أخبار السودان

قنبلة الغنوشي التي دوَت في الخرطوم ..!

السياسة في مفهومها المثالي هي قراءة للواقع المعاش من كل جوانبه الماثلة في المشهد الوطني الداخلي والنظر الى الصورة البانورامية للمحيط الإقليمي القريب و الفضاء الأبعد على مختلف تشكيلاته .. ولابد أن تكون تلك الرؤية السياسية مرتبطة بتقليب صفحات الماضي ومصحوبة بسير خُطى ذلك الواقع باستشراف المستقبل وفقا للموازنة مابين المبادي والمصالح وذلك ما يتلخص في مصطلح البراجماتية التي تفسح لسالك الدرب السياسي أن لا يحيد عن عقلانية الوسطية التي تجنبه الإرتطام بحائط الطرف الذي يحد السكة بصلابة التعصب الأعمى و لا يجعله في ذات الوقت ينجرف الى هوة الطرف الآخر من فجاجة التفريط فيسقط في قاعها السحيق !
الان من الواضح أن الجماعات الإسلامية السودانية التي لم تدرك من معاني مثالية العمل السياسي إلا التشبث بقشور الشعارات الجوفاء التي لم يجدوا سبيلا لإسقاطها على أرض الواقع السوداني الذي لا ينسجم معها لفرادة تركيباته الإثنية والدينية و مراوحته لمسغبة العيش التي بلغت به عام الرمادة وقد أزاح فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب صفحة الحدود بعيدا عن محاكم الشرع تقديرا لحالة المسلمين التي تتطلب تقديم ما يسد الآود على كل تطبيق لا يجاري الوضع الماثل وقتئذ .
فجماعة الاسلام السياسي عندنا وعلى مختلف مسمياتها الحاكمة منها أوالتي تدعي معارضة من قبيل مسك العصا من منتصفها أو إدخال رجل مع الحكم وترك الآخرى لتضليل المحكوم فقد بدأت تجني الآن شوك ما زرعته من عدم تشخيصها الجيد للحالة السودانية وخصوصية تنوعها ..وهاهي اي تلك الحركات المندفعة في مناطحة صخر ذلك الواقع رغم إشارات الزمن الطويل الذي قال لهم كلهم كفى ..ها قد بدأ جليا أنها باتت مخنوقة من تشتت إخوانهم في أرض الكنانة الذين ما صبروا على جني ثمار إستحقاقهم الديمقراطي فضاق بهم وضاقوا به ومات زرعهم قبل أن يشق قشرة أرضهم ولم تتم فرحتهم به فؤئدت لتنقلب ابتسامتهم الى نواح و وعويل !
ثم جاءتهم طامة اللطمة من لدن إسلاميي تونس الذين وزنوا خُطاهم تبعا لنظراتهم جيدا الى مواقع تلك الخطوات لفهمهم العميق لواقعهم الإجتماعي المحلي ووعيهم لطبيعة تفكيره المرتبط بمصالح إقليمية ودولية سواء على المستوى الثقافي او السياسي أو حتى الديموغرافي .. ولم يقولوا نحن من إنتخبنا شعبنا وعلينا أن نلبسه قسراً مالا يطابق قياس جسده ولو تأبى علينا ولم يشكلوا حكومتهم و جعلوا وزارة التخيط الإجتماعي كبرى كياناتها بغرض قلب ونفض ذلك المجتمع لتشكيله تبعا لرؤيتهم التي قراؤها في كتب حسن البنا أو إنجذابهم لتكفيريات وجهاديات سيد قطب التي تجاوزها الزمن وإنسانه المعاصر !
فالصراع الان على اشده بين جماعة الأخوان المسلمين هنا ..فأنقلب دكتور الحبرو الشيخ صادق على الشيخ جاويش وجماعته وهو تحول دراماتيكي ليس ببعيد أن يكون صدىً وعطسة لما حدث في تونس ويعكس مدى الربكة التي أحدثتها قنبلة الشيخ الغنوشي هناك ..!
بل و جماعة المؤتمر الوطني في جانب آخر بدأت تلوح في أفقهم بوادر الشقاق القديم المتجدد بين علي عثمان وغريمه نافع الذي إلتقط قفاز تصريحات خصمه الآخيرة الناقدة لحوار وثبة البشير في ظلام المرحلة ولعل ذلك المنحى من شد الخناقات لن يقف عند حد تصفية الحسابات بالتصريحات المتبادلة فحسب ..فهو دون شك يمثل شرارة الحريق الذي لابد سيلتهم خيمة الحزب القديمة والتي باتت أطنابها تتراقص مع نفخة وململة الشارع المتراكم الغبن .. ورئيس النظام يحاول أن يمتص تلك الغضبة الناجمة عن إحتضار إقتصاد النظام وتدهور الخدمات الأساسية و فواح رائحة الفساد .. ولو بسد بعض الفجوات بتسلم زكاة الفطر من الكفيل الذي أوفد لاستقباله ووداعه أمين مال الإمارة التي زارها المشير قبل حلول آوان كسوة العيد ونحن لازلنا في بدايات العشر الوسطى من رمضان الكريم !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. التحية و التقدير للأستاذ محمد عبد الله برقاوي و على تحليلاته الصائبة بخصوص مايجرى فى السودان الوطن ..

