ما يريده الجنرالات !

* عطفا على ما قلته بالأمس عن عبثية مفاوضات السلام التي تجرى الآن في (جوبا) بوساطة حكومة جنوب السودان، أضيف بأن الجنرالات الذين يحكمون ويتحكمون الآن في البلاد ويسيطرون على كل شيء منتهزين ضعف الحكومة والأوضاع الاقتصادية السيئة والخزينة الخاوية التي ورثتها من النظام البائد، وهيمنتهم على السلاح والاموال والشركات الضخمة، والوثيقة الدستورية الهشة التي سمحت لهم بالسيطرة الكاملة على القوات النظامية بدون ان يكون للحكومة أية سلطة عليها بمن في ذلك وزيرا الدفاع والداخلية اللذان اعطت المادة (14 / 1) من الوثيقة الدستورية حق تعيينهما للجنرالات (المكون العسكري في المجلس السيادي) .. لن يسمحوا أبدا بالتوصل لاتفاق سلام مع قوى المعارضة العسكرية الرئيسية التي تتمتع بسند شعبي واسع وهي الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال (عبد العزيز الحلو) وحركة تحرير السودان (عبد الواحد محمد نور)، ليقينهم الراسخ بأن وجود شخصيات قوية وقوى عسكرية كبيرة داخل مكونات السلطة الانتقالية يعنى بشكل تلقائي انتهاء سيطرتهم واحتكارهم للسلطة والمال، وبالتالي فإنهم لن يسمحوا بالوصول لاتفاق سلام مع هذه القوى مهما كان الثمن مقابل ذلك .. ولو استدعى الأمر إغراق السودان في مستنقع الفوضى!
* كما يعلم الجميع، فإن تحقيق السلام هو أهم مهام الفترة الانتقالية المنصوص عليها في المادة (7 / 1) من الوثيقة الدستورية،وبدون تحقيقه تفقد الفترة الانتقالية، بل يفقد العهد الجديد الذي إستشرفه السودانيون بسقوط النظام البائد أي معنى أو قيمة له، لذلك كان اول ما انتبه إليه الجنرالات هو إعاقة تحقيق السلام بالسيطرة على المفاوضات (حتى قبل أن تبدا)!
* لعل الكل يذكر التحركات المكوكية لجنرال الدعم السريع للقاء بعض قادة الفصائل الدارفورية المسلحة في العاصمة الشادية إنجمينا في يوليو 2019 لقطع الطريق أمام قوى الثورة للتفاوض معهم، ونجح في ذلك بالفعل حيث ظلت الجبهة الثورية التي تتشكل منها تلك القوى، تماطل في توقيع اتفاق مع قوى الحرية والتغيير أو التنصل عن الاتفاقيات التي تعقدها معها لأسباب وحجج واهية منها عدم تمثيلهم في الحكومة ..إلخ، ولا تزال تماطل حتى الآن لإعاقة تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين رغم أنهم يعلمون تمام العلم بأن التعيين لا يعني نهاية الدنيا، ويمكن جدا إلغاء التعيينات القديمة في أي وقت، ولكنهم يريدون بقاء الوضع على ما هو عليه واستمرار سيطرة الجنرالات على السلطة، خاصة حميدتي الذى صار حليفهم الأول على أمل الحصول على مواقع ومناصب أفضل لاحقا !
* ولكي يكتمل تنفيذ المخطط كان لا بد من احتكار التفاوض في جوبا والسيطرة عليه بشكل كامل من خلال وجود الجنرال (حميدتى)على قمة الوفد الحكومي المفاوض، وعند غيابه لأي سبب من الأسباب يحل محله الجنرال الكباشي ولا يدري أحد كيف تسلقوا الى هذا الموقع ــ وذلك حتى يتسنى لهم فرض إرادتهم الكاملة مع انعدام الوجود الحكومي بشكل كامل!
* لقد رأينا كيف انحرفت المفاوضات عن مسيرتها في وجود الجنرالات، فبدلا من الجلوس مع الحركات المسلحة التي لها قواعد شعبية كبيرة على ارض الواقع، فتحوا المجال واسعا للتفاوض أمام الباحثين عن المناصب والوجاهات، فظهرت بدعة (المسارات) مثل مسار الشمال ومسار الوسط الذي لا يمثل إلا بضعة أشخاص، وفي بعض الأحيان شخصا واحدا مثل (التوم هجو) الذي يزعم أنه يمثل (تيار الوسط) بدون أن يفوضه أحد أو يعرف أحد أي وسط يمثله، وما علاقة الوسط بمفاوضات السلام أو الحرب الأهلية التي تدور في البلاد !
* بالإضافة الى ذلك، وضع العقبات أمام مشاركة القوى المسلحة الرئيسية في المفاوضات، وكانت العقبة الأولى التي لجأوا الى وضعها هي منع تحقق العدالة لضحايا دارفور بالتصريح والعمل منذ الأيام الأولى لسقوط النظام البائد وسيطرة المجلس العسكري على السلطة، على عدم تسليم المخلوع وبقية المتهمين بجرائم الحرب للمحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي سيقف عقبة أمام مشاركة أهل دارفور وخاصة حركة تحرير السودان (عبد الواحد محمد نور) في مفاوضات السلام !
