المحبوب عبد السلام ونهاية الإسلام السياسي

بابكر فيصل بابكر

في مقالٍ سابقٍ لي بعنوان “الترابي يستغفر الله ولا يعتذر للشعب السوداني” أشدتُ بشجاعة الأستاذ المحبوب عبد السلام في مطالبته للمرحوم الترابي بالإعتذار العلني عن إنقلاب الإنقاذ وذلك في رسالته التي بعثها له وقال فيها ( الأعراف السياسية المعاصرة تؤكد أنَّ من إقترف خطأً كبيراً فى السياسة ويعترفُ به يعمد رأساً الى الإعتذار والاعتزال ).

وأعودُ اليوم لأكرِّر الإشادة بالأستاذ المحبوب في أعقاب الآراء الجريئة التي صدع بها الأسبوع الماضي وقال فيها إنَّ ( الإسلام السياسي إستنفذ أغراضه وانتهى ) وأنَّ (حركة الأخوان المسلمين المصرية وهى أم الحركات الإسلامية تحولت إلى طائفة ), وذلك في إطار تعقيبه على ورقةٍ تناولت التحولات الأخيرة في خطاب حركة النهضة التونسية بزعامة راشد الغنوشي.

من أكثر المشاكل التي ترتبط بالمثقفين الملتزمين سياسياً هى اللجوء للمداراة والإلتفاف حول الفشل الذي يصادف تطبيق المبادىء وإنزالها على أرض الواقع, فمنهم من يلجأ للحجة الساذجة والمعروفة التي تقول أن الفشل ليس في الأفكار ولكن في التطبيق, ومنهم من يُعزي ذلك الفشل لعوامل خارجية و مؤامرات “برَّانية”, ولكن القليلون منهم يُصوبون فكرهم نحو الخلل الأساسي و البنيوي “الداخلي” الذي أدَّى للفشل.

وفي حال نموذج الإسلام السياسي, فإنَّ هناك العديد من المشاكل التي إرتبطت به من حيث التماهي والإشتباك العضوي مع “الدين”, ذلك لأنَّ الأخير بطبيعته معنىٌ بالحقائق “المطلقة” بينما السياسة في أصلها “نسبية”, وهذا التناقض يقود بدوره إلى خلق أعظم الأدواء في ممارسات وخطاب وتوجهات معتنقيه, وفي مقدمتها الإقصاء والإنغلاق وغياب الديموقراطية, وهذه بلا شك تؤدي لفشل كل التجارب التطبيقية لذلك النموذج.

كذلك فإنَّ التداخل العضوي مع الدين, والذي كما ذكرنا أنه يوفر الإجابات الكاملة لجميع الأسئلة, يعفي أصحاب ذلك التوجه من السعي لإستحداث البرامج و الحلول التفصيلية للقضايا المرتبطة بالسياسة, ولذلك فإنهم يكتفون “بالشعارات” بإعتبار أنَّ الدين يملك حلاً لجميع المشاكل, وبمُجرَّد وصولهم للسطة يكتشفون مدى العجز والقصور في مفاهيمهم و تصوراتهم لشئون الحكم وإدارة الدولة.

أدرك الأستاذ الغنوشي هذه “العُقدة” الرئيسية والخلل البنيوي في أفكار الإسلام السياسي, بالإضافة للعديد من المشاكل الأخرى, فقرَّر فصل “الدعوي” عن “السياسي”, بمعنى أنه لم يعُد يُعوِّل على “الدولة” كأداة لإعمار النفوس بل جعل “المجتمع” هو مجال العمل للإصلاح الأخلاقي, بينما الدولة هى أداة التغيير ومجال التنافس في السياسة, وبذلك فإنَّه يتلافى الأخطاء الحتمية التي تقع فيها منظمات الإسلام السياسي وتؤدي لفشلها.

في ظنى أنّ الأستاذ المحبوب كذلك أدرك هذه المعضلة ولذلك قال أنَّ الإسلام السياسي إستنفذ أغراضه, وأضاف شيئاً في غاية الأهمية وهو أنَّ ( الخطاب المفهوم للناس الآن هو الديموقراطية كأداة لتحقيق مفاهيم الحرية والعدالة ). إنتهى

لا شك أنَّ الأستاذ المحبوب قد تيقن من فشل الإسلام السياسي – بمعاييره السائدة وأدواته المشهورة – في تحقيق أكبر المقاصد الدينية “الحرية والعدالة”, وأنَّ السبيل إلى ذلك لا يكون إلا عن “الديموقراطية” التي هى ليست من ضمن تلك الأدوات, فلا مناص إذن من مراجعة البنية الفكرية الأساسية التي قام عليها ذلك التيار.

في هذا الإطار يكون الهدف الغائي هو الخروج من الإطار المفهومي الضيَّق الذي ظلت تطرحهُ مدرسة الإسلام السياسي للشريعة والذي يختصرها في تطبيق الحدود وبعض الأمور الثانوية الأخرى وذلك بتبني إطار أشمل آخر يوائم بين الديموقراطية و المقاصد الكبرى للدين المتمثلة في الحُريَّة والعدالة.

لإنجاز تلك النقلة, لا بُدَّ من الفصل بين المجالين المذكورين “الديني والسياسي” كخطوة أولى, وهو ما فعلته النهضة, ومن ثم يتوجب نقد الأفكار التي نهض عليها بنيان الإسلام السياسي كما طرحها المرشد المؤسس حسن البنا, ومن بعده الأستاذ سيد قطب, وحتى الدكتور الترابي, فالأول والثاني ? على سبيل المثال – لا يؤمنون بالديموقراطية من حيث المبدأ, بينما الثالث يستخدمها بطريقة ذرائعية غرضها الوصول للسلطة.

حسن البنا يرى في الديموقراطية (نظاماً تافهاً متداعياً), وسيد قطب يؤسس لإستخدام العنف وتكفير المجتمع, بينما الترابي يُعوِّل على السلطة في إحداث التحوُّل القيمي والأخلاقي, وهنا يكمُن الخطأ, ذلك لأنَّ الدولة في الأساس أداة “إكراه”, بينما لا أكراه في الدين, وكذلك فإنَّ مشروع السلطة “السياسة” يقوم على المساومة والحلول الوسط والإختيار بين البدائل بينما الدين يقوم على الحقيقة المطلقة والحق الواحد, ولذا فإنَّ التصادم بينهما أمرٌ حتمىٌ ولا بدَّ أن يسود في النهاية منطق الدولة “القوة والإستبداد”.

