
أسأل يا زرقاء عن وقفتي العزلاء بين السيف والجدار
عن صرخة المرأة بين السبي والفرار!!
كيف حملت العار؟
ثم مشيت دون أن أقتل نفسي…. دون أن أنهار
أمل دنقل
يعرف الجميع أن الثورات عندما تنتصر فان أولى الاولويات لقادتها هو تأمينها ضد أي إحتمالات قد تقود إلى إنتكاسة تضع كل دماء الشهداء في أرشيف النسيان، ليس هناك أغلى من تقديم الإنسان دمه مهرا لحرية الوطن. ثورة ديسمبر أجبرت عساكر اللجنة الأمنية أن ينحازوا لإرادة الشعب الغالبة ، وإلا كان مصيرهم لن يختلف عن مصير مطلوب الجنائية. لا يمكن للعقل الثوري أن يتقبل فكرة أن يقود ثورتهم من كان يقتلهم بالامس، لهذا كان الرفض الفوري للفريق أول بن عوف، وإبن عوفِ هذا لمن لا يدري رجل لا يستطيع أن يقرأ سطرين من ورقة امامه، وإلا يرتكب في اللغة كل الموبقات، شخصية مهتزة فاقدة تماما لكاريزما القادة العظام الذين عرفتهم القوات المسلحة. ورغم ركاكة الفريق اللغوية إلا أن الله أجرى على لسانه إحدى نبؤات الشهيد محمود محمد طه، فقد قال بن عوف في بيانه الأول ” إقتلاع” النظام وهو ما ورد نصاَ في حديث السوفات، منها وسوف يقتلعون من أرض السودان إقتلاعاَ، ولو كان إبن عوف وبكل تخلف الكون الذي حباه الله به، يدري أن شهيد الحرية قد قال ذلك لما ذكرها في بيانه.
اول مظاهر ضعف بيان بن عوف الأول وهو مُؤشر قوي لما ستكون عليه الاحوال لاحقاَ هو عبارة ” التحفظ على رأس النظامفي مكان آمن”. أن لجنة البشير الأمنية من شدة خورها وضعفها وهوانها على القوات المسلحة، لم تطاوعها اللغة في أن يكتبوا في بيانهم الخائر عبارة “إعتقال رأس النظام”، بل استبدلوها بمفردة التحفظ، وشتّان بين الإعتقال والتحفظ، أضف الى ذلك أن عبارة “مكان أمن” هي الأخرى مفردة مخزية، أي مكان آمن هذا؟ ففي سني حكمة البائس فقد الفرد السوداني معنى كلمة الامن ولم يعي معناها. بيان التحفظ هذا كان أول الاثافي، لكننا آثرنا التمهل وعدم التسرع في إطلاق الأحكام، فإن شّر الإمور في أطلاق الأحكام هو تسرعها. ساعتها لم نسمع صوتاَ لأزلام النظام، بل تلاشوا في لحظات، شأنهم شأن كل التنظيمات الهلامية الكرتونية المصطنعة في عهود الشموليات، تلاشوا في غمضة عين وإنتباهتها، كما تلاشى حزب مبارك مصر وكما تلاشى إتحاد نميري الإشتراكي، وكل يضع يده على قلبه خشية كشف الغطاء وظهور المخازي، تسآل الناس أين ذلك المؤتمر الوطني الذي كان منسوبوه يتفاخرون بعددهم حتي قال بوقهم إنهم 98%، ودخلوا في مرحلة الكمون والسبات كشأن دواب الارض، لكن اللجنة الامنية لم تخيب ظنهم ولم تضطّرهم للإنتظار طويلا.
لم تكن هناك قرارات ثورية تواكب المد الثوري، فقد ظل المؤتمر الوطني الذي تآذى منه البشر والشجر والحجروالأرض حزباَ قائماَ لم يمسسه ّضر، بل ظلت نثرياته ومخصصاته مستمرة، وكان منسوبوه الذين نزع الله منهم صفتي الكرامة وعزة النفس ينعمون بالمخصصات ويستخدمون سيارات الحزب.
