأمة ولا الجبهة ولا الاتحاديين ولا غيرهم .
الواقع أن كل الكيانات السياسية في السودان تمارس نشاطاً لا يرغب فيه المثقف السوداني الباحث عن حضن فكري وسياسي.. فممارسة السياسة على طريقة (التيك أوي) عند القوى المعارضة بأن تحشد الناس فقط لإسقاط النظام.. هي ممارسة كاسدة شعبياً، وكذلك القوى الموالية والحزب الحاكم نفسه يتعامل مع قواعده بنفس منطق (التيك أوي) بأن يطلبهم وقت الحاجة وقد يأتي البعض أو يأتي الكثيرون لتحقيق أهداف (تيك أوي) خاصة بهم أيضاً.. وبالتالي ليس دقيقاً على الإطلاق الآن أن يتحدث أي كيان سياسي في السودان عن وزن جماهيري كبير وقاعدة شعبية حقيقية..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. بدلا من هذا الطرح البائس لماذا لا تطالب باطلاق احرية التعبير والتنظيم والمواكب والاحتجاج وتحجيم دور اجهزة الامن والشرطة……..باحتصار مقال فطير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..