أخبار السودان

إدوارد لينو : أبيي قابلة للإنفجار.. وهذا القرار (…) بيد سلفا وحده

حاوره في جوبا: شوقي عبدالعظيم

منطقة أبيي تمتعت على الدوام ومنذ أزمان بعيدة بوضع خاص تعزز بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل. ولاجلها ذوبت ولاية غرب كردفان التي تم حلها بعد توقيع اتفاق السلام. سكانها مزيج من قبائل المسيرية العربية والزنوج، وهي تعد جسراً بين شمال السودان وجنوبه. ولطالما حلم البعض أن تكون جسراً للتواصل بين شمال السودان وجنوبه لكنها على العكس، إذ شهدت المنطقة عمليات شد وجذب بين الشمال والجنوب طوال سني الشراكة بين المؤتمرالوطني والحركة الشعبية واستمرت هكذا بعد انفصال الجنوب. (الأحداث) عند زيارتها الى جوبا حاضرة دولة جنوب السودان جلست الى القيادي البارز (ادوارد لينو) وقلبت معه ملف المنطقة الشائك وتاليا تفاصيل المقابلة:
– ما هو الوضع الآن في أبيي؟
إن كان السؤال عن الوضع الإنساني فهو في أقصى درجات التردي، المواطن يعيش في ظروف صعبة لا يجد ماء نظيف ولا غذاء ولا علاج، أما الوضع الإداري فهو غير مفهوم على الإطلاق والإدارة شبه غائبة، لا أحد مسئول مباشرة عن المواطنين، وإن كان السؤال عن الوضع الأمني من الممكن أن تنفجر الأوضاع في أي لحظة وخاصة هذه الأيام .العرب متجهين إلى بحر كير للمرعى، هذه على صعيد المحاور الثلاثة – الوضع الإنساني والإداري والأمني.
– هل هذه كل المشاكل التي تعاني منها المنطقة؟.
هنالك مشكلة أخرى يعيشها مواطن أبيي وهي الشتات الاجتماعي، لا تستطيع الأسر أن تبقى في مكان واحد ولا تجتمع في مكان واحد، فهم في حالة نزوح من مساكنهم ومنطقتهم، وهم في حاجة ماسة وعاجلة للمساعدات وبالذات فصل الخريف شارف على البدء.
– الأمم المتحدة موجودة وهنالك قوات دولية لماذا تعكس واقع أبيي للمجتمع الدولي؟
الحقيقة القوات الأثيوبية الموجودة في أبيي لم تتفهم طبيعة المشكلة وابعادها الأثنية والعرقية، والصراع الدائر على الموارد، فهي قبل أيام سمحت للمسيرية دخول أبيي وهذا خرق لمهمتها المناطة بها، وهذا التصرف ساهم في خروج العدد القليل الذي عاد من سكان أبيي إلى منازلهم ومزارعهم، وكذلك لا أحد يتكلم عن معاناة سكان المنطقة، والقوات الأثيوبية الآن تحرس منطقة خالية تماماً.
– ذكرت أن الوضع الإداري غير مفهوم ماذا تعني بذلك؟
في السابق عندما دخل الجيش السوداني إلى أبيي، صدر قرار بحل الإدارية برئاسة دينق أروب، وبعد أيام تم إرجاع الادارة نفسها بقرار جديد، والمشكلة لم يسمح لأروب والإدارية بالبقاء في أبيي، واجبر على الإقامة في منطقة أنيت جنوب أبيي، وهذا الوضع أثر كثيرا في الإدارة ولم يعد ملما بواقع ومشاكل المنطقة لذلك ذكرت لك أن الإدارة شبه غائبة إن لم تكن غائبة فعلياً.
– هل طالبتم بإعادة الإدارية إلى أبيي؟
الخرطوم لا تلتفت لمثل هذه المطالبة، وفي تقديري هذا الوضع مقصود، أن يرتب سكان أبيي حياتهم على العيش جنوب بحر كير وتصبح المنطقة خالية من السكان الأصليين.
