مقالات سياسية

من أريج نسمات الشمال ..

عدنا بعد أسبوع من التجوال في شواطي وجزر ورمال وخضرة الولاية الشمالية التي تحيط بمعصم أصالتها أساور النخيل وروعة درر تموره المتدلية من السبائط باثداء الحلاوة الطبيعية .. وكان الجمال الحقيقي هو في روح ذلك الإنسان الذي يسبقه اشراق ابتسامته الصافية بالترحاب دون تصّنع والكرم غير المتكلف والذي تكمن أهميته في الجود بالموجود ..كبليلة المباشر .
كان مهرجان البركل في نسخته الرابعة هذا العام بحضوره الشعبي تراثاً وتنوعا من كل أنحاء السودان ..متقدما بحق على الخطوات الرسمية التي تقف عند الجوانب التنظيمية و التشريفية ..مما يؤكد أن ذلك التميزالجماهيري قد يؤهل قيامه على سيقان الجهد الذاتي قفزاًالى مستقبلٍ أرحب إذا ما وجدالرعاة (المروجون)بحرفية الفهم السياحي ..تحالفاً مع العقلية الإستثمارية التي تهدف الى الربح المعنوي قبل المادي .
صحيح إن الليالي الترفيهية بالغناء والشعر والرقص الشعبي التعبيري والمسرح والحوافز بالجوائز التشجيعية وخلاف ذلك من الأنشطة الجاذبة في نهارات وأمسيات الفعاليات كان لها الأثر الوافر في كثافةالحضور..لكن ما يلفت النظر حقيقة كان ارتفاع مستوى ثقافة التجوال عندالإنسان السوداني حذوك النعل بالنعل مع الزائر الأجنبي في فضاءات الماضي عبر الأثار التي تتوزع في عدة مناطق من حول دائرة المهرجان ..فترى الأسر وطلاب وطالبات المدارس والجامعات يفدون الى المواقع الأثرية في تزاحم مستمرطيلة أيام الأنشطة وهم القادمون من مناطق بعيدةربما تكلفهم مسيرساعات ..وهذا بالطبع دأب حسُن يغذي العقول لاسيما الصغيرة بجرعات من رحيق الماضي العريق وينمي فيهم الوعي التطبيقي وغير النظري بمعرفة التاريخ من خلال شواهده العظيمةالتي تركها أجدادنا من ملوك وشعوب الحضارات التي كانت سابقة لكثيرمن نهضات العالم الحديث قياسا الى تواضع الإمكانات والمعطيات في تلك الأزمنة الغابرة التي استطاعت ان تصل بصيتها وابداعاتها الى أركان الدنيا الأربعة متحدية قساوة الدروب وأمواج الأنهار وأعالي البحار !
شدني كثيراً أصرار شباب المنطقة على البقاء متمسكين بترابهم التبر ..ومستنشقين عطر انفاسه الآخاذ ..!
فوجدت الفنان الشاب محمدالنصري في داره الوادعة في حضن شرق مروي وابوابها مشرعة الثغور ترحابا بالضيوف دون أن يطرقوا باب مضيفته الواسعة الفناء وتتراقص فيها شتلات المنقة الصبية متوسدة أحواض البصل والبرسيم ويتفافزفيها الحمام يرددهديل السلام بكل قادم ..بينما النصري يتقطر عرقه وهو يحمل طوريته يستصلح أرضه باصرار ذراعه الأخضر ويعمل منجله في الجريد..بعيداً عن بريق شهرته الواسعة و صخب العاصمة التي لا يغشاها إلا لماما للوفاء بارتباطاته ثم يعود قافلا تربالاً في مزعته وراعياً لغنمه وماشيته ..مثلما يفعل أولئك الشباب أولاد حاج الماحي أصحاب البصمة الصوتية الروحية الموروثة وهم يتشبثون بجزر الكاسنجر بين أهلهم ومحبيهم وخلاويهم المفتوحة على ضريح جدهم الكبير تحكي لكل وافد بطرقات الطار وتحيطه بفرحة الديار..وغيرهم من أبناء المنطقة الذين يحملون أعلى الدرجات العلمية ولكنهم القوا برحالهم وخلعوا أزياء الأفندية وتسربلوا بحلل البلد الزاهية بالطين يضربون بمعاول الفخر في سرابات العز المكنون لهم ذخراً من الأباء.
فما أحلاه من أريج يملاْ الصدور راحة..وما أنقاها من نسمات تستفز الوجدان ..حينما يأتيك هواء الشمال فيشدك برفق وياخذك للجلوس على رمال الصباحات المنعشة لضمورالحس والإتكاء على أرائك السندس الطبيعي الملهم لقريحة القلم ..فيتملكك الهوى الذي يدعوك للأوبة مرات ومرات .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. انا لا أصدق أن كاتب هذا المقال هو محمد عبد الله البرقاوي والذي كان يسب ويشتم النظام وأهله. سبحان مغير الأحوال من حال إلى حال.

