
• أريد أن أعلق على قضيتين يربط بينهما خيط واحد، هو ضعف المهنية والكتابة بلا قيد، الأولى هي قضية الهجوم الذي شنه الصحفي عباس محمد ابراهيم على القيادي بالتجمع أحمد الربيع والإتهامات التي وزعها بحقه ويوزع فيها منذ فترة في كل الإتجاهات، والقضية الثانية هي تزكية المستشار الصحفي لرئيس الوزراء البراق النذير الوراق لأختيار قصي همرور مديرا لأحدى مراكز البحوث.
• فيما يخص ما أثاره الصحفي عباس ابراهيم حول القيادي بتجمع المهنيين أحمد الربيع ولست هنا في مقام الدفاع عنه بأي حال.. يعلم الجميع الظروف والملابسات التي تم فيها توقيع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية ومن قاموا بهذا الفعل من أحزاب وكيانات وأفراد وقد كانت معلنة، وقد كانت تلك الفترة بكل ما اعتراها موضع نقدنا، وكان كاتب المقال المذكور ضمن أخرين من أشد المدافعين عما جرى.
• ما حدث وقتها في حقيقته خلل يخص منظومة سياسية بأكملها، اسمها الحرية والتغيير، وقد شارك في ذلك الخلل كثر أحمد الربيع واحد منهم لكن لا يمكن تحميله وزرها بالكامل، فمن وقعوا على إجازة الإتفاق السياسي ومن ثم الوثيقة الدستورية في غيبة الأخرين معروفين بأحزابهم واسمائهم وصفاتهم وتم نشرها من قبل، وقد شاركوا جميعا فيما حدث، فلا سبيل لإلقاء المسئولية على شخص وتجاوز المنظومات الحزبية التي ساهمت في ذلك الإ إذا كان البعض يتوسم في الأخرين الغباء والنسيان.
• ثانيا: لا أحد يحجر فكرة النقد أو الهجوم أو حتى توجيه إتهامات بأسانيد، لكن فكرة إستسهال التجني والتخوين من كتاب بعضهم ينتمي لمهنة الصحافة للأخرين، هي فكرة تدل على نقص في المهنية، ويمكن أن تورد الكاتب موارد يصعب الفكاك منها، إذا كان الكاتب يمتلك وثائق أو مستندات تفيد بفساد شخص أو منظومة ما يهمني قبل كلماته أن اطلع على تلك المستندات والبينات المعضدة لكلامه، فتلك هي القرينة اللازمة للتأكد من مصداقية ما يقول لانه في كل الأحوال، يكتب مقالا وليس قرانا يتلى لا يخالط الناس الشك فيه، فإذا لم يفعل فحديثه لا قيمة له.
• ثالثا: هناك صراع وخلاف سياسي بين تيارات سياسية مختلفة، يعبر عنه ما يحدث على مستويات عدة سوأ داخل تحالف الحرية والتغيير أو مكوناتها أو تجمع المهنيين، وهو “أي صراع” ظاهرة صحية طالما يدور داخل هذه المواعين، ولا يدار بالوكالة وفق عقلية الإستقطاب، وتسخير الأقلام لضرب الخصوم وتصفيتهم معنويا وشخصيا، والأفضل لمن يريدون أن يصارعوا من وراء حجاب، أن يخوضوا معاركهم كما ينبغي في العلن، بعيدا عن استغلال جهات وأفراد لإدارة صراعاتهم فهذه دلالة ضعف، علاوة على كونها تنطوي على تسخير للأقلام الصحفية وحرفها عن دورها لتخوض حروب بالوكالة وهذه من منقضات المهنية.
• رابعا؛ توزيع الإتهامات المجانية هي مهنة في حد ذاتها درج عليها نفر من أهل الإنقاذ.. خذ عندك ما يكتبه أمثال الطيب مصطفى واسحق أحمد فضل الله.. ربما لو قاضيناهم وقتها لبات بمقدورنا إرساء قواعد لحدود النشر وحرية التعبير.. الكتابة مسئولية فلا يظن أحد أن بمقدوره إتهام الناس بالباطل وتخوينهم والتجريح.. فإذا كنت صحفي يجب أن تدرك قبل غيرك مسئولية ما تكتب.. وأثره على الأخرين.
• هذا ما كان فيما يخص القضية الأولى، اما فيما يخص تلك التزكية التي صاغها المستشار الصحفي فهي تندرج عندي ايضا في اطار عدم المهنية وسأوضح لماذا أراها كذلك.
• لقد اطلعت على تزكية البراق لقصي همرور وازعجتني طريقة الكتابة فهي بدت قاصرة عما حدث في السودان؛
• أولا لم يكن قصي همرور يحتاج لتزكية من شخص، فهو قد قدم نفسه مرارا وتكرارا في ضروب العمل العام، وقدم نفسه للمنصب بمقال رصين يحدث فيه عن نفسه كأبلغ ما يكون التعبير.
• ثانيا؛ ليس هناك خمسة أو عشرة خططوا للفعل الثوري السوداني.. هناك أناس كثر جذبتهم للعملية الثورية جسارة يستعصى فهمها صنعها وقادها الشعب السوداني.. ومهما توهم أي فرد أنه كان له دور حاسم فيها، نحيله لمذكرات الثورة السودانية المعقدة وما نهضت به الجماهير الثورية ليدرك مقدار ضآلة دوره، فهي التي صنعت هذا الواقع بنضال وتضحيات حقيقية بذل فيها دم وعرق ودموع.
• ليس هناك خمسة أو عشرة.. بالغ ما بلغ جهدهم يتخطى دورهم تلك الحشود التي تقدمت يوم أن كان التقدم يعني الموت فلا يمن أحد على الشعب ولا يتصور أحد أنه بمقدوره أن يتخطى قدرة شعبنا.. ولا يتصور أحد أن ما بذله يتجاوز الأخرين في أي مقدار ونوع.. وتذكر دوما أن هناك من سلبت حياته أو من دفع أثمانا باهظة في المعتقلات.. يوم أن كان جهدك منصب في رسم خرائط كم عدل فيها الشارع وتجاوز حدود تفكيرك وعلمك.
• لا مجال لتزكية شخصية في العمل العام اعلاميا بمثل هذا الخطاب أو تمجيد من آلت اليه.. هذه من ذميم العادات التي يجب التخلص منها.. فالعمل العام ليس جائزة..
إذا تم اختيار شخص لتولي وظيفة عامة خلو بينه وبين الشعب.. فلا يبارك له أحد ولا يدافع عن قرار أختياره أحد، الوظيفة العامة ليست جائزة ولا مكافأة.. حتى لا نغرق في التبريرات..
• لم يصنع أفراد الثورة وإن رسموا أو خططوا مساراتها حتى يتصور أنسان ان المناصب غاية مقصدها أن يتولاها من يحسبهم كانوا معه في حساب العشرة والخمسة.. الثورة صنعها شعب عظيم ولا يزال يدخر من الثورة أعظم موجاتها وهي بحسب ما أرى متقدة “وحية” لكن أغلب الناس.. مطولين بالهم.. اشتغلوا بس ما تتعبونا معاكم.
كسرة؛
….
عندك خت
ما عندك شيل
…..
كسرة تانية؛
الزم محلك
…..
الشيخ البرعي