أخبار السودان

القوى المدنية في السودان.. ترتيب الأوراق

تحاول القوى المدنية الممثلة في السلطة الانتقالية ترتيب أوراقها مجددا على ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها مع المكون العسكري وأيضا مع أقطاب “الثورة المضادة”، غير أن هذه المحاولات تصطدم بعراقيل من قبل شركاء الأمس القريب.

الخرطوم – استبقت قوى الحرية والتغيير التي تمثل التحالف الحاكم في السودان، انفلات الأوضاع السياسية والأمنية باتخاذ إجراءات واسعة هدفها إعادة هيكلة التحالف وترميم الخلافات التي تهدد وجوده.

وأعلن التحالف الحكومي، مؤخرا، وحدته الكاملة بموجب “إعلان سياسي جديد” جرى توقيعه بين الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات سياسية، والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ويضم ممثلين عن بعض القوى المشاركة في التحالف، وحزب الأمة القومي، لاستكمال أهداف الثورة والتغيير والإصلاح.

واتفقت القوى المشاركة على تشكيل ثلاثة هياكل، متمثلة في الهيئة العامة، وهي أوسع إطار تنظيمي لتمثيل جميع قوى الثورة في المدينة والريف، إلى جانب المجلس المركزي وسيقوم بواجبات القيادة وتنفيذ استراتيجية الهيئة العامة، ثم المجلس القيادي ويقوم بالعمل اليومي وفق ما يحدده المجلس المركزي من برامج وخطط وأهداف.

وأكد عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، إبراهيم الأمين، أن القرارات الأخيرة بمثابة وقفة لمراجعة المرحلة الماضية برؤية نقدية ما يتطلب إعادة هيكلة شاملة للتحالف، وأن القوى الموقعة على البيان الجديد توافقت على حل المجلس المركزي السابق وتكوين جسم يجمع كل قوى التغيير، لأن هناك تنظيمات تنضوي تحت سقف التحالف وغير ممثلة داخله.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أنه باتخاذ القرارات الأخيرة يكون التحالف انتقل من مرحلة كان فيها العمل التنفيذي داخله بيد مجموعة صغيرة لديها سلطة اتخاذ القرار إلى تمثيل واسع لقوى عديدة ومؤثرة تستطيع أن تشكل ظهيرا قويا للحكومة الانتقالية التي تواجه تعقيدات سياسية وأمنية واقتصادية عديدة.

ويتضمن برنامج الإعلان السياسي تصحيح مسار الثورة واستكمال بناء مؤسساتها، وهناك أولوية لتشكيل المجلس التشريعي والمفوضيات الخاصة بالمرحلة الانتقالية والمحكمة الدستورية ومجلس القضاء الأعلى، على أن تكون هناك مشاورات مع كافة القوى التي شكلت إعلان الحرية والتغيير ولجان الأحياء والمقاومة وحركات النساء والشباب والهامش للانضمام إلى الإعلان الجديد.

إبراهيم الأمين: القرارات الأخيرة بمثابة وقفة لمراجعة المرحلة الماضية
إبراهيم الأمين: القرارات الأخيرة بمثابة وقفة لمراجعة المرحلة الماضية
ويذهب متابعون للتأكيد على أن خطوات القوى الفاعلة داخل التحالف الحكومي ترتبط بزيادة هواجسها من الانقلاب على المرحلة الانتقالية بأي طريقة كانت، وأن المظاهرات الأخيرة التي طالبت على نحو واسع بإقالة الحكومة دقت نواقيس الخطر لديها بعد أن تجاوبت معها قطاعات من المواطنين اعتبرتهم القوى الثورية بمثابة ظهير مساند لها ضد قوى الثورة المضادة.

وبحسب هؤلاء فإن القوى الثورية أدركت أن الانقسامات داخل الحرية والتغيير لن تسمح بالوصول إلى حكم مدني في البلاد، وفي تلك الحالة لن يكون الدعم الدولي للسودان نحو التحول الديمقراطي كافيًا لضمان وجود الكيانات المدنية على رأس السلطة مستقبلاً، ما يعني تكرار سيناريوهات أخرى في المنطقة تسعى الأحزاب السودانية تلافيها خشية من عودة فلول النظام السابق أو أي قوى محسوبة عليها.

