المغترب -1

في أو بعد شهر رمضان المبارك من هذا العام 1439هـ أي خلال شهرين على الأكثر ينتهي العام الدراسي بالمملكة العربية السعودية ويتوقع بعد ذلك بداية عودة عشرات الألوف من الأسر السودانية والكثير من الأجانب العودة إلى بلادها بعد فترة طويلة من البقاء والتأقلم على الحياة بالسعودية التي تمر هي نفسها بمرحلة مخاض وتغيير جذري كبير.
(2)
ينظر الكثير من الناس إلى حالة المغترب السوداني خلال الأيام القادمة بعين الإشفاق أو ربما بعين الشماتة أحيانا أو بعين اللوم والتقصير بأنه أضاع سنين عمره سدى ولم يحتط لمثل هذا اليوم الذي كان آت لا محالة؟ وهل كان كل مغتربينا خبراء وأساتذة جامعات وعلماء في الذرة وخبراء في البنك الدولي؟ وهل من المعقول أو يتوقع أن يعود الجميع بمصانع ومزارع وبيوت تجري من تحتها الأنهار؟
لقد كانت الغالبية العظمى منهم من الطبقة الفقيرة والكادحة والمتوسطة التي كابدت لأواء الغربة ما بين مسئولية اجتماعية كبيرة والتزامات أسرية بالداخل والخارج تزيد يوماً بعد يوماً ومع ذلك استطاع الكثير منهم بحمد لله يتزوج أو يحجج امه وابيه ومع ذلك استطاع الكثير أن يبنى بيتاً في بلد يعتبر الحصول على قطعة ارض أو بناءه أشبه بالخيال.
أعرف الكثير من الأخوة المغتربين وبرغم علمهم عما ينتظرهم من قرارات مصيرية سيتخذونها في مقبل الأيام إلا أنهم يشاركون بكثافة في العون والمساعدة ومنهم من يعول الأسرة والأسرتين رافعين الحرج عن الدولة نفسها وعن الكثير من الناس وكانوا دائماً الأكثر مشاركة والأسرع استجابة ولا يزالون.
(3)
وبرغم ذلك ما من احد من المغتربين إلا وقد انصب تفكيره منذ قدومه- وهو تفكير طبيعيي أن يكون له مشروعاً يدر له دخلا في مقبل الأيام لذلك فقد سارع الكثيرون بالتفكير في إقامة مشاريع زراعية أو تجارية أو عربات أو حافلات وتشاركوا كمجموعات صغيرة أو كبيرة لتأسيس شركات وما من مغترب إلا وكانت له فكرة في عمل إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل ولم تؤت أكلها في بلد لا تقدم فيه الدولة دعماً معنويا أو تسهيلا أو تتبنى فكرة لأحد بل أن الحصول على رخصة أو قطعة أرض أو إدخال الماء والكهرباء هي من رابع المستحيلات تستغرق الجهد والوقت والمال ومع ذلك يلومنا الكثير بعد التخطيط والاستعداد ليوم لا ريب فيه؟؟
(4)
لا يستطيع السوداني كغيره من مواطني الدول الأخرى الاحتفاظ بمدخراته بالعملتين المحلية أو الأجنبية في السودان لأسباب كثيرة في بلد تتدهور عملتها يومياً وتوضع الكثير من القيود على الحسابات الشخصية بالعملات الأجنبية فضلاً عن سلحفائية البنوك وقلة فروعها وازدحامها وبطء خدماتها حتى أن المتنفذين من المسئولين لا لا يحتفظون بعملاتهم الأجنبية في حساباتهم المصرفية بالداخل وان وجدت فإنها في بيوتهم.
لماذا تلومنا الدولة وهي نفسها لم تستفد من أموال البترول كما أنها لم تستفد كغيرها من الدول الأخرى من مقدرات أبناءها وأموالهم ومدخراتهم وقت أن كانت، وخلال فترة 30 عاماً من عمر الحكومة الحالية لم تقم الدولة بتسويق مشروع تنموي أو اقتصادي أو تجاري أو خدمي أو زراعي أو حتى مشاريع إسكانية صغيرة أو متوسطة وكانت فقد كانت تتاجر في قطع الأراضي التي يجب أن يحصلها عليها المواطن مجاناً أو برسوم رمزية بمبالغ باهظة لحاجتها هي للعملات الصعبة وليس لخدمة شريحة أو قطاع من المغتربين ؟؟
(5)
لقد حاولنا بعلمائنا واقتصادينا ومحاسبينا وأستاذتنا ولكننا فشلنا بسبب فشل السياسات العامة التي تنتهجها الدولة بل حتى هذه اللحظة لم تقدم الدولة حلاً ذي بال يشعر معه المغترب السوداني بالصدق والنية الحسنة؟
(6)
نعم لم يضع الكثير منا أموالهم سدى وان الكثير من المغتربين راضين تماماً عما قدموه غير نادمين لأنه كان واجباً قاموا به عن طيب خاطر طوعاً لا كرهاً في أحلك الظروف التي مرت بسبب سياسات الدولة التي تأثر منها الجميع بالداخل والخارج واعلم تماماً أن المغتربين السودانيين لو أتيحت لهم الفرصة مرة أخرى لما توانوا عما كانوا يقومون به من قبل فقد وصلوا الرحم، وصدقوا في الحديث، وحملوا الكَلَ وأعانوا على نوائب الحق ولم يكن أمامهم من خيار غير ذلك وهي فضائل تربى عليه الجميع.
[email][email protected][/email]
كفيت واوفيت .
جزاك الله خيرا.
لو كان اغترابنا لأنفسنا فقط لقطعناه اليوم وبدون استقالات.
ولا يصبرنا على لأواء الاغتراب إلا تذكر من تركنا خلفنا
كفيت واوفيت .
جزاك الله خيرا.
لو كان اغترابنا لأنفسنا فقط لقطعناه اليوم وبدون استقالات.
ولا يصبرنا على لأواء الاغتراب إلا تذكر من تركنا خلفنا