صناعة الحبال.. تجارة تقترب من الاندثار

كسلا: أماني خميس

لم يدر (عبد الغني محمد علي) وهو يتجه لمدينة كسلا بسنوات عمره الخمس والعشرين من قريتة الواقعة جنوبا وهو يبحث عن رزق له ولأسرته أن الأقدار سترميه في مهنة لها خصوصيتها التاريخية، فعبد الغني الذي وجد المنافسة في سوق كسلا على أوجها بين التجار على عدد من المهن هدته أفكاره لأن يعمل في صناعة حبال العناقريب والبنابر ويقول إن هذه الصناعة لم تدر عليه المال الكثير لأنها أصبحت مرغوبة في المدن الأخرى لأغراض التراث إلا أن الأمر يختلف في شرق السودان حيث لاتزال المصنوعات الحبلية تحتفظ ببريقها وتباع بأسعار عالية لأن عملية صناعتها صعبة وتحتاج إلى مجهود كبير.. وأشار إلى أن لفة الحبل يتراوح سعرها بين (5 ـ 30) جنيها وحسب الطلب، وقال إن صناعة الحبال من الحرف اليدوية التي أصبحت مهددة بالاندثار في الوقت الحاضر، ليحل بدلاً عنها الكثير من الأنواع المصنعة، فصناعة الحبال قديماً كانت من الليف الذي يؤخذ من النخيل أو الدوم حيث (يُفتل) الليف ثم تُصنع الحبال منه، وبعد ذلك يمرر على النخيل ليكون ملمسه ناعما، وتتعدد استخداماته وأغراضه، وقال: “كانت الحبال في الماضي شيئا أساسيا في العديد من أنشطة الحياة اليومية وهي موروث قديم، بل هي حرفة مشتركة للجميع، غير أنها في هذا الوقت بدأت تندثر تماماً ولم نعد نشهدها إلا في الأحياء القديمة المحافظة”. وأشار إلى أنه عمل بهذه المهنة سنوات طويلة، مؤكدا اختلافها من منطقة لأخرى حسب الأشجار الموجودة في تلك المناطق، ففي المناطق التي تكثر بها أشجار النخيل يصنعون الحبال من ليف النخيل، حيث يتم قطع ليف النخيل، ثم يغسل وينشف عبر أشعة الشمس، وهذه العملية تساعد على تفكك الليف ليكون جاهزا للغزل بعد الغسيل والتجفيف والضرب والتمشيط وكان جميع السكان يتشاركون ويتعاونون في البناء، سواء كان هذا البيت من الجريد أو الخشب، وزاد: “صناعة الحبال كانت تتم بعد مرحلة تجفيف الألياف وتفكيكها إلى أجزاء طولية يتم لفها وفتلها ما بين راحة الكف والقدم، حتى تتماسك، بحيث يتم لف كل قطعتين بين راحتي الكف، ويمكن بذلك الوصول لطول الحبل المطلوب، كما يمكن التحكم كذلك بسماكة الحبل وفقا للغرض من استخدامه، فهناك الحبل الغليظ المستخدم لربط الحيوانات، أو الغوص، أو أعمال الزراعة، أو الجر والرفع والحبال المصنوعة من الليف تمتاز بالقوة والمتانة وطول صلاحية استخدامها ويبدو أن العامة قديما لم يعتبروا صناعة فتل الحبال من الليف عملية صعبة لكنها تحتاج لفترة طويلة من الجلوس في البيت لصناعتها، وربما كان هذا السبب وراء امتهان العديد من الرجال كبار السن الذين فقدوا أبصارهم لهذه المهنة أما الآن فأصبحت مهنة الشباب
اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..