إنَّ مُجرَّد ربط الدين بالسلطة يعني إهدار معناه, ذلك لأنَّ السلطة تفسد الآيديولوجيا (العقيدة) وهو إفساد ? كما يقول جمال البنا – في طبيعة السلطة ولا يُمكن أن تتخلص منه, وكل نظام يحاول الإقتران بالسلطة بقصد اصلاحها وتطويعها لا بُدَّ أن يقع فريسة لها وبدلاً من أن يكون سيدها يصبحُ تابعها.

المهمة التي تقع على عاتق الأستاذ المحبوب وإخوانه هى أن يعملوا على ترسيخ المفاهيم التي تؤدي للقطع مع الإستبداد, بالمفهوم الخلدوني ? كما يقول القيادي في حركة النهضة سيد الفرجاني – وأن يسعوا لخلق خطاب ديموقراطي بديل مقصده ترسيخ الحرية كمبدأ حاكم, وإعمال العقل في الطرح السياسي, وهذا كما ذكرت لا يتأتى إلا بالتخلي عن ثوابت خطاب الإسلام السياسي.

وكما قلتُ في مناسبة سابقة فإنه لا يخفى على الأستاذ المحبوب أنَّ “طائفية الجماعة” التي تحدث عنها هى نتاج الفكر الإستعلائي الذي غرسهُ البنا ورعاهُ من بعده سيد قطب, وهو فكرٌ يُطابقُ بين الجماعة والإسلام, ويُثبِّتُ في عقول “الأعضاء/الجنود” أنهُّم الجماعة المختارة, تأمَّل كلمات المرشد المؤسس وهو يخاطبهم :

( نحنُ ولا فخر أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وحملة رايته من بعده ورافعوا لواءه كما رفعوه وحافظوا قرآنه كما حفظوه, هذه منزلتكم فلا تصغروا في أنفسكم فتقيسوا أنفسكم بغيركم. لقد دعوتم وجاهدتم، فواصلوا جهودكم واعملوا والله معكم فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غدا وللسابق عليه الفضل ). إنتهى

لا شك أنَّ التحولات التي أحدثتها حركة النهضة التونسية تعكسُ في جانبٍ كبيرٍ منها إختلاف التطور التاريخي والفوارق الثقافية والإجتماعية مع مجتمعات إسلامية أخرى ومنها السودان الذي أصابته هجمة تديُّن صحراوي كاسحة خلال الثلاثة عقود الأخيرة, ولكن ذلك لا يعني أن يرفض أتباع الإسلام السياسي ? خصوصاً المفكرين منهم – توجهات الحركة التونسية خصوصاً بعد الفشل الذي أصاب التجربة السودانية.

قد فشلت تجربة أهل الإسلام السياسي في إقامة دولة “العدل الرشيدة” التي كانوا يتطلعون إليها في السودان, بل إنَّ التجربة أفرزت نقيض الغايات المنشودة في ما يلي قضايا الحُرية السياسية والعدالة ووحدة النسيج الإجتماعي إضافة للإنحرافات الهائلة في القيم الفردية المُرتبطة بالطهر والتجرُّد والزهد وحفظ الحق العام في المال والوظيفة وغير ذلك, وبالتالي فهم أجدر من غيرهم بالنظر في كيفية الخروج من مأزقهم الفكري.

جُرأة الأستاذ المحبوب في إعلان رأيه حول مستقبل تيار الإسلام السياسي يجبُ أن يصحبها جُهد فكري معمَّق يهدف لتفكيك الأفكار الأساسية التي إنطلقت منها جماعة الأخوان المسلمين بوصفها التنظيم الأكبر الذي عمل على نشر مبادىء وتوجهات وخطاب ذلك التيار, ويتطلع الناس في هذا الإطار لكتابات ناقدة لرسائل وخُطب وكتابات المُرشد المؤسس, بجانب أفكار سيد قطب ومحمد قطب والترابي وغيرهم.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قال تعالى( اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله)
    اكبر خطيئة ارتكبت على وجه الارض هو ان تشرك مع الله احدا والذي يلاحظه الشخص على من ينادون بالاسلام السياسي هم في الخقيقة دعاة للشرك لانهم اتخذوا هؤلاء المفكرين كما يزعمون اربابا من دون الله وصارت اقوالهم وامزجتهم قرانا عندهم
    ولذلك انا ضد اي فكر بشري يحاط بشيء من القدسية الالهية فماحدث والسودان نموزجا اتبعوا افكار الترابي وغيره وصوروا للناس ان هذا هو الدين وبعد التحربة اتضح للناس ان هذا ليس هو الدين لان الدينوالاسلام لا يعني باي حال من الاحوال الفساد والغش والمذب واكل اموال الناس والكبت وغيرها
    ولذلك تظل الدعوة قائمة لقيام الدولة العصرية دولة المؤسسات القائمة على العدالة والحرية والصدق والامانة ولا حرج ان نقتفى النموزج الغربي في ذلك
    اما التدين فييحب ممارسته بصورة فردية وقناعات شخصية سيحاسبه الله عليها يوم القيامة

  2. يا دوب فهموا الكلام ده، بعد ما اذاقوا الناس مر العذاب من جراء افكارهم العاطلة، يجب ابادة افكار الاخوان الفاشلة، لكي لا تنبت من جديد، فهي كالسرطان القاتل.

  3. ولا تنس يا أستاذ بابكر مأزق “العالمية” كما يتجلى في التنظيم العالمي للأخوان المسلمين وتعارضها مع الدولة القومية حيث كان ولاء كيزان السودان لتنظيمهم العالمي مستغلين الدولة السودانية كمطية، مما أدى لانهيار الدولة وتفككها.

  4. لماذا تدعو
    أشخاص لا فكر لهم وخبثاء
    لمراجعة فكرهم
    اتقوا الله يا جماعة
    الغطغطة دي إلى متي ؟

  5. المحبوب ياعزيزي شارك في انقلاب الانقاذ وكان الرجل الاقوي في التنظيم وفي عهده اذاق المعارضين العذاب في بيوت الاشباح واطاح بالكفاءت للصالح العام وشرد الالاف وبعدما اغتني وتنعم وتبرجز ياتينا اليوم ليحدثنا عن موت مشروعه الحضارب يامحبوب شهدنا عصركم ولم نجد اسلاما ولاحضارة ودونك فرج فودة في الحقيقة الغابة لعنه الله عليكم جميعا

  6. لازلت تسمى الاسلام بالاسلام السياسى يا بابكر فيصل لذلك لن يكون نقدك للتجربه نقدا علميا كاملا الا اذا اطلقت الحبل على استقامته بالحديث صراحة على ان الدين منتج اجتماعى متخلف اذا ما قورن بالمباىء العلمانيه الحاكمه اليوم

