(إشمعنى) المعلمون؟

من الآخر

أسماء جمعة

أي حكومة ناجحة تصل إلى السلطة تضع التعليم في مقدمة اهتماماتها، ومهما كانت ظروف الدولة فهي تسخر له معظم إمكانياتها. ذلك لأن التعليم هو الذي يكسر كل الدوائر التي تحرم الشعب من التقدم والتطور والرفاه، ولا شيء يجعل حياة الشعوب تعيسة مثل حرمانها من التعليم.
الأمر الذي يجعلها فريسة سهلة للشقاء والطغاة الذين يستخدمون سلاح الجهل للبقاء في السلطة سنين طويلة، وهذا يفسر سر إهمال الحكومات العسكرية لشأن التعليم، مثلما يحدث الآن، أو استخدام سياسات بحجة تطويره، وهي بذلك إنما تدمره مثلما حدث في عهد النظام المخلوع. ولو تلاحظون، منذ أن وقع الانقلاب لم يخرج أحد من هذه الحكومة ليتحدث عن مشاكل التعليم، ولا حتى وزير التربية والتعليم. بل لم تستجب الحكومة لصرخات المعلمين المتكررة، من سوء حالهم وحال التعليم.
قبل يومين، رفض وزير مالية الحكومة الانقلابية، جبريل إبراهيم، طلباً للجنة المعلمين بزيادة الحد الأدنى للأجور خلال العام الجاري، مع أنه تحدث عن زيادة الصرف على التعليم بنسبة (9%) من الموازنة العامة، طبعاً هذه النسبة تشمل التعليم العام والعالي. وبما أن الدولة تحكمها عصابات فاسدة، فهي ستأخذ نصف النسبة، والنصف الثاني سيهدر في أعمال شكلية لا تدوم إلا بقدر ساعات التصوير ونشر الخبر لزوم الدعاية، كما كان يحدث في ظل نظام الحركة الإسلامية الفاسد، عدو التعليم .وهذه الحكومة نسخة مكررة منه، لكنها أكثر تطوراً وخطراً وكرهاً للتعليم.
النقطة المهة التي يجب أن ينتبه لها المعلمون هي أن الصرف على التعليم مجرد كلام للاستهلاك، ولن يتحقق أبداً، لأن جبريل إبراهيم لن يسمح بأن يصرف على التعليم قبل أن يغدق على عصابات سلام جوبا ونفسه وحراساته، و إن تبقى شيء يرمى به للتعليم والصحة وغيرها من مجالات لها علاقة بحياة المواطنين. لذلك يجب ألا يتعامل معه المعلمون بحسن نية أبداً، عليهم التمسك بالإضراب وعدم التخاذل، وإن لم يستجب عليهم تقديم استقالاتهم بشكل جماعي، والانتظار حتى تأتي حكومة شرعية، ولو بعد عام.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا: (إشمعنى) المعلمون؟ لماذا يرفض جبريل تعديل مرتباتهم؟ ما الفرق بينهم وبين أساتذة وموظفي التعليم العالي وموظفي الكهرباء وغيرهم من الذين أضربوا واستجاب لهم؟ مع أن التعليم العام أهم منهم جميعاً. هل هناك مشكلة شخصية بين هذه الحكومة والمعلمين؟ أم هي تفرقة وتمييز مقصودان؟ أم أن جبريل يرى أن المعلمين لا احتياجات لهم مثل الآخرين؟ يجب أن يعرف المعلمون السبب، (إشمعنى) هم لا يستجاب لهم؟
عموماً، نقول للمعلمين: لا تتراجعوا وتخذلوا هذا الشعب، فهو يعتمد عليكم لتغيير حال التعليم. ولا تنسوا أن لكم الحق في التمتع بوضع اقتصادي يضمن لكم كرامتكم، وللتعليم الازدهار. أنتم قادة المجتمع الحقيقون، وما ضاع حق وراءه مطالب.

الديمقراطي