برلمان بلا احساس

نبض المجالس
رغم ان نواب البرلمان يكسبون شرعيتهم وهويتهم من قواعدهم الشعبية ودوائرهم الجغرافية , الا انهم وفي كثير من ممارساتهم يظهرون وكانهم بلا احساس بمعاناة هذه القواعد .
اكثر الانتقادات التي تلقاها البرلمان الحالي حول ادائه من خصومه وقواعده وصفت اعضائه بانهم لا يبالون بما يعانيه الشعب وان البرلمان نفسه وصف (ببرلمان التصفيق , والتهليل والتكبير) يؤيد ويناصر سياسات وقرارات الجهاز التنفيذي اكثر مما هو مطلوب منه من رقابة وتشريع ومساءلات , فكثير من السياسات والقرارات التي عبرت قبة البرلمان بطريقة ناعمة دون ان تجد من ينثر في سكتها الاشواك او يثير حولها الغبار الكثيف بالرغم من ان وقعها واثرها كان قاسيا ومريرا على واقع حياة السودانيين خاصة اذا كانت هذه القرارات تمس قوت ابنائهم وصحتهم وتعليمهم وخدماتهم الاخرى وقد ظهر كل هذا البؤس حينما شرعت الحكومة في تطبيق بنود ميزانية 2018 التى وصفت هى الاخرى “بالكارثية” .
بالامس حاول البرلمان ان يكون هو الاستثناء في سياسات وقرارات الحكومة التى اوقف ما يسمى بحج “المؤسسات” ربما لقناعة ترسخت لديها بان هذه التجربة اورثت الحكومة الكثير من المثالب والمفاسد بل كانت مثار انتقاد وهجوم كثيف من قبل البرلمان نفسه لكونها كانت مبعثا للشكوك والشبهات في استغلال المال العام واهداره عبر هذه النافذة , فكيف اذن يحرمون الحرام ويحللونه لانفسهم فهم الان يحاولون اعادة تجربة حجاج البرلمان “كمؤسسة” فخاطبوا ادارة الحج والعمرة بحثا عن حصة خاصة بهم , الا ان هذه الادارة انتصرت لذاتها واحترمت قرار الحكومة الخاص بالغاء حج المؤسسات فردت اليهم طلبهم وكانت هذه اول سابقة يمكن ان تمتحن فيها الحكومة نفسها منذ صدور قرار الالغاء .
دائما ما تكون الحكومة هى المنتهك الاكبر لسياساتها وقراراتها وتوجهاتها مما يوحي الى ان الطاقم الحكومي بكل مكوناته غير قادر على انتاج “انغام منسجمة” , ولكنهم ينتجون نغما منفردا بلا انسجام حينما يغيب (المايسترو) او يفشل في ضبط الايقاعات المتعددة , ربما هكذا دائما تتعاطى المكونات والاذرع الرسمية مع قرارات الدولة . .!
كان الاوفق للبرلمان ان يشكل اعضائه حائط الصد الاول لدرء الشبهات وتجفيف كل منابعها .. مطلوب من هؤلاء النواب ان يتلبسوا حالة الاحساس بمعاناة المواطنين حتى لو كان هذا الاحساس “مظهريا” , اما كونهم يصارعون الحكومة ويلاحقونها من اجل مطلوبات خاصة فان هذا سيجلب عليهم لعنة الشعب الذي لطالما منحهم تفويضه واوكل اليهم كل ازماته وقضاياه علهم يجدون لها حلا او “صوتا” تحت قبة البرلمان ..