  7. بعد قراءة المقالة أعلاه لم أعبأ كثيرا باحتفاء كاتبها بفشل ما يسمى (الاسلام السياسي) ، كذلك لم تستفزني تثنيته الاشادة بمحبوبه عبد السلام ، الذي لا ارى فيه سوى تابع مقلد تنقصه القدرة او الجراة في الصدع بالاراء التي تخالف المألوف من الاّراء ،لكن الذي استفزني هو سطحية المقالة و التناقضات التي حفلت بها.
    لاشك ان النمطية و اجترار ما يجترحه الآخرون دون تدبر هو امر مقيت يلازم من يستسهلون الخوض في الأمور الشائكة بجهد المقل، و للأسف اجد المقالة اعلاه انصبت حول عبارة نمطية أصبحت مبتذلة (مستهلكة) cliche و هي عبارة ( الاسلام السياسي) وتطلق على الجماعات او الأحزاب التي ترفع شعارات إسلامية بحق او مجرد توظيف لتلك الشعارات بهدف تسنم السلطة، في حين ان المعلوم بداهة ان الاسلام واحد و لا يتجزا الى اسلام سياسي و اخر عقائدي و ثالث اسلام حدود و معاملات. لذلك كان على كاتب المقالة ان يأتي بالتسمية الصحيحة و هي ( النموذج الاسلامي) او ( النهج الاسلامي) و من ثم يعقد المقارنة بينه و بين النظم الاخرى و ليس فقط إثبات فشل ( الاسلام السياسي) منسوبا الى جهات تقوم بتوظيف الدين في السياسة كما هو الحال في الوضع القائم حاليا في السودان.
    الحيثيات الخاطئة حتما تقود الى النتائج الخاطئة ..و يتجلى ذلك في ان الكاتب خلص من الحيثيات التي صاغها الى ان ممارسة ( الاسلام السياسي) تقود الى الانغلاق و غياب الديموقراطية التي تتحقق بها مفاهيم الحرية و العدالة ، في حين ان الكاتب نفسه في موضع اخر من المقالة يقر بان اكبر المقاصد الدينية تتمثل في الحرية و العدالة ، و كان بإمكان الكاتب تفادي هذا التناقض لو استخدم التسمية الصحيحة و هي النموذج الاسلامي الذي لا يوجد تناقض بينه و بين الديمقراطية اذ ان غاية كليهما هي الحرية و العدالة كما ذكر الكاتب.
    كذلك ورد في المقالة ان الديموقراطية ليست من ضمن أدوات (الاسلام السياسي) و هنا يغفل الكاتب عمدا ان النموذج الوحيد في العصر الحديث الذي أتى الى السلطة بزعم تطبيق النموذج الاسلامي عن طريق الانقلاب العسكري هو النظام القائم حاليا في السودان، في حين ان تيارين مماثلين قد آتيا في تجربتين لاحقتين في كل من الجزائر و مصر عن طريق الديموقراطية، و لا يجدي هنا الاستشهاد بأقوال حسن البنّا او سيد قطبي.
    ارى ان الاجدى في إثبات فشل النظام القائم في السودان هو إثبات بعده عن النموذج الاسلامي الذي يدعي تطبيقه ، و ليس الاستناد الى تكتيكات هنا و هناك اقتضاها الظرف السياسي الماثل كما هو الحال في تونس و التي يسهل التنصل عنها متى ما سنحت الفرصة .عندها سيجد كاتب المقالة ان النموذج الاسلامي لا يتعارض أبدا مع الديموقراطية و غيرها من نظم الحكم و الادارة الحديثة، و ليس ادل على ذلك من ان التطبيق الاسلامي في عهد نميري و في ظل طيب الذكر المشروع الحضاري لم يأتِ بجديد سوى مصادرة الديموقراطية ، و تطبيق العقوبات الحدية و التي لا تتجاوز سبعة حدود على أحسن الفروض في حين ان جل العقوبات في الفقه الجنائي تدخل في باب التعازير و هي ذات العقوبات التي تنص عليها القوانين الوضعية، اما في فقه المعاملات فالشيء الوحيد الذي اختلف هو ابطال الربا بينما ظلت كل المعاملات الاخرى كما هي لعدم تعارضها مع الشريعة.
    اخيراً يكفي لإثبات عدم تعارض النموذج الاسلامي الصحيح مع ما استقرت عليه التجارب البشرية الراشدة انه في دراسة حديثة أعدها باحث بريطاني ترصد دول العالم من حيث تطبيق مباديء الاسلام ان الدول التي تصدرت القائمة حتى المركز 32 هي دول غير إسلامية حيث احتلت ايرلندا المركز الاول تلتها الدنمارك ، و السويد في المركز الثالث…و تتجلى المفارقة في ان الدولة الاولى بالنسبة للدول الاسلامية قد احتلت المركز 33 و هي ماليزيا ، فيما احتل السودان المركز 190 عالميا ، و السبب وفقا للباحث يكمن في سوء الحكام و استعمال الدين كوسيلة للسلطة و اضفاء الشرعية على نظام الحكم ، بينما تنص تعاليم القرءان على ان الازدهار الاقتصادي جيد بالنسبة للمجتمع ، فعن اي ( اسلام سياسي) تتحدث؟!
    ليس مستغرب امر الدراسة المشار اليها اعلاه فهي قد أكدت مقولة الشيخ محمد عبده في عام 1881( ذهبت للغرب فوجدت إسلاما و لم اجد مسلمين و لما عدت للشرق و جدت مسلمين و لكن لم اجد إسلاما ) .

  8. من حيث طائفية الاسلاميين كنت من اشار لها باكرا في جريدة العرب القطرية اوائل التسعينات وقلت لم نخرج من طائفية حميدة لحد ما ونحاول ذلم الا وقعنا في اخري سيئة جدا سيكون لها اثارها المدمرة علي الوطن والاسلام برئ منها اما بالنسبة لمسالة الاصلاح عبر المجتمع او الدولة فاول من اشار لها وعمل لها هو المفكر محمود محمد طه حيث قال لي ردا علي سال في ندوة (مهمتنا اصلاح المجتمع علي الاستقامة بفهم ووعي ليخرج الانسان السليم لكل مرافق الحياة ) بقي ان الغنوشي اهتدي الي ذلك ربما تكتتيكيا بسبب ان تركيبة الدولة التونسية تختلف من حيث النوعية والوعي عن السودان لاسباب وعي بورقيبه ومحاولاته ميدنة المجتمع علي الطريقه الاوربية رغم الاخطاء فتونس وحدة متجانسة اكثر من السودان القبلي المتشرذم في طريقه للخروج من شرنقة القبيلة وهو السؤال الذي تجاوزه الترابي من اجل السلطه فالاسلام برئ من كل ما حدث فالاسلام الاصيل المعلوم والمفهوم من اركانه الاساسية العدل والحرية والشوري وما قعدت الشوري عن التطور الا لسبب ان السلطه جعلتها هياكل فارغة وموجهه برغبتها لا برغبة المجتمع وما يدور فيه لو تمت ممارسة الشوري كما بدات في خلافة سيدنا عمر وتطورت مع الزمن لافرزت الياتها ولذهبت مراقي بعيدة ربما كانت الديمقراطية الراهنه وفي افكار سيدنا ابوبكر وعمر افكار سابقة للقرن الحالي بقراءة متبصرة ولكن السلطه هي مشكلة المشاكل

