ضد الكرور والمكسور … حلول مبتكرة من بين الركام.. في مستشفي بحري

الخرطوم- محمد عبد الباقي
مهما شغلت الحياة الناس بمصاعبها الجمة، لا يخبو حب الآخرين في نفوس البعض. ومن هذا المنطلق قُدمت إلىَّ نصيحة خالصة في الأسبوع المنصرم بعدم زيارة مستشفى بحري التعليمي.. منطق باذل النصيحة التي تلقيتها أن بيئة مستشفى بحرى سيئة وقذرة للحد الذي لا يصدقه عقل مطلقاً.
بنهاية الحديث عن سوء وضع المستشفى حثيت نفسي أكثر على القيام بالزيارة عسى أن أجد ما يدهشني وأنا من فئة لا تعرف الدهشة لأنفسهم طريقاً.. فكانت الزيارة ولكن لم تحدث الدهشة إنما الفخر والاعتزاز.. وإليكم القصة!!.
كسب الحسنات
رائع أن نعمل بجد.. لكن قل من يعمل أيضاً بجانب اجتهاده في كسب الثواب من أجل الإنسانية والضمير، والفرق ليس شاسعاً بين القصد الأول والثاني إلا أن الأخير أشمل وأنضر وأروع.. بمعنى أوضح أن قلة ممن نشاهدهم في الطرقات هم من يسهرون حقيقة على خدمة الناس فيميطون الأذى عن الطريق ولا يسيئون استخدام مواقعهم ومناصبهم العامة والخاصة، هذه الفئة الأخيرة هي المعنية بالقصة التي بين يدينا ومسرحها مستشفى بحري التعليمي .
ضد الكرور
يقال: في كل حركة بركة، وها هي بداية الحركة على يد الدكتور أحمد محمد زكريا المدير العام الجديد لمستشفى بحرى التعليمي الذي أطلق حملة (ضد الكرور والمكسور). يتعسر فهم معنى الحملة لمن لم يطأ بأقدامه أرض مستشفى بحري ولم يدخل عنابرها.. فهي كانت توجد بها أكبر أعداد من نقالات المرضى والأسرة والكراسي والترابيز المكسورة..المئات من النقالات والأسرة كانت غير صالحة للاستخدام دون وضعها على حجر أو رفعها كرسي من إحدى جوانبها.. بشجاعة قرر أحمد زكريا جمعها في وسط المستشفى للتخلص منها في الدلالة وإلا ماذا ننتظر منه أن يفعل بأثاث وجوده داخل العنابر والمكاتب يجعلها شبيهة بالمخازن.
فعل رائع
يقال: أيضاً، رب ضارة نافعة، ومن هنا كذلك كانت بداية الفعل الإنساني الراقي.. كما يحدث دائماً أصيب عامل ورشة في يده أثناء عمله فقام زملاؤه بإسعافه لمستشفى بحري..التف أطباء المستشفى حوله وقدموا له كل ما يلزم بمنتهى التجرد المهني والإنساني، وهذا يحدث أيضاً دائماً، لكن الذي يحدث إلا نادراً، ما فعله أصحاب الورشة التي يعمل بها العامل المصاب، وبحسب الدكتور أحمد محمد زكريا “أنهم أثناء تفقدهم لزميلهم لاحظوا الأسرة والنقالات وغيرها من الأثاث المبعثر وسط المستشفى، وحين علموا أن به أعطاباً وكسوراً، وأن إدارة المستشفي لا حول ولا قوة لها بالأعمال الميكانيكية واللحام وتفكر في التخلص منه بالبيع طلبوا السماح لهم بمعاينته وإصلاح ما يمكن إصلاحه، فسمحت إدارة المستشفى لهم بذلك”. ويضيف أحمد زكريا “خلال دقائق معدودة قرروا جلب مورشة كاملة لداخل المسشتفي وأتخذوا لهم ركناً بعيداً عن المرضى وبدأوا في بعث الحياة في الأثاث، فأصلحوا مائتي سرير ونقالة بصورة لا تقل عن ما كنت عليه يوم شرائها.
خيرين وزيادة
بنهاية إصلاح الأثاث بالكامل طلبوا بأن يسمحوا لهم بصيانة مبردات المياه والمراوح والمكيفات.. وهنا يقول: الدكتور أحمد زكريا لشدة دهشتنا في المستشفى أن هؤلاء الناس لم يقوموا بصيانة الأجهزة المعطلة فقط إنما قاموا بشراء حوالي أكثر من مائة كرسي جديد لأقسام المستشفى ولمبات إضاءة بعدد المتعطلة وأيضاً مراوح جديدة وضعوها مكان كل مروحة لا تعمل.. وبنهاية إكمال مهمتهم وضعوا لمسات رائعة على العيادات المحولة بالمستشفي وفي أماكن أخرى ولازالت ورشتهم تعمل دون أن يطلبوا حتى شكرهم. بالتأكيد أمثال هؤلاء الذين لازالوا على إستعداد لإصلاح الضرر في المؤسسات العامة قلة نادرة ولكن غير معدومة البتة ولو حدب كل شخص على المصلحة العامة وأجتهد لخدمة المجتمع حتماً سوف يكسب أجرين وحب الناس أيضاً
اليوم التالي