– هل ساهمت القوات الأثيوبية في أستقرار المنطقة.. وخاصة لم نسمع بصراع مؤخرا؟
أقولها لك بصراحة، القوات الدولية تحصيل حاصل، فهم وصلوا بعد أن وقعت الأشتباكات وحدث ما حدث، وحتى عندما جاءوا وجدوا الجيش السوداني قد بدأ الانسحاب أصلا على الرغم من أنه لم ينسحب بالكامل، وكما ذكرت طلبوا من السكان العودة وذهبنا لإقناعهم حتى يرجعوا من اللجوء، ولكن السماح للعرب بالدخول إلى المنطقة بأبقارهم أجهض المحاولة ووضع نقطة سالبة في حق القوات الدولية.
-لماذا هذا الأمر نقطة سالبة في حقها؟
كيف تسمح لطرف من أطراف الصراع التمتع بالموارد دون أتفاق مع السكان؟ وهذا هو دورها الرئيس أن تبعد الجانبين من مسببات التوتر والصراع، وبات من الواضح أن القوات الأثيوبية منحازة وكان من المفترض أن تكون في أقصى درجات الحياد، وهذا الإنطباع حتى عند المواطن البسيط الذي فقد الثقة نهائيا في هذه القوات؛ لأنها لم تكترث لدورها وما وعدوا به المواطن، والحقيقة نحن في منطقة أبيي فقدنا الثقة في كل الناس.
– تتهمون الخرطوم بخرق الإتفاقية ما مدى صحة ذلك؟
هذه ليست تهمة، والخرطوم معترفة بذلك، ولكنهم محصورون في منطقة ضيقة ولا اعتقد أن تأثيرهم كبير.
-الشهر الماضي أعلنت الخرطوم رصدها لعدد كبير من قوات الجيش الشعبي تتجمهر بالقرب من منطقة أبيي؟
هذا كلام غير صحيح، ولا يسعى الجيش الشعبي لتفجير الأوضاع في أبيي ولم يسبق له ذلك، وإن كان ما تقوله الصحيح لماذا لم تتحرك هذه القوات المحتشدة قرب أبيي حتى اليوم، ومن حق الجيش الشعبي أن يتحرك كما يشاء داخل دولة الجنوب اما على الحدود فهنالك اتفاقية تنظم حركة الجيوش ونحن ملتزمون بها.
-هل تتوقع عودة السكان إلى أبيي هذا الموسم؟
عودة السكان تحتاج إلى مطلوبات أولها توفير المساعدات الإنسانية الضرورية على الأقل لمساعدتهم على الإقامة وأبيي لا تزال مدينة محروقة بالكامل، وبجانب المساعدات الإنسانية توفير الأمن وهو عنصر مهم ولكن غير مفهوم ولم يحدد على من تقع مسؤوليته، فإن قلت القوات الأثيوبية فهي لم تستطع أن تجبر القوات السودانية على الإنسحاب، ووجود القوات السودانية في حد ذاته مهدد للأمن، ما حدث مؤخرا من دخول المسيرية دون اتفاق يساهم كثيراً تردد السكان في قرار العودة كما أسلفت، ومع هذه المعطيات أمل السكان في العودة ضعيف.
-الآن المسيرية في أبيي.. القوات الأثيوبية عاجزة كما صورتها.. موسم الخريف اقترب.. هل يمكن أن نقول إن عناصر إنفجار الوضع اكتملت ويمكن أن يحدث في أي لحظة؟
لا يمكن لادورد لينو أو لأي أحد أن يتنبأ بمواعد انفجار الوضع، وما يمكن أن أقوله إن الأوضاع قابلة للإنفجار في أي لحظة وفي أي وقت، الوضع الموجود حساس جدا وغير مفهوم، وعلى الأطراف الثلاثة حكومة السودان وحكومة جنوب السودان والمجتمع الدولي أن يتفهم خطورة ما يحدث هناك ويسعوا لتجنب كارثة جديدة.
-أنت ثاني أثنين في اللجنة المنوطة بمتابعة مشكلة أبيي.. ماذا تم في آخر اجتماع لهذه اللجنة؟
نعم أنا ود.لوكا بيونق وهو رئيس مناوب للجنة المنوطة بحل مشكلة أبيي ونحن ممثلون لسكان المنطقة من الدينكا ومن حكومة الجنوب ومن الطرف الثاني هنالك الخير الفهيم من المسيرية وهو رجل مقتدر بجانب ممثل آخر واللجنة أصبحت خماسية بعد أن بات عضوا فيها قائد القوات الأثيوبية الجنرال تداسي مسفين وإدارة أبيي نفسها تحت إدرة هذه اللجنة، في آخر اجتماع وكان في الشهر الماضي واتفقنا على أشياء كثيرة جداً، ولك أن ترى أننا يمكن أن نتفق من حيث الاتفاق نرفع ما نتفق عليه إلى الرئيسين سلفاكير والبشير، وكذلك ما نتردد في حسمه وما نختلف عليه بصورة كاملة.