لم يمتلك الذين خلفوا بن عوف الحد الأدنى من الشجاعة بإصدار أمر بحّل الحزب ومصادرة ممتلكاته، ولم يمتلك المجلس العسكري الذي أعقب بن عوف الشجاعة بإعتقال كل قادة المؤتمر الوطني ورديفه الشعبي وكل من تعاون معهم من الأحزاب ألأميبية المتناسلة والتي عرفت لاحقا بمسمى أحزاب الحوار الوطني ، بل تركوهم طلقاء، وعندما شعر الذي كان بالامس خائفاَ في المدينة يترقب بعدم جدية المجلس العسكري في تعقبهم خاصة بعد تصريح الكوز القميْالذميم عمر زين العابدين الذي كان يدير أكبر وكر للكيزان وهو التصنيع الحربي، هذا الفريق أول عمر سكت دهراَ ونطق كفراَ في ذلك الوقت المبكر بأنهم لن يسلموا مطلوب الجنائية، ساعتها ظهروا للعلن ومن أمن العقوبة اساء الادب.
ثانية الأثافي تتمثل في عدم حل كتائب الظل والمفترض ان تكون هذا الفقرة الثانية في بيان بن عوف الاول، وذلك لأن أصغر عسكري مستجد يدرك حقيقة أن الخطر الاكبر على الثورة يأتي من قوة مسلحة، هل يستقيم عقلا في علم العسكرية يا من تضعون النياشين على صدوركم والرتب العالية على أكتافكم أن لا تتخذوا قراراَ بشأن القوة المسلحة المضادة ؟ ، اذ انتم حقاَ قمتم بالإنحياز لمصلحة الثوار ومطالب الشعب!!!! قوة مجهولة تماما من حيث العدد والسلاح والقادة الذين تأتمر القوة بإمرتهم‘ قوة عسكرية صرح المخبول القاتل بدم بارد علي عثمان علناَبأنها مستعدة للموت فداء نظامه البئيس. بل أن هناك قوة أخرىقاتلت في الجنوب قوامها بعض من البلهاء الذين غرر بهم وهم الدفاع الشعبي، هي الأخرى أيضاَ لم يتخذ حيالها أي شي، لكن الأسواء هو الإعتراف بها كمؤسسة قائمة قال بذلك عمر زين العابدين،ولو كان أعضاء المجلس العسكري جادون حقاَ في إنحيازهم لفرضوا على بن عوف في البيان الاول حّل كل كتائب الظل والدفاع الشعبي ومعهم سي الصيت والمنبت جهاز الأمن والمخابرات. يعجب المرء أحياناَ من حقيقة كيف لأعضاء المجلس العسكري استحقوا تلك الرتب الرفيعة، حيث برر عمر زين العابدين الإبقاء على جهاز الأمن وقادة الجهاز في مناصبهم بأنهم يمتلكون سلاح وأفراد، هل هناك ضابط برتبة فريق أول على رأس الجيش يخشى من بضع مئات من أفراد الأمن وهم في الأصل قوة غير قتالية، كل خبرتهم تتمثل في إغتصاب النساء والرجال؟
الآن بعد مضي أكثر من سبعة أشهر تبين لنا مآلات عدم الحل، ومآلات ترك أعضاء المؤتمر الوطني أحراراَ، وهم أكثر خلق الله فتكاَ بالبشرية وإيغالاَ في دماء الجوعى والمعدمين. عندما تبين لهم أن لا فرق يذكر بين النظام المباد وبين المجلس العسكري، أتتهم شجاعة وجرأة زائفتين فتطاولوا بالالفاظ على من يفوقونهم علماَ وأدباَ، وهم الذين أُخرست ألسنتهم عقوداَ عن قول كلمة الحق. حقيقة وواقع الأمر يقولان أن جنرالات المجلس العسكري ليسوا يغافلين عن ما ذكر أعلاه، وإنما تركوا كتائب الظل والدفاع الشعبي وجهازالامن والأمن الشعبي ليوم كريهة يتوقعونه، فهم يعلمون علم اليقين بمدى رفض الجموع المعتصمة أمام القيادة لهم جميعا دون ادنى استثناء، فهم أعداء الأمس وحلفاء اليوم. يؤكد قولنا هذا ما حدث في صبيحة الأربعاء 13/11/2019، حيث جاءت مجموعة ترتدي زي القوات المسلحة وعلى أكتافهم الرتب العسكرية، وبحوزتهم سيارة جيش، كان هدفهم أحدى لجان المقاومة في الأحياء، مطالبين بأحدى الدورالثقافية حيث انها حسب إدعائهم هي ملك لقوات الدفاع الشعبي( التي لم تحل بعد)، تصدي لهم اهل الحي الصناديد, اتضح انهم بقايا النظام المندحر, بعد ان استفسر أحد سكان الحي المستهدف في سلاح المهندسين,أخبروه يأنهم لم يرسلوا أي قوة بسيارة, إذن هذه قوة من كتائب الظل، حيث أن الدار المقصودة كانت قبل السقوط أحد أوكار كتائب الظل التي شاركت في فض الإعتصام، تدل الحادثة على حالة السيولة وإنعدام السيطرة حيث ان تساهل المكون العسكري أغرى كتائب الظل والدفاع الشعبي وبقية أزلام النظام أن يمتلكوا الجرأة في حمل السلاح. أن ضابط الجيش (العظيم) المزدان كتفه وصدره بالنياشين يجيب في بلاهة بلهاء بأنه لا يدري من قتل الناس؟ ، ويرمي باللوم على جهة يسميها طرف ثالث، وتستخدم مركباته العسكرية وزيه الرسمي, ، لهو بضابط غير جدير أن توضع على أكتافه الرتب.
