الشريعة الإسلامية السودانية

الدولة الدينية دولة فاشية بالضرورة، لأنها تحكم بالحق الإلهى وتضع الحلال والحرام مكان الصح والخطأ، ويحكمها خليفة هو ظل الله على الأرض ومعه أهل الحل والعقد ممن يبررون له حكمه الجائر بالفتاوى والتخريجات الفقهية، هى دولة فاشية لأن فلسفتها وجوهرها فاشى وعنصرى، لأنه ينفى الآخر أو على الأقل يجعله أدنى مرتبة، هى دولة مصطلحاتها مفخخة، حرية التعبير تنقلب ردة، من يقدم رأياً معارضاً هو منكر لما هو معلوم من الدين بالضرورة، المتظاهر يعصى أولى الأمر ويفارق الجماعة ويخرج عن الملة، المخالف كافر فاسق زنديق ملحد…إلخ، يصير الوطن ساحة دموية لمن نصبوا أنفسهم وكلاء الله على الأرض، ويصير المواطنون رعية عليهم أن يعيشوا بالتقية.

خرج البشير منتقداً من هاجموا رجم المرأة السودانية وغازل الشارع السودانى بمقولة الشريعة الإسلامية، فهتف السودانيون وأيده المتأسلمون، فمع شعوبنا المغيَّبة المخدَّرة يكفى أن ترفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية لتجد نفسك بطلاً محمولاً على الأكتاف، وزعيماً تستمد قوتك من شعب محبط ومواطن مزيف الوعى وشعار مطاط «أول سايز» تستطيع أن تحوله إلى قناع يخفى ديكتاتوريتك ودمويتك، وهذا ما فعله النميرى حين أعلن عن تطبيق الشريعة الإسلامية فى سبتمبر 1983، وتحول بفضلها من الرئيس نميرى إلى الإمام نميرى!.

الذكرى تنفع المؤمنين، وقد آن الأوان لفضح رافعى هذا الشعار الذى يراد به باطل والذى لوث أصحابه ثوب الدين الأبيض بدم الجثث التى شنقت والأيادى التى بترت والنساء اللاتى جلدن وهم متلفحون بالدين الذى خُلق لسعادة وصلاح البشر وليس لتقطيع أوصالهم والضحك على ذقونهم كما فعل الإمام النميرى الذى ارتدى قناع الدين كستار لجرائمه البشعة.

عندما تحكم الدولة الدينية يقع حكامها فى إشكالية مرعبة، فالتقدم الاقتصادى والإصلاح والرفاهية أشياء تحتاج إلى وقت طويل ولن تمنح هذا الحكم تميزاً خاصاً وهم مستعجلون، ما العمل إذن؟، تستدعى الدولة الدينية بسرعة من جراب الفقه بعض الطقوس الشكلية الدرامية العنيفة لكى تصرخ: نحن مختلفون عمن سبقونا، وتبدأ المسألة بالحدود والرجم والنقاب وتحديد طول اللحية وإعدام المرتدين مثلما حدث فى السودان مع المفكر الإسلامى محمود طه «80 عاماً» عندما تم إعدامه فى 20 يناير 1985، جزاء لاعتراضه على أسلوب تطبيق الشريعة النميرية، يصفق بالطبع المؤيدون ويهللون، ولكن الصدمة تأتى عندما يفيق هؤلاء المهللون (وهم لايفيقون ) على أن المسألة لا تتقدم خطوة عن هذه الاحتفالات بجثث المشانق وطقوس الملابس!، وأنها لا تتعدى رغبة دفينة عند الحاكم فى الاختباء خلف الدين لتحقيق أهدافه ومطامعه الأنانية الخاصة جداً!!، وهذا ما حدث بالضبط فى حكم النميرى بالشريعة الذى هلل له الإخوان المسلمون المصريون وقتها وكأنه غزوة بدر!.

هل تعرفون ما هى أول مادة طلب تغييرها إمام المسلمين جعفر النميرى فى 10 يونيو 1984 ضمن طلباته بتعديل بنود الدستور؟، فبعد أن كانت المدة الرئاسية ست سنوات طلب النميرى الإمام الخليفة المنتظر أن تعدل كالتالى «دورة الرئاسة تبدأ من تاريخ البيعة، ولا تكون محددة بمدة زمنية معينة»!!.

إنها قمة الورع والزهد، ولكن هل كانت تلك المادة هى الوحيدة من بين تعديلات وتطبيقات الشريعة الإسلامية النميرية التى أسكرت الإخوان وقتها؟.

خالد منتصر
المصري اليوم

تعليق واحد

  1. هل دولة المدينة كانت دولة فاشية ؟ وهل الخلافة الراشدة كانت فاشية؟ ام انت اصلا غير مسلم ؟ عندها يمكننا عذرك . ولو قلت هذا الكلام ينطبق على البشير لعذرناك ولك الحق في ان تقول ذلك. ولكن ان تقول الدولة الدينية دولة فاشية بالضرورة فهذا كلام يجانبه الصواب وهذا نابع اما من انسان غير مسلم او ضحل المعرفة بدينه . ونسال الله الا تكون كراهيتنا للبشير واعوانه سبب لخروجنا من الملة لان الكلمة تلد الاخرى والذنب يلد الذنب وبعدها تنطبع الذنوب في القلب وبعدها يصير الانسان لا يفرق بين الخير والشر لان مرجعيته هي ما انطبع في قلبه فيفتي تبعا لما يعتقد .

  2. لا شك فى ما قلته ..الأسلام والشريعة لا إعتراض عليها ولكن لا يوجد فى عصرنا هذا من هو مؤهل ذلك مهما إدعى وقد سقط مشروع الدولة الأسلامية فى السودان ويريدون إحيائه من جديد
    لأكمال التربع على السلطة ونهب الثروات …كثير من هؤلاء جهلة ومدعون ومتشدقون معروفون
    بالأسم ولا يهمهم غير نفوسهم الدنيئة وينظرون للدنيا أكثر من الآخرة …بعد حربهم فى الجنوب
    التى قادوها بأسم الدين ثم إنشقاقهم وإختلافهم لاحقاً ظهر الكذب وقال كبيرهم الذى علمهم
    السحر أن من مات هنالك فقد مات فطيساً …وقد مات لنا شباب كثير من أهلينا جرفتهم هاوية
    الكذابين ونحن نعلم أنهم كانوا مُصدقين لهم وكم قلنا لهم ولكن لم يرعوا وساروا خلف هؤلاء
    الذين حين إختلفوا ظهر الحق تماماً مثل اللصوص حين يختلفون ويظهر المسروق!! أو مثل المسيخ
    الدجال ….

    اليوم هم سادرون فى غيهم حتى صار النظام أسوأ من نظام النميرى لا يريدون أن يشكوا أحداً
    فى السلطة معهم من أهل النصح والأرشاد ولا يريدون الأذعان لنظام حكم تتاول فيه السلطة
    سلمياً ولا يريدون إلغاء إحتكارهم للثروة وكراسى الحكم حتى لو خربت البلد كلها…

    لن ترتاح البلد إلا بإيجاد نظام حكم يرتضيه الناس كلهم ولن ترتاح حتى يتم إسكات الأصوات
    الجاهلة التى تولت مقادير الناس وهى تمضى فى خلق دكتاتورية جديدة…

  3. لا اله الا الله
    محمد رسول الله
    رضيت بالله ربا
    وبالاسلام دينا
    وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا

    هل هذا مؤمن , ام انه غاضب على الانقاذ ويحمل ديننا الذي هو عصمة امرنا
    مسئولية الوضع الراهن . زلات اللسان توقع في شفير الجحيم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..