التغيير أصبح ضرورة

عندما ثارت الشعوب ضد المستعمرين في بلداننا العربية كانت أحلامها كبيرة وهي بعد أن تنال إستقلالها سوف تعمل علي إحياء التراث الثقافي للأمة وبعث قيم العقيدة السمحاء في العدل والحرية والمساواة و أواصر الإخوة الحقة في الجوار الجغرافي والمصير المشترك لتكون عوامل وحدة عربية جامعة وكذلك الإتصال بحضارة الغرب والنهل من نوابع العلوم والمعرفة لإحداث نهضة تنموية ثقافية علمية إنسانية شاملة تكون نموزجا يحتذي به لشعوب وبلدان العالم.
فنشطت جماعات القومية العربية والبعث العربي وظهرت الشيوعية كأيدلوجية أممية تتخطي قومية العرب الي جوارهم الأسيوي والأفريقي وظهرت نظيرتها الحركة الاسلامية بمختلف مسمياتها كتيار يري الإسلام هو الحل.
كل هذه المجموعات أو التيارات عملت وساهمت بشكل أو أخر في خروج المستعمر ولكنها إنفصمت عن الواقع وعجزت عن قيادة الجماهير بسبب إفتتانها بحضارة الغرب وتأثرها بنواحي فكرية لا تتوافق مع أمزجة شعوبنا العربية بل إستعلت علي الغالبية العظمي من الشعب والتي لم تنل حظا من العلم والمعرفة وإستغلت هذا الجهل في تشكيل مساراتها وحروبها مع الأضداد مثلها ومثل الطائفية التي تنزل الناس علي راى الزعيم وتلزمها به أو تحل علي من يخالف اللعنة. وهكذا شغلت نفسها بقضايا إنصرافية ومعارك في غير معترك وأحدث ذلك فجوة بينها وبين الجماهير ففقد خطابها عنصر التأثير إلا علي قلة من المثقفين وطلاب الجامعات والذين يقل تأثيرهم علي السواد الأعظم من الأمة.
لكن إيمان هذه التيارات بفكرها لدرجة التضحية بالغالي والنفيس في سبيل ذلك والهوة الواسعة بينها وبين الجماهير جعلها تستعجل في الوصول للحكم تلجأ للتحالف مع المؤسسأت العسكرية وتصل الي السلطة علي ظهر الدبابة لتحول حياة الناس في أغلب الأحيان الي جحيم لا يطاق برسم خارطة مستقبلهم حسب رؤيتها وتوجهاتها الأيدلوجية وأول سوآتها تقييد الحريات العامة.
وإذا حاولنا أن نمعن النظر ونفصل لطال بنا المقام ولكن بربكم ماذا قدم تيار البعث العربي في سوريا أوالعراق لشعبه ؟ سوي الكبت والقهر والعزلة والعطالة والتخلف والفقر والضياع والمستقبل المجهول. ولئن كان هذا الواقع نتاج ما خلفه تيار البعث العربي فإن الواقع الذي أفرزته سياسة التيارات الإسلامية مثله بل أكثر قبحا منه في بعض الأحيان لإضفاء صورة ربانية عليه بربط الفشل بإرادة الله.
هذا الواقع الذي نعيشه اليوم من مخلفات هذه التيارت الفكرية التي تجيد التنظير ولا تحسن العمل وهي أول من يتحرر من قيود منهجها وأيدلوجيتها متي ما سننحت الفرصة أو دفعت بها عجلة المصلحة .
لذلك اليوم إن أردنا أن نحيا كرماء نحتاج لإحداث ثورة تحرير شاملة ضد أنظمة الجوع والكبت ضد أنظمة الأيدلوجيات الإسلامية أو العلمانية .
نحن اليوم بحاجة لثورة شعبية دون التركيز علي عامل الدين أو المذهب أوالطائفة أو…الخ ثورة تركز علي القيم الإنسانية السامية تحت شعار من أجل وطنا أرضا وشعبا حجرا وشجرا بحرا ونهرا سهلا وجبلا هيا بنا جميعا نحو دولة مدنية حديثة دولة السوية في الحقوق علي أساس المواطنة فلا تميز علي أساس عِرق او نوع دولة القانون المبنية علي العدل المطلق في كفالة وصيانة الحرية في التعبير والتنظيم والحركة والحوار والنقد البناءُ. ثورة تعمل علي بناء نظام ديمقراطي تعددي مثالي يبهر جوارنا الأفريقي الذي يعاني من أزمات تشابه أزماتنا في طريقة الوصول للحكم والإستحواز علي الثروات لصالح صفوة وحرمان الأغلبية الكادحة من أبسط مقومات الحياة من ماء صالح للشرب وتعليم الأساس والخدمات العلاجية الضرورية.
إن الصبر علي هذا الواقع المرير يجرح في كبرياء وشموخ وتاريخ وجداننا المحب للأوطان كما يعد جريمة ضد إنسانيتنا وكرامتنا وعزتنا ولئن لم ننتصر للعزة والكرامة الإنسانية فلماذا نثور؟ ومن أجل ماذا؟ فالتغييرأصبح ضرورة يحتمها واقعنا المرير ويفرضها حبنا للأوطان بل ضرورة يمليها علينا ضميرنا الإنساني الحر.