– ما هي الأشياء التي اتفقتوا عليها؟
اتفقنا على تقديم مساعدات إنسانية للسكان، لأن حكومة الشمال لا تزال تمنع دخول المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى الجنوب، واتفقنا على أن نجتمع هذه الأيام لحسم وضع الشرطة وتستمر لتقنن دخول الرعاة المسيرية للمنطقة بعد اتفاق على مسارات محددة.
-هل سيتم توقيع اتفاق بينكم والمسيرية يسمح لهم بدخول المنطقة ويرعوا بسلام هذا العام؟
لا استطيع أن أؤكد لك أن الاتفاق سيتم، لأن مثل هذه الاتفاقيات عندما نرفعها للخرطوم تتعامل معها بذهنية مختلفة، والخرطوم لا تنشط إلا في دعم المسيرية في حربهم مع الدينكا، أما بخصوص السماح للمسيرية بالرعي هذا العام، فهم فعليا حضروا إلى المنطقة، ومشكلتهم انه في بداية الموسم يقبلوا بكل الشروط وبمجرد أن نبلغ نهاية الموسم تحصل تفلتات من قبلهم، هم الآن يرعوا ولا استبعد أن يكرروا ما يفعلوه كل عام.
-لكن ألا تتفق معي أن المسيرية أصحاب مصلحة ويهمهم أن يتم الاتفاق وقد يقنعوا الحكومة في الخرطوم بذلك؟
على المسيرية أن لا يتحالفوا مع النظام في الخرطوم وان يبتعدوا عنه قدر الإمكان ويعملوا على حلحلة مشاكلهم بالتفاوض المباشر مع أهل المنطقة ومع إدارة أبيي، وإن استمرت الخرطوم بالتدخل في شؤون أبيي ستقع كارثة حقيقة حال أنفجر الوضع هذه المرة، في السابق كان سكان المسيرية وحدهم يواجهون المسيرية والجهات التي تدعمهم ولكن لا أعتقد أن هذا سيستمر طويلا ويتكرر هذه المرة أيضا والمسيرية مواجهون بثلاث جبهات في المسارات الثلاثة التي يدخلون عبرها للجنوب، المسار الشرقي ويصل حتى بانتيو ، المسار الاوسط عبر أبيي والمسار الغربي حتى أويل، وهم يتحركوا حتى مناطق داخل الجنوب، ولا يمكن أن تستقبلهم دولة الجنوب موسميا وفي آخر الموسم يتسببوا في المشاكل، فلابد أن تضع حكومة الجنوب رؤية واضحة لدخولهم ووجودهم، والغريب أن القبائل العربية الأخرى التي ترعى في الجنوب لا تسبب في أي مشاكل فلماذا المسيرية وحدهم من يتسببوا في المشاكل؟
-أنت تتحدث عن اتفاق داخل اللجنة المشتركة وبينكم وبين المسيرية تشتركون في المنطقة من أين تاتي عرقلة الاتفاقيات؟
لا أقول أنها تأتي من الحكومة في الخرطوم، أو من المؤتمر الوطني ولكن هنالك قيادات ترى أن لها حق في ضم أبيي إلى الشمال والتمتع بمواردها والإستفادة منها، ونحن نقول إن أبيي منطقة جنوبية ومن حق أهلها أن يختاروا الدولة التي يردون الإنتماء إليها .