  9. بعد تجربة حكم فاشله جدا امتدت لاكثر من 27 عام بدات تتهافت الاعترافات ومن عضوية جماعة الاخوان المسلمين نفسهم حيث حاصرهم الانهيار الاقتصادي وبعد ان تاكد لهم تماما ان الشعب السوداني قاب قوسين او ادنى ليضع حدا لمعاناته من جوع وفقر ومرض وفساد غير مسبوق في الجنس الادمي
    نعم فشلت تجربة الاسلاميين في لحكم فشلا ذريعا ولن يكون الاعتراف بالفشل كفارة لانهم استمروا في الفشل ولم يقروا به من البداية حتى اوصلوا دولة السودان الى مرحلة تمزيق وحدة اراضيه واضاعوا الثروات من بترول وذهب وثروة حيوانية ودمروا كل المشاريع المنتجة مثل مشروع الجزيرة والسكة حديد وسودانير وسودان لاين واستولوا على الاراضي والميادين ولم يستبقوا شيئا للشعب السوداني ابدا وما زالوا يمارسون الفساد تحت غطاء الاستثمار وهذه حقائق لا تحتاج لتاكيد لان الكثيرين منهم اقروا بها ولم يغيروا ما بانفسهم حتى وصل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الامريكي من 12 جنيه الى ما يقارب ال 17000 جنيه وما زالوا يعمهون في غيهم وجبروتهم الى حين الوقت المعلوم لمواجهة الشعب السوداني

  10. أقتباس
    “وهنا يكمُن الخطأ, ذلك لأنَّ الدولة في الأساس أداة “إكراه”, بينما لا أكراه في الدين,”
    كلكم ترددون أكليشهات كاذبة و الأقتباس أعلاه خير مثال
    أذا قصد الكاتب الدين الأسلامي فكيف ينكر الكاتب أنه أنتشر بالسيف
    أليس السيف أكراه؟

    قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

    فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

  11. إقتباس : جاء فى مقال الاستاذ عادل ابراهيم فى معرض تعليقه على الاستاذ المحبوب عبد السلام :
    ” … أن يصدر القول (إن الإسلام السياسي قد استنفد أغراضه) عن الأستاذ المحبوب عبد السلام الذي عرف بجهده و اجتهاده في ميدان الإسلام السياسي و قربه ، لفترة طويلة ، من دكتور الترابي , أمر باعث للاهتمام , و محفز للغوص أعمق لطرح التساؤل المنطقي عن الأغراض التي أكمل الإسلام السياسي تحقيقها في المرحلة السابقة , و لم يعد بعدها مؤهلا لتحقيق غرض جديد ?. ” .
    التعليق :
    فى غياب تبيان الاستاذ المحبوب عبد السلام لما يقصد بتعبيره ” استنفاد الإسلام السياسي لأغراضه ” فإن المعنى ينصرف الى ان تجربة الاسلام السياسي ، فى السودان ، إن لم تكن على مستوى العالم ، قد وصلت الى مداها فى التطبيق العملى ، حيث تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود لهذه التجربة ، فلم تعد قادرة على حل مشاكل العصر المعقدة القائمة . فهي تعترف بفشلها ، و تعترف ضمنيا بالاخطاء التى تسببت فيها ، و تدعو الامم للبحث عن بدائل لحلول المشاكل المستعصية التى خلقتها تجربة الاسلام السياسي مما تعكسه الدعوة الى الحوار الوطنى و المجتمعى الذى دعى له عرابو الاسلام السياسى مؤخرا.
    و هنا مربط الفرس . فقد كان الاستاذ محمود محمد طه ، قد تنبه و نبه الى ان حركة الاسلام السياسي فى السودان لا تنطلق من منطلقات عقائدية او فكرية ، بل نشأت مكايدة للإتجاهات اليسارية و القومية ، و كان همها الاول هو تدمير هذه الاتجاهات باى وسيلة و أي ثمن ، ثم تطورت الفكرة للانفراد بالسلطة لتحقيق هذه الاهداف ، فتم لها ذلك فى 30-06 1989 ، بعد ان قبلت التعاون مع الشيطان الاكبر ، بل كل الشياطين لتحقيق أغراضها ، و بدلت جلودها عدة مرات ، فهي الاخوان المسلمين مرة ، و جبهة الميثاق ،
    مرة أخرى ، و تارة الجبهة الفومية الاسلامية ، و تارة أخرى المؤتمر الوطنى او المؤتمر الشعبى و تفرعاتهم . و لعل دكتور الترابى ، رحمه الله ، قد ذكر ذلك فى بعض مؤلفاته عن تاريخ الحركة الاسلامية فى السودان . و يروى بعض الثقاة من رواد حركة الاخوان المسلمين السودانيين و لعله ، استاذنا الجليل صادق عبد الله عبد الماجد ، بانه سمع الاستاذ سيد قطب ، رحمه الله و هو ينصح الاخوان المسلمين فى السودان ان لا يلجوا معترك السياسة قبل تربية النشأ تربية إسلامية صحيحة ؛ خط معالمها الاساسية فى بعض كتبه و رسائله و محاضراته . و يرجع البعض خلافات الاخوان المسلمين فى مصر مع فصيل الترابي ، عراب الاسلام السياس فى السودان لمخالفته لهذا التوجيه .
    و تصر الحركة الاسلامية السياسية بقيادة الدكتور حسن عبد الله الترابى ، ركوب حصان الاسلام السياسى بالمقلوب . و بلا تبصر ، و تتعثر التجربة ، و يصر على المضي فيها ، رغم المعاناة و الضيق الذى سببته ، و الفرقة و التشرزم و تمزيق الوطن ، ، و هي تحمل مقومات الفشل البين ، اكثر من بوارق النجاح ، فيرهق الرجل الى درجة القنوط و الغثيان فيسقط ، مع الاسف ، ضحية لهذه التجربة المذلة فيدينها ، و يدين معها كل تجارب الاسلام السياسى القرشي منها ، و العثمانى ، و الوهابى ، و المهدوى ، و المودودى ، و القطبى ، و القاعدى و الداعشى و الحوثى ، حينما يعلن على الملأ ، فى شهادته على العصر : ان ” الاسلام السياسي ، عبر التاريخ ، لم يقدم لنا نموذجا ، لدولة ، يمكن الإحتزاء به . و ان الخلافات ( جمع خلافة ) كانت تافهة ، و ان التشريع ( للإسلام السياسى ) كان يعبر عن رغبة الحاكم و لا علاقة له بهموم العباد . وان العسكر فى السودان استولوا على السلطة و صاروا يسيرون الامر بما يتفق مع مصالحهم ، و ان الفساد قد استشرى فى السودان فى ظل الاسلام السياسى و ان رئيس الدولة مطلوب للعدالة الدولية فهو ، فى تقييمة ، كأستاذ للقانون الدستورى ، يجزم بان الرئيس مدان و نصحه بتسليم نفسه للعدالة الدولية .
    طبعا البعض يشكك فى شهادته على العصر و يقول انها مجروحة لانه تعذب على يد تلاميذه و حواريه الذين يشهد ضدهم الآن ، بينماقال البعض انه تأثر بضربة الملاكم هاشم بدر الدين فى كندا التى افقدته الوعي و ابقته طريح المستشفى ، لعلها فى سويسرا ، على مدى ثلاث اسابيع ، بينما يذهب البعض الى ان تلامذته قد ارهقوه بالسجون و الملاحقة .
    – جاء فى حديث الاستاذ محمودمحمد طه :
    ” … “.. من الافضل للشعب السودانى ان يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الدينى … و سوف تكون تجربة مفيدة للغاية – إذ أنها بلا شك – سوف تكشف مدى زيف شعارات هذه الجماعة .. و سوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسيا و اقتصاديا حتى لو بالوسائل العسكرية – و سوف تزيق الشعب الامرين ? و سوف يدخلون البلاد فى فتنة تحيل نهارها الى ليل – و سوف تنتهى بهم فيما بينهم ? و سوف يقتلعون من ارض السودان إقتلاعا ” .