  2. كلام جميل اخونا برقاوى سكبت فيه كثير من حنين الطيور المهاجرة وابدعت . ولكن فى هذا الزمان السياحة صارت صنة قائمة بذاتها تدر ملايين الدولارات و اليورهات وغيرها من عملات العالم مختلفة الالوان ثقيلة الاوزان . لا يكفى فقط وجود الاثار والمناظر الطبيعية التى ماشاء الله متوفرة فى بلادنا بكثرة فنحن بجانب الاثار والمناظر الطبيعية نتملك اكبر محمية طبيعة للحيوان فى العالم وهى جظيرة الدندر لكن الوصول اليها اسهل منه تسلق جبل افرست . اريد بهذا ان اصل ان هناك جانبا اخر موازى لكل ماذكرت بل قد بفوقه اهمية وهو جانب الخدمات . السائح يخرج من بلاده من الترفيه عن نفسه واسرته وليس لتنكيد حياته . الخدمات تبدا من الحمال فى المطار الى رجل الجمارك الى سائق التاكسى الى الى الى . يجب ان يكون كل هولاء مدربون يقابلو ن السائح بإبتسامة وليس نتكشيره كما يعمل الجماعة عندنا .وهل الطرق الى الاماكن السياحية معبده وهل وهل ؟ وهل لدينا مقومات ليل السائح , الذى يريد ان يسهر بعد يو م ونهار طويل فى لالماكن السياحية هل فنادقنا مؤهلة للسهر ال1ى يريده السائح . واخيرا ماذا يعمل السائح او بالاحرى السائحة ا

  3. انا لا أصدق أن كاتب هذا المقال هو محمد عبد الله البرقاوي والذي كان يسب ويشتم النظام وأهله. سبحان مغير الأحوال من حال إلى حال.

  4. كلام جميل اخونا برقاوى سكبت فيه كثير من حنين الطيور المهاجرة وابدعت . ولكن فى هذا الزمان السياحة صارت صنة قائمة بذاتها تدر ملايين الدولارات و اليورهات وغيرها من عملات العالم مختلفة الالوان ثقيلة الاوزان . لا يكفى فقط وجود الاثار والمناظر الطبيعية التى ماشاء الله متوفرة فى بلادنا بكثرة فنحن بجانب الاثار والمناظر الطبيعية نتملك اكبر محمية طبيعة للحيوان فى العالم وهى جظيرة الدندر لكن الوصول اليها اسهل منه تسلق جبل افرست . اريد بهذا ان اصل ان هناك جانبا اخر موازى لكل ماذكرت بل قد بفوقه اهمية وهو جانب الخدمات . السائح يخرج من بلاده من الترفيه عن نفسه واسرته وليس لتنكيد حياته . الخدمات تبدا من الحمال فى المطار الى رجل الجمارك الى سائق التاكسى الى الى الى . يجب ان يكون كل هولاء مدربون يقابلو ن السائح بإبتسامة وليس نتكشيره كما يعمل الجماعة عندنا .وهل الطرق الى الاماكن السياحية معبده وهل وهل ؟ وهل لدينا مقومات ليل السائح , الذى يريد ان يسهر بعد يو م ونهار طويل فى لالماكن السياحية هل فنادقنا مؤهلة للسهر ال1ى يريده السائح . واخيرا ماذا يعمل السائح او بالاحرى السائحة ا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..