أغاني السر قدور .. أدب وطرب

أبو القاسم سيف الدين سمين:
في شهر رمضان الفضيل، عظيم الشأن ونبيل المقاصد التعبدية والاجتماعية، كان لبرنامج الأستاذ الكبير السر قدور، «أغاني وأغاني»، أثره الطيب فى نفوس الكثيرين من أهل السودان بما قدمه من ترفيه وطرب. فقد أضفى هذا الرجل العملاق الكثير المشتهى مما جادت به عبقريته من ذاكرة الفن السودانى الذى يعشقه بكل مشاعره، لما فيه من الأدب الرفيع الذى يصقل النفس ويطرق الأحاسيس. ومن محاسن ذلك البرنامج أن قدم إلى المشاهد كوكبة من بنات السودان وأبنائه الذين تدثروا بالشجاعة الأدبية ليقدموا أنفسهم إلى المجتمع فنانين مبدعين ناشئين، فأثروا الساحة بروائع ما تغنى به آباؤهم وكبار إخوانهم وأخواتهم، حتى بات الكثير منا كباراً وصغاراً يهرع إلى مشاهدة التلفاز قبل إكمال إفطاره. أكتب هذا ونفسى تفيض بالشكر والثناء لأخي السر قدور، متعه الله بالصحة وراحة الضمير، وإلى تلامذته المرموقين من الجنسين. وأود أن أنتهز هذه السانحة لأهمس فى أذن الأستاذ الجليل السر قدور بهاجس ظل يؤرق خلدي لبعض الوقت. وهو سؤال بريء هدفه المصلحة العامة وليس غير، فحواه عما إذا كان فى جراب السر قدور من مزيد. فقد خيل إليَّ، رغم إعجابي الكثير بما قدم فى «أغانى وأغانى»، أن قطار الفن السودانى قد توقف، فأصبحنا لا نجد غير الاغتراف من مخزون فننا العريق الذى تغنى به السابقون، جيلاً بعد جيل. وقد تساءلت بينى وبين نفسى عما إذا كان بالإمكان تشجيع هؤلاء الشبان المتطلعين إلى الدخول فى رحاب الفن الغنائى، للبحث فى طرق وأساليب جديدة لتطوير الغناء السودانى بإدخال الجديد من اللحن والموسيقى والشعر، على شاكلة ما بدأه الفنان الكبير عبد الرحمن عبد الله والفنان النعام آدم وغيرهما. وفي هذا الصدد أرجو أن أتوجه بالسؤال إلى أخي السر قدور، وهو سيد العارفين فى هذا المصمار، عما إذا كان من الممكن إدخال بعض التغيير فى برنامج «أغاني وأغاني» لكي يعكس الصورة الحقيقية والواقعية للسودانيين على اختلاف مشاربهم وتراثهم المتنوع، ليشعروا بأن ما يعرض فى أجهزة الإعلام هو ملك لهم جميعاً.
ويقينى أن مثل هذه الدعوة قد سبقتني إليها نخبة من أبناء وبنات السودان البررة الذين يؤرقهم ما آل إليه السودان من الفرقة والشتات، بل وقد نص دستور السودان الانتقالى لعام 2005م على تزكية وترقية اللغات والفنون الشعبية كلها. فالفن، كما يعلم الجميع، هو أحد المنتديات والمنابر المهمة الهادفة إلى صقل الأنفس للترفع عن الصغائر ثم النظر إلى ما يلملم شتات هذا الشعب لبناء وحدة وطنية قوية متماسكة عبر ما تدخره المجتمعات المتباينة من الثقافات والفنون المنتشرة فى الأرياف والبوادى والمدن. وأتطلع أن ينمو هذا البرنامج «أغانى وأغانى» على نسق البرنامج العربى «فنان العرب» أو البرنامج الأمريكى المماثل له «أميكا تملك المواهب»، حيث يهدف كل منهما إلى سمو الفن من أجل توحيد كلمة ووجدان الشعوب ليعم الخير جميع الناس. وفى هذا المضمار أرى أنه لا بد من تضافر جهود كل الناس، دون استثناء، بدءاً برئاسة الجمهورية وانتهاءً بالعاملين فى كل مرافق الدولة، لشحذ الهمم فى تدوين وتوثيق إبداعيات المجموعات السكانية المختلفة فى كل أرجاء البلاد، ونشير على سبيل المثال فقط إلى الوازا فى النيل الأزرق والطمبور فى الشمال والكسوك فى دارفور والكمبلا فى جبال النوبة والنقارة عند البقارة، وغيرها الكثير مما لا يسع المجال لذكره. وأرى أن تساهم الدولة والمقتدرون من أبناء الشعب بالقدر الوفير من الإمكانات البشرية والمالية لإنجاح هذا المشروع «الوحدة الوطنية عبر الفن السوداني» الذي سوف يتخذ ماضينا وحاضرنا الفني منصةً للوثب إلى رحاب مستقبل مشرق.
* أستاذ باحث بالمعاش
الخرطوم/7 أغسطس 2013م