    الشاهد ان شعب السودان لا يهمه أمر هؤلاء الشواذ من تجار الدين من أخوان الشيطان , غير مهم ما يفعلون من قريب أو بعيد بعد ان إنكشف أمرهم و كذبهم و ضلاهم للناس , و بالتالى لفظهم شعب السودان و تجاهلهم حتى أصبحو من المكروهين المنبوذين عند العامة العظمى من مواطنى البلاد ماعدا من النفعيين و الأرزقية الذين يرون فيهم مصدراً للمال و للمصلحة .

    كلهم من طينة واحدة و ملة واحدة سوى ان كانو يتبعون للنهضة التونسية او الاخوان المصرية او العدالة والتنمية التركية او حماس الفلسطينية أو كيزان الشيطان السودانية , كلها حركات إرهابية متطرفة تاريخها أسود مليئ بالعمالة والخيانة والتآمر و الكذب و التضليل ,
    فمثل ظهورهم الآثم تكون نهايتهم الآثمة بإذن الله ,

  2. التحية و التقدير للأستاذ محمد عبد الله برقاوي و على تحليلاته الصائبة بخصوص مايجرى فى السودان الوطن ..

    الشاهد ان شعب السودان لا يهمه أمر هؤلاء الشواذ من تجار الدين من أخوان الشيطان , غير مهم ما يفعلون من قريب أو بعيد بعد ان إنكشف أمرهم و كذبهم و ضلاهم للناس , و بالتالى لفظهم شعب السودان و تجاهلهم حتى أصبحو من المكروهين المنبوذين عند العامة العظمى من مواطنى البلاد ماعدا من النفعيين و الأرزقية الذين يرون فيهم مصدراً للمال و للمصلحة .

    كلهم من طينة واحدة و ملة واحدة سوى ان كانو يتبعون للنهضة التونسية او الاخوان المصرية او العدالة والتنمية التركية او حماس الفلسطينية أو كيزان الشيطان السودانية , كلها حركات إرهابية متطرفة تاريخها أسود مليئ بالعمالة والخيانة والتآمر و الكذب و التضليل ,
    فمثل ظهورهم الآثم تكون نهايتهم الآثمة بإذن الله ,

  3. أستاذنا برقاوي .. تقول “عدم تشخيصها الجيد للحالة السودانية وخصوصية تنوعها”؟

    هم في الأصل لم يدركوا أن هناك شعب إسمه الشعب السوداني .. فأنى لهم أن يشخصوا حالته ؟؟ هؤلاء مازالوا يكابرون ويصرون نفاقاً أن في السودان شعب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم الكيزان .. أما البقية فهم أقلية صغيرة من الكفار شذاذ الآفاق الذين فيهم أبو لهب وأبو جهل وعبدالله بن أبي بن سلول وشاكلتهم من كفار قريش ومنافقي المدينة .. ويجب سحقهم سحقاً ..

    ألا ترى أنهم يعلنون فوزهم علي تلك (الأقلية) في كل موسم انتخابات ؟؟!!

  4. و جعلوا وزارة التخيط الإجتماعي كبرى كياناتها بغرض قلب ونفض ذلك المجتمع لتشكيله تبعا لرؤيتهم التي قراؤها في كتب حسن البنا أو إنجذابهم لتكفيريات وجهاديات سيد قطب التي تجاوزها الزمن وإنسانه المعاصر !

    ألسؤال الجوهري هو… هل هم نجحوا في تشكيل الشعب كما أرادوا ام هم فشلوا ؟ وهل مانراه من سوء أخلاق وتدهور في القيم يعتبر نجاح لمشروعهم أم فشل ؟ أم كان هذا المقصد والهدف ولماذا ؟ وكيف سنعكس هذا السوء ونعود لقيمنا الفاضله بعد أزالة هذا الوباء ….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..