وتتسم المراحل الانتقالية دائما بالسيولة الأمنية وتغيب القبضة الأمنية التي تكون حاضرة في ظل حكم الأنظمة الشمولية، ما يترك مساحات واسعة تتحرك فيها قوى الثورة المضادة بحرية، بالتالي فإن مواجهة التحركات في ظل هذه الظروف لن يكون إلا من خلال تقوية مؤسسات الحكم كي تكون قادرة على التعامل مع التحديات.

واستهدفت القوى المشاركة في الإعلان الجديد ترميم العلاقة مع المكون العسكري، وعملت على سد الفجوة التي تركها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بحديثه العلني عن الخلافات بين الجيش والدعم السريع بتأكيدها على “أهمية العمل المشترك مع العسكريين بغرض نجاح الفترة الانتقالية والوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية وتسليم السلطة للشعب عبر التداول السلمي”.

ورغم الترحيب الواسع في السودان بالقرارات الأخيرة، إلا أن هناك جملة من المخاوف مازلت مسيطرة على قطاعات شعبية واسعة، لأن كل من الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين اللذين قادا المظاهرات الأخيرة ضد الحكومة الانتقالية مازالا خارج هذا التحالف بجانب حركات لم توقع بعد على اتفاق سلام، بما يجعل الانقسام الثوري حاضراً وإن جرت لملمة بعض أجزائه.

وثمة مشكلة أخرى ترتبط بفشل القوى السياسية في التوافق على قرارات محددة حينما تدخل في تحالفات كبيرة ينتهي الحال بها إلى التشرذم والتفكك مرة أخرى حينما تدرك بأنها تمكنت من تجاوز عواصف الغضب، وهو أمر تعرضت له قوى الحرية والتغيير بعد إزاحة الرئيس السابق عمر البشير وتكرر عقب تشكيل أول حكومة بعد الثورة.

ويرى مراقبون أن حالة الهشاشة الأمنية في ولايات الهامش وظهور بصمات الحركة الإسلامية على الكثير من الاشتباكات القبلية وأعمال العنف التي اندلعت في شرق السودان وجنوب كردفان الأيام الماضية، دفع قوى الحرية والتغيير لتسريع وتيرة المباحثات للوصول إلى توافق واسع يمكن تحصينه عبر التوافق على ضرورة مجابهة فلول النظام البائد باعتباره هدفاً توافقيا يمنع حدوث الانقسام في وقت قريب.

وأعلن والي جنوب كردفان حامد البشير إبراهيم، السبت، حالة الطوارئ في 6 بلديات لدرء ما يسمى بـ”الفتنة” والحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات إثر نزاع بين قبيلتي الكواهلة والحوازمة بمنطقة كالوقي أدى إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة العشرات.

وأخفقت الأجهزة الأمنية النظامية في السيطرة على الاشتباكات ما أدى إلى موجة نزوح صوب الجبال الشرقية للولاية بسبب شدة العنف وتزايد الإصابات.

وشهدت مدينة بورتسودان (شرق) حادثا إرهابيا، مساء السبت، جراء انفجار عبوة ناسفة في أحد النوادي الرياضية، يضم عددا كبيرا من المرتادين، بما أدى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

وأوضح ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية شمال (جناح مالك عقار) أن فشل مخطط فلول النظام البائد في الانقضاض على التحول المدني الديمقراطي والسلام في 30 يونيو الماضي دفع إلى تطوير وترحيل المخطط لتنطلق الثورة المضادة من شرق السودان أولاً ثم تزحف على باقي ربوع السودان.

وأضاف في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنه يجب التفرقة بين قضايا البجا ومظالمهم التاريخية العادلة وبين الأحداث الجارية التي يرتب لها بعض فلول النظام السابق من داخل سجن كوبر (يقبع فيه البشير وعدد من رموز نظامه) بالتعاون مع قيادات حزب المؤتمر الوطني (المنحل) في الخارج والداخل.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..