    – قيل ان امير المؤمنين هشام بن عبد الملك قد غضب غضبا شديدا عندما شكا له البعض ابنه سعيد وانه أصبح فحلا لا هم له غير الزنا بالحرائر ، فاستدعاه و علاه ضربا بالخيزرانة و قال له :
    ” .. أتزنى و انت إبن اميرالمؤمنين !!! أعجزت أن تفجر فجور قريش …. قتل هذا و سلب مال هذا !!! ” .
    – تجدنى أتفق تماما مع ملاظة الاستاذ ، عادل ابراهيم حمد الذكية :
    ” … لم يقدم الإسلام السياسي نفعاً في فترات سابقة حتى يشار إلى استنفاد أغراضه , بل لقد اضر كثيراً بتوجسه من ثقافات الغير ثم بتنصيبه نفسه ـ رغم هذا الفقر الفكري , وصياً على الآخرين من منطلق الإحساس بتجسيد كمال الدين ” .
    – و أرجو ان يتفق معى ، أستاذنا الجليل ، عادل ، أنه من الخطأ التاريخى أن نعتقد أن الاسلام السياسي هو و ليد العصر الحديث .أن الاسلام السياسي ترجع جذوره الى بدايات القرن السابع الميلادى ، حين إحتكرت قبائل قريش السلطة ، التشريعية ، و التنفيذية و الدينية ، بالاضافة للتجارة . و بالتالى اقصت غيرها من القبائل ،و من يومها لم تتوقف الحروب و الاقتتال ، حروب الردة ، و اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين ، و حرب الجمل ، و حرب صفين ، و استئثار قريش بنى أمية بالخلافة و تحويلها الى ملك عضوض يتوارثونه بلا سند شرعي على مدى تسعون عاما ، ، و احتلال عبد الله ه بن الزبير مكة المكرمة ، و مبايعته اميرا للمؤمنين ، و مقاومة الحجاج بن يوسف ، و هو من قرشيي بنى ثقيف ، لعبد الله بن الزبير ، و هو من قرشيي بني أسد ، و من ثم محاصرة مكة المكرمة و رمي الكعبة المشرفمما يثير حفيظة قرشيي بنى العباس ة بالمنجنيق و احراقها ، ثم تسلطه على اهل العراق ، و على كل من يناوئ سلطان بنى امية ، حتى قيل عنه انه قتل اكثر من مائة و عشرين الفا منهم ، و انه حين مات ، و جدت فى سجونه اكثر من مائة الف سجين بين رجل و امرأة ، مما يثير حفيظة قرشيي بنى العباس
    فيستعينون بالفرس بقيادة ابو مسلم الخراسانى فيقضون على قريش بنى أمية و يقتلون منهم مئات الالاف ، و ينبشون قبور ارائهم و يجلدون من لم يتهرأ جسمه .
    و لم يتوقف سيل الاجتهادات التى تمكن القرشيين من السلطة ، فكان ما وصل العالم ، من تجربة فى الحكم ، لا يعدو ان يكون اجتهادات قريش فى تأصيل و تمكين سلطتها ، استنادا للكتاب و السنة المفسرين حسب مزاج و اغراض بطون قريش . و تأخرت كتابة السيرة النبوية و الاحادديث الشريفة ، و التى تشكل جزء من التشريع الاسلامى ، قرابة القرنين من و فاة الرسول صلوات الله عليه و سلامه . ، إذ ان السنة هي قول الرسول ، او فعله ، أو إقراره . و السنة هي الجناح الثانى للشريعة الاسلامية فالرسول صلوت الله عليه و سلامه يقول : ” تركت فيكم ما ان تمسكتم به فلن تضلوا أبدا : كتاب الله و سنتى ، و فى رواية أخرى عترتى آل البيت .
    – كتبت السيرة النبوية بمزاج قرشيي العباسيين ،إذ كتبت السيرة النبوية اول ما كتبت بأمر الخليفة ابوجعفر المنصور ، ثانى خلفاء العباسيين. كتبها ابن اسحاق . اما الاحاديث النبوية فكان اول من جمعها و حققها و صنفها الامام البخارى المولود فى سنة ، أي بعد ، من وفاة الرسول صلوات الله عليه و سلامه .
    – ففى يوم السقيفة ، و النبي صلوات الله عليه و سلامه ، مسجى على فراش الموت ، استطاعت قريش ان تخرج حديثا عن النبي صلوات الله عليه وسلامه ، يقول بأن ” الائمة من قريش ” و ارتاب البعض فى صحة الحديث عندما قارنوه بالآية الكريمة ” … إن اكرمكم عند الله أتقاكم ” ، و عندما قرأوه على ضوء ما أثر عن النبي ، صلوات عليه و سلامه إنه قال :
    ” .. لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى ” .
    – و حاول البعض ، جزاهم الله خيرا ، التوفيق بين النص القرآنى و الحديث النبوي ، فذهبوا الى القول : يكون الائمة من قريش إذا تساوى القرشييون و الاعاجم فى التقوي ، اما بخلاف ذلك فإن الائمامة للأتقى . – – – غير ان قريش احتهدت و فسرت النص على اطلاقه فقررت ان يكون الائمة قصرا عليها ؛ فجاء جميع الخلفاء الراشدين ، رضي الله عنهم ، من بطون قريش المختلفة ، الخليفة الاول من قريش بنى تيم ، و الخليفة الثانى من قريش بنى عدى ، و الخليفة الثالث من قريش بنى أمية ، و الخليفة الرابع من قريش بنى هاشم . و جاء خلفاء بنى امية جميعهم و بلا استثناء ، من قريس بنى أمية ، و جاء خلفاء بنى العباس جميعهم ، من قريش بنى هاشم ، و حتى فى حالة ضعف القبضة العباسية ، حكم المماليك و الاخاشيد باسم قريش بنى هاشم من العباسيين ، و حتى العثمانييون و قعوا فريسة لاجتهادات القرشيين فى “الاسلام السياسي” فطبقوا اجتهادات القرشيين حرفيا ، مما تعكسه مجلة الاحكام العدلية ، و على مدى يزيد عن ستة قرون ، حتى تم اقتسام امبراطوريتهم فى اتفاقية سايكس و بيكو 1916 بين بريطانيا و فرنسا ، ثم سقطت نهائيا فى 1922 بعد الحرب العالمية الاولى ، و هي تقاتل ، تحت علم الاسلام السياسي ، فى صف النازية الالمانية و الفاشية الايطالية ، بعد ان خرج عليها الامام المهدى فى السودان و انتصر عليها فى 26-01-1885 ، و الامير على بن الحسين فى الحجاز ، ليعلن كمال اتاتورك علمانية الدولة فى 1924 م ، و أعلن المواجهة مع اجتهادات قريش فى الاسلام السياسي ، الذى اطلق عليه امير المؤمنين هشام بن عبد الملك ” فجور قريش ” ..
    و لعل فيما ورد عاليه بعض الإجابة على التساؤل الذى طرحه الكاتب :
    – ما هي الأغراض التي أكمل الإسلام السياسي تحقيقها في المرحلة السابقة , و لم يعد بعدها مؤهلا لتحقيق غرض جديد ؟؟
    إقتباس : الاستاذ بابكر فيصل بابكر :
    – ” … لإنجاز تلك النقلة, لا بُدَّ من الفصل بين المجالين المذكورين “الديني والسياسي” كخطوة أولى, وهو ما فعلته النهضة, ومن ثم يتوجب نقد الأفكار التي نهض عليها بنيان الإسلام السياسي كما طرحها المرشد المؤسس حسن البنا, ومن بعده الأستاذ سيد قطب, وحتى الدكتور الترابي, فالأول والثاني ? على سبيل المثال – لا يؤمنون بالديموقراطية من حيث المبدأ, بينما الثالث يستخدمها بطريقة ذرائعية غرضها الوصول للسلطة
    – التعليق :
    و استميح الاستلذ بابكر فيصل بابكر عذرا ان اعدل بعض الشئ فيما ذهب اليه هنا . فهنالك استحالة عملية فى فصل الدين عن السياسة (الدولة ) ، اولا للحساسية التى اكتسبها الموضوع ، و ثانيا لان الدولة تتكون من ارض و شعب و سلطة . و الشعب يتكون من افراد ، و يدخل المعتقد الدينى فى تكوين كل فرد ، و لذا يصعب الفصل بين الفرد كمكون للشعب ، وبين معتقداته الدينية التى تدخل فى تكوينه كفرد من افراد الشعب . و عليه لا يبقى امامنا الا حماية هذا الفرد من استغلال الدولة للدين او العقيدة ، وذلك بالنص على حرية الدين و العقيدة فى الدستور ، حرية مطلقة لا يقيد منها الا الاحترام للأديان و العقائد الاخرى و الالتزام بالدفاع عنها فى ظل نظام ديمقراطى يقوم على فصل السلطات و التداول السلمى للسلطة عبر صناديق الاقتراع !!!