-ما هي رؤيتكم لأفق الحل في ظل الظروف التي ذكرتها ؟
في تقديري أن الأستفتاء هو الحل أو تغيير ذهنية الدولة في السودان من قبل تحدثت حكومة الجنوب عن دفع فدية للسودان ليتنازل لها عن أبيي
هذا الحل لم يعد ينفع ولا اعتقد أن من المفيد الكلام عن أبيي وحدها وكان من الأنسب إجمال كل الحدود الألفين ومئتي كيلو متر بين الشمال والجنوب، وأبيي لا يمكن أن تفديها بالمال، وإن كان ذلك ممكن فأبيي فدت نفسها وانتهت من وقت بعيد، فمنذ اتفاق السلام لم تسلم أبيي شيئا من حصتها المتفق عليها وكان من المفترض أن تمنح جنوب كردفان 2% والمسيرية 2% وأبيي 2% والجنوب 42 % والخرطوم 50%، وهي أكثر المناطق احتياجا لحصتها وهي مدينة محروقة، وتحتاج أن تبنى من جديد، وفي أيام الصراع نهبت المدينة تماما والناس في أقوك وفي غيرها يعيش الناس تحت الشجر، لذلك أبيي فدت نفسها، وفكرة الفدية نفسها لم تفلح.
– ما هو موقف المجتمع الدولي من الحل الجذري لمشكلة أبيي؟
المجتمع الدولي تأخر جدا في المساهمة في الحل وبعض الجهات تعمل على ضياع الزمن، وهذه الأيام الرئيس المناوب د.لوكا بيونق في جولة دولية بهذا الخصوص زار نيويورك وقابل مسئولين بالأمم المتحدة، وهو الآن في وشنطون وسيمر ببريطانيا يوضح لهذه الدول ما يجري الآن في المنطقة، وأنا كذلك سأقوم بجولة مماثلة لنوضح أنه لاتوجد مساع فعلية لاستتباب الأمن والسلام في المنطقة، والدلائل على ذلك موجودة على الارض وخلاف ما هو متفق عليه، وسنطلب من المجتمع الدولي وضع حد لمشكلة أبيي وخاصة بعد استخدام البند السابع لزاما أن لا يستمر هذا الوضع طويلا.
– من وراء تأخير الحل في أبيي وماذا يستفيد من ذلك؟
هذه سؤال مهم، وبالتأكيد الحكومة في الخرطوم تقف بصلابة خلف تأخير الحل أما عن ماذا تستفيد فهي الآن تنشط بشدة في سحب بترول أبيي عن طريق حقل دفره وهو يقع داخل منطقة أبيي تسمى (كج) وسعوا ليكون شمالا.. ولكن أسالوا المؤتمر الوطني لماذا كانت الحقول عند الاتفاق 36 حقلا في دفره واليوم 600 حقل؟ وإن توقع اتفاق سنحاسب الشمال على بترول هذه الحقول.
-ما هي رؤيتكم لحل المشكلة؟
الوضع مهدد بالإنفجار في أي وقت، وسيكون الإنفجار رهيبا وكارثيا هذه المرة؟
-ما هو موقف حكومة الجنوب إن وقع إنفجار هذه المرة؟
أنا لا أتوقع والرئيس سلفاكير مسؤول من القرار الأخير ولا أستطيع أن اتكهن.
-ما هي رسالتك للطرفين في السودان وجنوب السودان بخصوص أبيي؟
رسالتي لحكومة دولة جنوب السودان أن تكون مستعدة ولأن الوضع مرشح للإنفجار في أي لحظة، ويجب أن توحد موقفها التفاوضي في كل المناطق الحدودية أبيي وكافي كنجي وباريم وهيجليج ويجب أن يكون لها موقف صارم.. أما رسالتي للحكومتين أن يتركوا الشعوب تتواصل وتتماذج فحدود البلدين يسكنها (8) ملايين مواطن. فالتواصل يساهم في حسم مشاكل المستقبل.

الاحداث

تعليق واحد

  1. حقيقة لم يحظ السودان منذ إستقلاله بالاستقرار السياسي، إذ رافق قيام الدولة تنامي الحركات الراغبة في الإستقلال خاصة الجنوب بسبب القهر والظلم الاجتماعي واحتكار المركز للثروة والسلطة، ولكن ما زاد الطين بلة أن كافة القوى السودانية في حالة تنافر وتصادم والوطن يتمزق بعد دخوله دوامة من الحرب في كافة أوصاله الجنوب والشمال والشرق والغرب فهناك أكثر من حركة تمرد تسعي جميعها للإنفصال وتكوين كيانات مستقلة، هذا في الوقت الذي ما زالت فيه الرؤية الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية تضع مصالحها فوق مصالح الوطن، والمأساة بدأت مع مع انفصال الجنوب والان جنوب كردفان والنيل الازرق تغلي ودارفور لم تصل الي مخرج.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..