صورة تذكارية.. اتحاد الكتاب السودانيين.. أمسية محمد المكي إبراهيم في الأجواء رائحة عنبرية

الخرطوم : عثمان عوض السيد
عقد اتحاد الكتاب السودانيين في الأيام المنصرمة أمسية شعرية احتفاءً بالشاعر الأكتوبري محمد المكي إبراهيم، الذي خلَّد ذكرى ثورة أكتوبر، بحضور لفيف من الشعراء والأدباء السودانيين، وتضمنت الأمسية حضور الشاعر المغربي محمد بنيس مشاركة صديقه المكي في الأمسية، كما أنها ضمت كل من السفير الفرنسي، وعالم عباس، إلياس فتح الرحمن وعلي مهدي، وغيرهم بجانب قراءة شعرية، وأيضاً شدت فرقة كورال معهد الموسيقى والمسرح بعدد من الأغنيات الوطنية والشعبية، من أغاني محمد المكي إبراهيم، حيث ظل المكي يكتب في الوطن لمدة قاربت النصف قرن.
كلاكيت أول
بالنسبة للمكي تظل الأكتوبريات حاضرة في حديثه أينما ذهب حيث يتذكر هو وأقرانه من شهداء عصر بالثورة، ووعي الشباب آنذاك، وتخللت الأمسية تغيريدات كورال معهد الموسيقى والمسرح بأغنية “عزه في هوالك” التي شهدت بها الفرقة ووجدت تلاقح الجمهور الموجود وتفاعله مع الكلمات والموسيقى، كان المشهد يتسم بالتجاذب والانتباه لما تقدمه الفرقة من أغنيات تبدأ بقراءة شعرية للمكي يقرأها إلياس فتح الرحمن، وبعدها يتغنى بها الكورال، بينها شهدت الأمسية معرضاً للكتاب لكوكبة من أدباء بلادي كان الجدار داخل المكتبة يضم صور لأغلبيتهم من شعراء وكتاب ومفكرين، حيث يجلس على جدران الحائط من المعرض كل من: البروفيسور عبد الله الطيب، المحجوب، عبد العزير بركة ساكن، حميد الوطن، أزهري، والإمام الصادق المهدي بجانب الشاعر بهنس الذي تم توزيع ورقة شعرية على ذكرى الفوضى وما تعرض له بهنس إنساناً بدأت بـ(بهديك الفوضى شجار طفلين في ساحة روضة، بهديك الغربة حقنا في الموتى وصمت التربة بهديك إحباطي حديث عابر في مركب عام بصوت واطي، بهديك حزنك ستات الفول أثناء الخمشة بعد إذنك، بهديك جناح طيور الجنة إذا يتقصقص فالنار مفتاح النار مفتاح)، ولم يكن رد الجميل الذي خلفه الراحل المقيم المحجوب شريف، كما يحلو لأصدقائه مناداته به غائب عن المشهد فقد ظلت صورته وأعماله تكتب على جدران المكاتب وتحكي على لسان الأدباء ولم يلقب لذلك بشاعر الشعب عن فراغ، فالقارئ لشعر المحجوب يعتريه إحساس بأن شريف يجسد أمة صامتة مرتقبة لشئ ما، لذلك ظل شعره بين أقرانه من الذين سعوا لتحقيق الحلم الفسيح هم شعراء اليوم والغد بكامل تطلعاته، ومرمى ومطلب أجيال الحرية والثقافة الأدبية.
مابين المكي وبنيس وجهة شبه
بدأ محمد المكي بقراءة بعض أشعاره، التي كان لها دور في تحريك عدد من الشباب ولها طعم خاص عند البعض منهم لذلك عندما سمع بعض من معاصري المكي بوجوده في دار اتحاد الكتاب السودانيين أتوا إليه ليعود البعض بذاكرته إلى الماضي وتذكر لحظة النظال الأكتوبرية، بينما كانت طلة سفير الشعراء والحداثة الشعرية محمد بنيس الذي أتى ملبياً لنداء الشعراء والأدباء في المركز الفرنسي السوداني لها دور في أن جعل للأمسية بريق وطعم آخر كانت الأمسية بمثابة وداع لبنيس الذي قدم إلى السودان لمشاركة الثقافة والفن، تقدم بنيس وقدم عدد من أشعاره وهي عبارة عن قصيدته الشهيرة “رسالة إلى بن حزم” التي تعد من أكثر أشعاره نقداً وإشادة من قبل الشعراء “وأنها دفعته لكتابة عمل لم يكن انجازه في الحسبان” وتشكل له علاقة وجدانية مابين الحاضر والماضي.
واعتبر” محمد بنيس” أن المثقف له مسؤولية في النقد، الذي تفرض عليه حماية محيطه الحيوي من أي تدخل في حريته أو فرض تبعيته لأي جهة سياسية، أو غيرها، هذا لأننا لم نتعلم بعد قبول ممارسة الحرية المطلوبة للثقافة والحداثة كما ينبغي، كما أننا لم نفهم بعد أن المثقف يقوم بعمل لا يمكن أن يكون ذا معنى إن هو كان خاضعاً لمن يمنع عنه حرية الكلام والتعبير والتفكير، وقد كنت على الدوام أقاوم ما يمنع عني حريتي، سواءً من جانب سلطة الدولة أو سلطة الأحزاب والمؤسسات السياسية أو حتى الثقافية التابعة للأحزاب. ويعتبر بنيس من الشعراء الذين تصدر الحب كتاباته الشعرية، وبعد أن فرغ بنيس من قراءته لعدد من قصائده قال بأنه يعتبر نفسه أحد مواطني السودان ويشعر بالانتماء لهذه البقعة، واعتبر بنيس بأن الثقافة والحداثة والكتاب هما أفضل رابط من أي شئ وأن علاقته بالشعراء السودانيين هي علاقة أزلية لا تقيدها أي قيود.