    و نعتذر عن الاطالة و الهفوات . و الشكر لادارة الراكوبة و نرجو ان تتيح للموضوع مجال اوسع و زمن اطول ، فالموضوع يستحق ان تتضافر الجهود على الاجابة عليه ، خاصة ان طرح الاساتذة المحبوب عبد السلام ، و الاستاذ عادل ابراهيم و الاستاذ بابكر فيصل بابكر ينم عن دراية و صدق فى الطرح .

  12. إقتباس : جاء فى مقال الاستاذ عادل ابراهيم فى معرض تعليقه على الاستاذ المحبوب عبد السلام :
    ” … أن يصدر القول (إن الإسلام السياسي قد استنفد أغراضه) عن الأستاذ المحبوب عبد السلام الذي عرف بجهده و اجتهاده في ميدان الإسلام السياسي و قربه ، لفترة طويلة ، من دكتور الترابي , أمر باعث للاهتمام , و محفز للغوص أعمق لطرح التساؤل المنطقي عن الأغراض التي أكمل الإسلام السياسي تحقيقها في المرحلة السابقة , و لم يعد بعدها مؤهلا لتحقيق غرض جديد ?. ” .
    التعليق :
    فى غياب تبيان الاستاذ المحبوب عبد السلام لما يقصد بتعبيره ” استنفاد الإسلام السياسي لأغراضه ” فإن المعنى ينصرف الى ان تجربة الاسلام السياسي ، فى السودان ، إن لم تكن على مستوى العالم ، قد وصلت الى مداها فى التطبيق العملى ، حيث تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود لهذه التجربة ، فلم تعد قادرة على حل مشاكل العصر المعقدة القائمة . فهي تعترف بفشلها ، و تعترف ضمنيا بالاخطاء التى تسببت فيها ، و تدعو الامم للبحث عن بدائل لحلول المشاكل المستعصية التى خلقتها تجربة الاسلام السياسي مما تعكسه الدعوة الى الحوار الوطنى و المجتمعى الذى دعى له عرابو الاسلام السياسى مؤخرا.
    و هنا مربط الفرس . فقد كان الاستاذ محمود محمد طه ، قد تنبه و نبه الى ان حركة الاسلام السياسي فى السودان لا تنطلق من منطلقات عقائدية او فكرية ، بل نشأت مكايدة للإتجاهات اليسارية و القومية ، و كان همها الاول هو تدمير هذه الاتجاهات باى وسيلة و أي ثمن ، ثم تطورت الفكرة للانفراد بالسلطة لتحقيق هذه الاهداف ، فتم لها ذلك فى 30-06 1989 ، بعد ان قبلت التعاون مع الشيطان الاكبر ، بل كل الشياطين لتحقيق أغراضها ، و بدلت جلودها عدة مرات ، فهي الاخوان المسلمين مرة ، و جبهة الميثاق ،
    مرة أخرى ، و تارة الجبهة الفومية الاسلامية ، و تارة أخرى المؤتمر الوطنى او المؤتمر الشعبى و تفرعاتهم . و لعل دكتور الترابى ، رحمه الله ، قد ذكر ذلك فى بعض مؤلفاته عن تاريخ الحركة الاسلامية فى السودان . و يروى بعض الثقاة من رواد حركة الاخوان المسلمين السودانيين و لعله ، استاذنا الجليل صادق عبد الله عبد الماجد ، بانه سمع الاستاذ سيد قطب ، رحمه الله و هو ينصح الاخوان المسلمين فى السودان ان لا يلجوا معترك السياسة قبل تربية النشأ تربية إسلامية صحيحة ؛ خط معالمها الاساسية فى بعض كتبه و رسائله و محاضراته . و يرجع البعض خلافات الاخوان المسلمين فى مصر مع فصيل الترابي ، عراب الاسلام السياس فى السودان لمخالفته لهذا التوجيه .
    و تصر الحركة الاسلامية السياسية بقيادة الدكتور حسن عبد الله الترابى ، ركوب حصان الاسلام السياسى بالمقلوب . و بلا تبصر ، و تتعثر التجربة ، و يصر على المضي فيها ، رغم المعاناة و الضيق الذى سببته ، و الفرقة و التشرزم و تمزيق الوطن ، ، و هي تحمل مقومات الفشل البين ، اكثر من بوارق النجاح ، فيرهق الرجل الى درجة القنوط و الغثيان فيسقط ، مع الاسف ، ضحية لهذه التجربة المذلة فيدينها ، و يدين معها كل تجارب الاسلام السياسى القرشي منها ، و العثمانى ، و الوهابى ، و المهدوى ، و المودودى ، و القطبى ، و القاعدى و الداعشى و الحوثى ، حينما يعلن على الملأ ، فى شهادته على العصر : ان ” الاسلام السياسي ، عبر التاريخ ، لم يقدم لنا نموذجا ، لدولة ، يمكن الإحتزاء به . و ان الخلافات ( جمع خلافة ) كانت تافهة ، و ان التشريع ( للإسلام السياسى ) كان يعبر عن رغبة الحاكم و لا علاقة له بهموم العباد . وان العسكر فى السودان استولوا على السلطة و صاروا يسيرون الامر بما يتفق مع مصالحهم ، و ان الفساد قد استشرى فى السودان فى ظل الاسلام السياسى و ان رئيس الدولة مطلوب للعدالة الدولية فهو ، فى تقييمة ، كأستاذ للقانون الدستورى ، يجزم بان الرئيس مدان و نصحه بتسليم نفسه للعدالة الدولية .
    طبعا البعض يشكك فى شهادته على العصر و يقول انها مجروحة لانه تعذب على يد تلاميذه و حواريه الذين يشهد ضدهم الآن ، بينماقال البعض انه تأثر بضربة الملاكم هاشم بدر الدين فى كندا التى افقدته الوعي و ابقته طريح المستشفى ، لعلها فى سويسرا ، على مدى ثلاث اسابيع ، بينما يذهب البعض الى ان تلامذته قد ارهقوه بالسجون و الملاحقة .
    – جاء فى حديث الاستاذ محمودمحمد طه :
    ” … “.. من الافضل للشعب السودانى ان يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الدينى … و سوف تكون تجربة مفيدة للغاية – إذ أنها بلا شك – سوف تكشف مدى زيف شعارات هذه الجماعة .. و سوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسيا و اقتصاديا حتى لو بالوسائل العسكرية – و سوف تزيق الشعب الامرين ? و سوف يدخلون البلاد فى فتنة تحيل نهارها الى ليل – و سوف تنتهى بهم فيما بينهم ? و سوف يقتلعون من ارض السودان إقتلاعا ” .