الصحافة

تعليق واحد

  1. قال الأخ الكاتب … أبو القاسم سيف الدين ((( وأتطلع أن ينمو هذا البرنامج «أغانى وأغانى» على نسق البرنامج العربى «فنان العرب» أو البرنامج الأمريكى المماثل له «أميكا تملك المواهب»، حيث يهدف كل منهما إلى سمو الفن من أجل توحيد كلمة ووجدان الشعوب ليعم الخير جميع الناس. وفى هذا المضمار أرى أنه لا بد من تضافر جهود كل الناس )))
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    أهم ما قلته في المقال من أجل توحيد كلمة ووجدان الشعوب … طيب يا أخي أنت الشعوب التي خاطبتهم من مناطق البديرية الدهمشية والشايقية وجنوبا ،،، طيب يا أخي أين فناني النوبة في الشمال أين هم من مقالك يا أخي ولماذا الكل منكم يهمش النوبة في الشمال أين (( خليل فرح ومحمد وردي أين ولولي وعائلته وأين وأين وأين الجيل الحديث ((( يوسف خيري وشاهين وتبد ))) وكل من لم أذكرهم من فناني النوبة ولماذا تبدأ من منطقة الدبة ولم تسأل من الشمال يا أخي أنتم دائما والكل منكم دائما يتجاهل اللغة النوبية … ولكن بإذن الله تعالى سوف تعم النوبية وسوف تدرس في المدارس السودانية شاء من شاء وأبى من أبى ….. ولك العتبى حتى ترضى …… والسلام ..

  2. ردا على الأخ مدحت الهادى لا صله لى بصاحب المقال أبو القاسم سيف الدين ولكن أعتقد أنه ضرب مثل فقط بتلك القبائل و نسى سهوا قبائل نوبه الشمال وهو ذكر فى المقال( وغيرها الكثير مما لا يسع المجال لذكره.

    ولك سلامى

    خضر – الولايات المتحده

  3. انا اؤيد ما كتبه الاخ ولكن هل بالمهراجا معتز الصباحي سوف تتطور الاغنية السودانية ، الاغنية السودانية تتطورت برجالها ووصلت الى ما وصلت اليه بجهود المبدعين خليل فرخ ، سرور ، والكاشف ، ومنى الخير ، ، سيد خليف ، ابراهيم عوض ، احمد الجابري ، محمد وردي واحمد المصطفى وعثمان حسين وكوكبة المبدعين الذين لم تذكر اسمائهم ، فإذا رأينا المبدعين والذين اوصلوا الاغنية السودانية الى مسصتوى العالمية فمعظمهم نوبيون من جماعة حلفا دغيم ولا باريس ، فلهم الفضل في ذلك ولهم ولأسرهم كل الشكر والتقدير والآن يتجاهلون منطقة النوبة والفن السوداني والموسيقى السودانية كلها نغمات نوبية فكيف يتجاهلون فننا النوبي ، أما رأيتم الفنان العملاق محمد منير وهو يؤدى أغانيه بالنغمات السودانية ويرجع اصل هذه الموسيقى والنغمات الى الالحان النوبية اما سمعتم بالفنان حمزه علاء الدين الذي اوصل الموسيقى النوبية الى اليابان وكل دول العالم ، اما سمعتم الفنانة النوبية ذكريات صالح ولولي التي اوصلت الاغنية النوبية الى باريس والتي تراقصت معها الشعب الفرنسي وهم لا يعرفون ما تقوله وهناك الكثير الكثير عن الموسيقى النوبية فارجو من شعبنا الكريم عدم تجاهل الاغنية والموسيقى النوبية ، واطلب من الاستاذ القدير السر قدور في الاعوام القادمة تغيير نمط هذا البرنامج بأن يختار كوكبة من الفنانين من جميع مناطق السودان وقبائله لكي يعكسوا اصل الفن السوداني العريق من مناطقهم دون الاستعانة بالمهراجا معتز الصباحي ،، ولكم كل الشكر والتقدير ،،

  4. والله فكرة جميلة, ويا ريت الأستاذ السر قدور يباركها ويلقى منتج للبرنامج, وأكيد حيلقى لأنه ما حيكلف كتير زي البرامج العربية المشابهة, لأنه حقنا ما حيحتاج فنادق للمشتركين ولجنة التحكيم ولا “نيو لوك” ليهم ولا خدع بصرية لمسرح المسابقات, شغلنا كدة بالبركة زي ما تقول

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..