هؤلاء القادة ليست لهم على الجيش سلطة، فهم مثل العمدة الذي لا طين له, فلا يمكنهم التعويل على الجيش، خاصة بعد ظهور شباب بواسل مثل النقيب حامد والملازم أول محمد صديق، حينها شعروا بفقدانهم السيطرة على الجيش، إذن: ماقيمة الرتبة العالية بدون سند قوات مقاتلة، صغار الضباط بإمكانهم قلب الطاولة ووضع كل تلك الرتب الوهمية في الإعتقال، إذن هم يحتفظون بكتائب الظل والدفاع الشعبي وجهاز الأمن كقوة مناوئة وموازية للجيش في حالة أن دارت الدوائر وقلب الجيش ظهر المجن،ووقتها سوف يكون لهم قبول كرتب عسكرية قائدة لدى قوات الدفاع الشعبي وكتائب الظل وجهاز الأمن والمخابرات كونهم كلهم أخوان بالرضاعة من ثدي السلطة المبادة.
يقول المنطق أن من المستحيلات التي يمكن إدخالها في دائرة الخِل الوفي والعنقاء والغول وأن يصير الكوز إنسانا ومتسقا مع ذاته، أن تتدرج في الرتب حتي رتبة الفريق والفريق أول دون أن تكون منتمياَ تنظيمياَ لجماعة الاخوان المسلمين، وفي أفضل الأحوال أن تكون طائعاَ ومنفذاَ لرغباتهم، وبناء عليه فانهم كلهم بكباشيهم وبرهانهم وعمر زين عابدينهم أعضاء أصيلون في التنظيم البشع. التفكير الإنتهازي هو الذي يقودهم الأن، إذا دان الأمر لهم فخير وبركة، وإذا رجحت كفة الثورة المضادة فهم قادة كتائب الظل والدفاع الشعبي. وكل ذلك كان واضحاَ ومقرؤاَ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. لقد كان شكل أعضاء المجلس العسكري بائساَ ويدعو للرثاء بعد محاولة هجوم كتائب الظل على المعتصمين‘ وهم يرددون في بلاهة بلهاء تجعل وحيد القرن مباهيا أنه ليس الغبي الوحيدفي هذا الكون، قائلين أن هناك طرف ثالث لم يستطيعوا تحديده، تخيل ضباط برتب عليا يديرون بلداَ تعجزهم معرفة قوة ثالثة تفتك بخلق الله، ما أوردناه أعلاه يعضده ويقوي دفوعاته أحداث الثالث من يونيو أو ما يعرف بمجزرة القيادة العامة والتي نفذتها كتائب الظل والدفاع الشعبي وجهاز الأمن، أن الحقد والغل والإغتصاب والإغراق في النيل والحرق الذي لازم المجزرة تحمل بصمات وأخلاق الكيزان، وهي ممارسات لا يمكن تصدر إلا من شخص به خلل وتشوهات عميقة في النفس والأخلاق، تصدر من أفراد قال فيهم شيخهم الترابي عندما سئل عن تفشي السرقة في أوساط الإسلاميين،( أن قيم الأمانة والنزاهة لم تكن من ضمن مقررات تربيتهم التظيمية) . لكل ما سقناه أعلاه كان مبرراَ كافياَ للإبقاء على كتائب الظل والدفاع الشعبي التي أطلقوا عليها في تبريرهم المعيب اسم الطرف الثالث.
د. عادل العفيف مختار