    – قيل ان امير المؤمنين هشام بن عبد الملك قد غضب غضبا شديدا عندما شكا له البعض ابنه سعيد وانه أصبح فحلا لا هم له غير الزنا بالحرائر ، فاستدعاه و علاه ضربا بالخيزرانة و قال له :
    ” .. أتزنى و انت إبن اميرالمؤمنين !!! أعجزت أن تفجر فجور قريش …. قتل هذا و سلب مال هذا !!! ” .
    – تجدنى أتفق تماما مع ملاظة الاستاذ ، عادل ابراهيم حمد الذكية :
    ” … لم يقدم الإسلام السياسي نفعاً في فترات سابقة حتى يشار إلى استنفاد أغراضه , بل لقد اضر كثيراً بتوجسه من ثقافات الغير ثم بتنصيبه نفسه ـ رغم هذا الفقر الفكري , وصياً على الآخرين من منطلق الإحساس بتجسيد كمال الدين ” .
    – و أرجو ان يتفق معى ، أستاذنا الجليل ، عادل ، أنه من الخطأ التاريخى أن نعتقد أن الاسلام السياسي هو و ليد العصر الحديث .أن الاسلام السياسي ترجع جذوره الى بدايات القرن السابع الميلادى ، حين إحتكرت قبائل قريش السلطة ، التشريعية ، و التنفيذية و الدينية ، بالاضافة للتجارة . و بالتالى اقصت غيرها من القبائل ،و من يومها لم تتوقف الحروب و الاقتتال ، حروب الردة ، و اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين ، و حرب الجمل ، و حرب صفين ، و استئثار قريش بنى أمية بالخلافة و تحويلها الى ملك عضوض يتوارثونه بلا سند شرعي على مدى تسعون عاما ، ، و احتلال عبد الله ه بن الزبير مكة المكرمة ، و مبايعته اميرا للمؤمنين ، و مقاومة الحجاج بن يوسف ، و هو من قرشيي بنى ثقيف ، لعبد الله بن الزبير ، و هو من قرشيي بني أسد ، و من ثم محاصرة مكة المكرمة و رمي الكعبة المشرفمما يثير حفيظة قرشيي بنى العباس ة بالمنجنيق و احراقها ، ثم تسلطه على اهل العراق ، و على كل من يناوئ سلطان بنى امية ، حتى قيل عنه انه قتل اكثر من مائة و عشرين الفا منهم ، و انه حين مات ، و جدت فى سجونه اكثر من مائة الف سجين بين رجل و امرأة ، مما يثير حفيظة قرشيي بنى العباس
    فيستعينون بالفرس بقيادة ابو مسلم الخراسانى فيقضون على قريش بنى أمية و يقتلون منهم مئات الالاف ، و ينبشون قبور ارائهم و يجلدون من لم يتهرأ جسمه .
    و لم يتوقف سيل الاجتهادات التى تمكن القرشيين من السلطة ، فكان ما وصل العالم ، من تجربة فى الحكم ، لا يعدو ان يكون اجتهادات قريش فى تأصيل و تمكين سلطتها ، استنادا للكتاب و السنة المفسرين حسب مزاج و اغراض بطون قريش . و تأخرت كتابة السيرة النبوية و الاحادديث الشريفة ، و التى تشكل جزء من التشريع الاسلامى ، قرابة القرنين من و فاة الرسول صلوات الله عليه و سلامه . ، إذ ان السنة هي قول الرسول ، او فعله ، أو إقراره . و السنة هي الجناح الثانى للشريعة الاسلامية فالرسول صلوت الله عليه و سلامه يقول : ” تركت فيكم ما ان تمسكتم به فلن تضلوا أبدا : كتاب الله و سنتى ، و فى رواية أخرى عترتى آل البيت .
    – كتبت السيرة النبوية بمزاج قرشيي العباسيين ،إذ كتبت السيرة النبوية اول ما كتبت بأمر الخليفة ابوجعفر المنصور ، ثانى خلفاء العباسيين. كتبها ابن اسحاق . اما الاحاديث النبوية فكان اول من جمعها و حققها و صنفها الامام البخارى المولود فى سنة ، أي بعد ، من وفاة الرسول صلوات الله عليه و سلامه .
    – ففى يوم السقيفة ، و النبي صلوات الله عليه و سلامه ، مسجى على فراش الموت ، استطاعت قريش ان تخرج حديثا عن النبي صلوات الله عليه وسلامه ، يقول بأن ” الائمة من قريش ” و ارتاب البعض فى صحة الحديث عندما قارنوه بالآية الكريمة ” … إن اكرمكم عند الله أتقاكم ” ، و عندما قرأوه على ضوء ما أثر عن النبي ، صلوات عليه و سلامه إنه قال :
    ” .. لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى ” .
