الإقتصاد السوداني وظاهرة آيكاروس

الإقتصاد السوداني وظاهرة آيكاروس ..

إيكاروس إسطورة يونانية,تقول أن آيكاروس هذا, كان شاباً مفتوناً بقوته. و أدي به هذا الإفتتان إلي صنع جناحين من الشمع و طار بهما عالياً في الفضاء. و لكن عندما إقترب من الشمس, ذابت جناحيه بفعل حرارة الشمس, فسقط إيكاروس في بحر إيجة. عمل الكاتب الإستراتيجي الأمريكي ( داني ميللر ) علي تأليف كتاب في الإستيراتيجيا سماه ( تناقض آيكاروس الظاهري Icarus paradox ) , تحدث فيه عن أسباب فشل بعض الشركات التجارية, و بين أن سبب فشل هذه الشركات , يكمن في غياب الرؤية الإستيراتيجية Vision , إذ تبالغ بعض الشركات في التخصص في منتج , أو في قطاع معين, و تنكفي إلي الداخل, دون الأخذ في الإعتبار ظروف المستقبل , فيكون مصيرها السقوط و الفشل كحالة آيكاروس.
تكاد تنطبق هذه الحالة علي الإقتصاد السوداني, الذي يعاني هذه الأيام من ضائقة مالية , أضيفت إلي الأزمات التي يعاني منها الإقتصاد السوداني أصلاً. الإقتصاد السوداني , إقتصاد تقليدي, أي أن وسائل الإنتاج فيه ما زالت تقليدية, إن لم تكن بدائية. و هذا وضع يؤدي إلي ضعف مصادر الدخل القومي, و يجعله عرضة للتقلبات التي تميز الإقتصاديات ذات المحصول الواحد Monocrop. لقد أدي هذا الوضع إلي أن يعاني الإقتصاد السوداني من خلل هيكلي مستديم , نتج عنه :
زيادة الإستهلاك عن الإنتاج
و زيادة الوارد عن الصادر.
و من ثم , فإن ميزان المدفوعات و الميزان التجاري, يعانيان من عجز مستديم , لم تفلح فيه المعالجات التي تتم عن طريق السياسة المالية و السياسة النقدية, التي يتم تعديلها كل حين.
غياب الرؤية الإستيراتيجية :
لقد أدي إخراج و تصدير البترول, الذي تم منذ عشر سنين , إلي إنتعاش ملحوظ في الإقتصاد السوداني, تمثل في إرتفاع معدل الدخل الحقيقي للفرد بصورة ملحوظة. لكن سرعان ما أصيب الإقتصاد السوداني بظاهرة ما يسمونه المرض الهولندي Dutch disease , أي تاثرت بقية القطاعات الإنتاجية سلياً, بفعل الفورة التي نتجت عن عوائد النفط , أي تم إهمال القطاع الزراعي بشقيه , النباتي و الحيواني. و هذا أمر ما كان له أن يحدث, لو توفرت الرؤية الإستيراتيجية لصناع القرار. و معلوم أن 80% من النفط المستخرج, يأتي من الجنوب, و يتم تغذية الموازنة العامة للدولة بمقدار 80% من عوائد النفط. نحن مقبلون بعد أيام علي وضع جديد , أي قد ينفصل هذا الجنوب, الذي يأتي منه هذا النفط. و بالتالي يثور السؤال : هل تم بناء سيناريوهات لمقابلة مآلات الوحدة و الإنفصال و توقف إيرادات النفط ؟ ماذا لو إنفصل الجنوب ؟ ماذا لو What if ? , هي التساؤل, أو المحور الأساسي الذي يتم بموجبه, بناء السيناريو للمستقبل. إن بناء السيناريو في هذه الحالة, لا يعني أن نفكر في المستحيل أو المجهول Thinking unthinkable كما يقول الفرنجة , و إنما العكس من هذا, فإن كل المؤشرات تشير منذ زمن طويل إلي أن الوضع سيختلف عما ما هو سائد. لا أقصد أن صناع القرار في بلادنا , غافلين أو عاجزين عن طرح هذا السؤال, و لكن ما يبدو من مؤشرات سالبة, تتعلق بأداء الإقتصاد السوداني, و الأزمة التي أطلت برأسها, تعني أننا لم نتحسب لما سينتج من آثار سالبة في حالة الإنفصال, إذا قدر له أن يحدث.
المؤشرات و قراءة الأحداث التي تجري, تشير إلي غلبة خيار الإنفصال علي خيار الوحدة. إذن ماذا ينبغي عمله في هذه الحالة. هل سنعمل علي تطوير و تنمية مواردنا الزراعية الأساسية ( العضم Backbone) لنعوض ما سنفقده من إيرادات نفطية , أم سيكون مصيرنا السقوط من حالق كحالة إيكاروس ؟!.

رشيد خالد إدريس موسي

الرياض / السعودية

[email protected]

تعليق واحد

  1. الكلام ده خطير جداً ولازم نتفهموا تماما طبعا ما شي ما متوقع لكن ما بالسوء العجيب الذي ظهر في مقالك لأنو أبسط مثال لأفهم ما تتحدث عنه شي على سبيل المثال: واحد عندو قطعة أرض ولا بيت مبني جديد وناوي إستثماره كأنه كوم رمله ولا شوال ملح صبت فيهو مطره وهذا في غضون الأشهر القليله القادمة ناهيك عن بقية الأحوال الله يكون في عون السودانيين بره وجوه
    والجوه جوه الكلام البره خلاص كده تأكدت النهاية المره لكل الاحلام الصغيره في العوده واصبح اللاعوده هو الخيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..