* وظلت التصريحات تتوالى حتى بعد الوصول لاتفاق مع قوى الحرية والتغيير والى اليوم،وآخرها تصريح الجنرال (البرهان) قبل اسبوع أمام مجموعة من قادة الشرطة والأمن بأن أحد تحفظاتهم على البعثة الدولية هو ألا يكون لها علاقة بالمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يعنى بشكل واضح عدم رغبتهم في تسليم المتهمين الى المحكمة أو محاكمتهم داخليا وإلا لفعلوا ذلك منذ وقت طويل بعد أن فتحت لهم المحكمة الطريق بتصريح المدعية العامة للمحكمة أكثر من مرة باستعدادها للتفاهم مع الحكومة السودانية حول محاكمة المتهمين بالداخل ولكن بدون سميع ولا مجيب، ومع عدم تسليم المتهمين الى المحكمة أو محاكمتهم داخليا وعدم تحقيق العدالة لضحايا دارفور، تنعدم الفرصة تماما أمام تحقيق السلام!
*العقبة الثانية، مطلب فصل الدين عن الدولة الذي وضعته الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحلو) للجلوس للتفاوض، ولكن رفضه الجنرالات ليس غيرةً على الدين أو حرصا على أخذ رأى اهل السودان في المؤتمر الدستوري،كما زعموا .. وانما لإعاقة التفاوض وعدم الوصول الى سلام مع أكبر الحركات المسلحة في البلاد ومنع ولوجها الى السلطة الذى يعنى وضع حد لسيطرتهم المطلقة على البلاد !
* لقد كان بإمكان الجنرالات مناقشة هذا الموضوع مع الحركة وإدخال أطراف دولية لها وزن وتأثير عليها لتليين مواقفها، والوصول الى تسوية معقولة ووضع أجندة للتفاوض مقبولة لكل الأطراف، خاصة مع تأكيد الوثيقة الدستورية في المادة (3 ) بأن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب العرق والدين … إلخ، وهو ما كان بإمكانه أن يلعب دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر، ولكنهم استغلوا الفرصة وسارعوا برفض مطلب الحركة الشعبية ليقفلوا باب التفاوض معها خوفا على سلطتهم المستقبلية، متحججين بترك الأمر للمؤتمر الدستوري، ولا يدرى أحد كيف سينعقد هذا المؤتمر بدون الوصول الى اتفاق سلام ومشاركة جميع أهل السودان فيه !
* ومع الضعف الشديد للحكومة والصراعات التي تعصف بالقوى المدنية، فإن الأمل في الوصول الى سلام أو تحقيق أي اختراق في الملفات الأخرى خلال الفترة الانتقالية مثل الملف الاقتصادي، بات ضعيفا جدا، بل في حكم المنتهي، وهو ما يسعى إليه الجنرالات الذين يريدون البقاء على الكراسي والسيطرة على كل شيء .. ويبدو انهم حققوا نجاحا كبيرا في مسعاهم، على الاقل حتى الآن !
ديل ما صدقوا انهم استولوا على دولة دون ان يحركوا دبابة. العتب ما عليهم على الاتفقوا معاهم. كان يخلوهم يحكموا لوحدهم ويبدأوا الثورة من جديد على اسس واضحة
جنرالات ،،الآن ليبيا كلها جنرالات ،،عملوا شنو،،عجزوا حتي عن حسم الحرب،،بعد أن تسلح المواطنين وانضموا الي الجبهات ،،ودخلت تركيا و المرتزقة، ،وكذلك الحال في العراق،،الحشد الشعبي ،،والقوات العشائرية، ،والحوثي اليمني والمواطنين المسلحين في حرب ضد الجنرالات منذ سنوات، ،،الفرق بيننا وبينهم أن السودان يعيش في الحرب وافرازاتهامنذ عقود،،،وعندما يتحدث الناس عن الفوضي فالمقصود العاصمة والمدن التي لم تنزلق الي التفلت والحرب ،،لذلك فالواجب هو مواجهة الجنرالات ومنعهم من جر ما تبقي من البلاد الي الحرب والفوضى والخراب والتشرزم،،،القصاص،الولاة المدنيين،التشريعي،مطالب واضحة ،،مطلوب تنفيذها.من أجل الاستقرار والسلام ومنعا للفتن.
الشعب السودانى مشكلته الاولى مع مؤسساتة الامنية خصوصا القوات المسلحة , فهى كالشيطان الذى خرج من الجرة يوم ان اخرجهم عبدااله خليل من سكناتهم والى اليوم يتحالفون مع اى متأمر ولايهم لونه السياسى . طالما يوصلهم الى القصر الجمهورى . حيث طبيعة الحكم العسكرى لايقبل المراجعة والمراقبة
ويفتح خيرات الوطن على منسوبية فى القيادات العليا حيث يتنزفون خيرات باطن الارض وظاهرها . وحتى
انسان السودان لايسلم من بيعهم كمرتزقة فى سوق الحروب الاقليمية ! لذلك العدو الاول هو جنرالات الجيش ثم العدو الثانى هو الخونة من الاحزاب السياسية الذين لايطيغون الممارسة الديمغراطية .
الاستثاء من ذلك العسكرى البسيط الذى لايحمل رتبة عليا فهو مسروق منه حاضرة ومستقبل ابنائه.