    – و حاول البعض ، جزاهم الله خيرا ، التوفيق بين النص القرآنى و الحديث النبوي ، فذهبوا الى القول : يكون الائمة من قريش إذا تساوى القرشييون و الاعاجم فى التقوي ، اما بخلاف ذلك فإن الائمامة للأتقى . – – – غير ان قريش احتهدت و فسرت النص على اطلاقه فقررت ان يكون الائمة قصرا عليها ؛ فجاء جميع الخلفاء الراشدين ، رضي الله عنهم ، من بطون قريش المختلفة ، الخليفة الاول من قريش بنى تيم ، و الخليفة الثانى من قريش بنى عدى ، و الخليفة الثالث من قريش بنى أمية ، و الخليفة الرابع من قريش بنى هاشم . و جاء خلفاء بنى امية جميعهم و بلا استثناء ، من قريس بنى أمية ، و جاء خلفاء بنى العباس جميعهم ، من قريش بنى هاشم ، و حتى فى حالة ضعف القبضة العباسية ، حكم المماليك و الاخاشيد باسم قريش بنى هاشم من العباسيين ، و حتى العثمانييون و قعوا فريسة لاجتهادات القرشيين فى “الاسلام السياسي” فطبقوا اجتهادات القرشيين حرفيا ، مما تعكسه مجلة الاحكام العدلية ، و على مدى يزيد عن ستة قرون ، حتى تم اقتسام امبراطوريتهم فى اتفاقية سايكس و بيكو 1916 بين بريطانيا و فرنسا ، ثم سقطت نهائيا فى 1922 بعد الحرب العالمية الاولى ، و هي تقاتل ، تحت علم الاسلام السياسي ، فى صف النازية الالمانية و الفاشية الايطالية ، بعد ان خرج عليها الامام المهدى فى السودان و انتصر عليها فى 26-01-1885 ، و الامير على بن الحسين فى الحجاز ، ليعلن كمال اتاتورك علمانية الدولة فى 1924 م ، و أعلن المواجهة مع اجتهادات قريش فى الاسلام السياسي ، الذى اطلق عليه امير المؤمنين هشام بن عبد الملك ” فجور قريش ” ..
    و لعل فيما ورد عاليه بعض الإجابة على التساؤل الذى طرحه الكاتب :
    – ما هي الأغراض التي أكمل الإسلام السياسي تحقيقها في المرحلة السابقة , و لم يعد بعدها مؤهلا لتحقيق غرض جديد ؟؟
    إقتباس : الاستاذ بابكر فيصل بابكر :
    – ” … لإنجاز تلك النقلة, لا بُدَّ من الفصل بين المجالين المذكورين “الديني والسياسي” كخطوة أولى, وهو ما فعلته النهضة, ومن ثم يتوجب نقد الأفكار التي نهض عليها بنيان الإسلام السياسي كما طرحها المرشد المؤسس حسن البنا, ومن بعده الأستاذ سيد قطب, وحتى الدكتور الترابي, فالأول والثاني ? على سبيل المثال – لا يؤمنون بالديموقراطية من حيث المبدأ, بينما الثالث يستخدمها بطريقة ذرائعية غرضها الوصول للسلطة
    – التعليق :
    و استميح الاستلذ بابكر فيصل بابكر عذرا ان اعدل بعض الشئ فيما ذهب اليه هنا . فهنالك استحالة عملية فى فصل الدين عن السياسة (الدولة ) ، اولا للحساسية التى اكتسبها الموضوع ، و ثانيا لان الدولة تتكون من ارض و شعب و سلطة . و الشعب يتكون من افراد ، و يدخل المعتقد الدينى فى تكوين كل فرد ، و لذا يصعب الفصل بين الفرد كمكون للشعب ، وبين معتقداته الدينية التى تدخل فى تكوينه كفرد من افراد الشعب . و عليه لا يبقى امامنا الا حماية هذا الفرد من استغلال الدولة للدين او العقيدة ، وذلك بالنص على حرية الدين و العقيدة فى الدستور ، حرية مطلقة لا يقيد منها الا الاحترام للأديان و العقائد الاخرى و الالتزام بالدفاع عنها فى ظل نظام ديمقراطى يقوم على فصل السلطات و التداول السلمى للسلطة عبر صناديق الاقتراع !!!

    و نعتذر عن الاطالة و الهفوات . و الشكر لادارة الراكوبة و نرجو ان تتيح للموضوع مجال اوسع و زمن اطول ، فالموضوع يستحق ان تتضافر الجهود على الاجابة عليه ، خاصة ان طرح الاساتذة المحبوب عبد السلام ، و الاستاذ عادل ابراهيم و الاستاذ بابكر فيصل بابكر ينم عن دراية و صدق فى الطرح .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..