وصف الطبيعة ليس نظرية

الليبرالية لا تحتاج إلى تنظير فلسفي ، فهي ليست سوى وصف للطبيعة والحالة الطبيعية للعلاقة بين الانسان والانسان والانسان والطبيعة ؛ إن تأكيدها ينبثق من فكرة بسيطة وهي الارتداد الى ما قبل المؤسسية والسلطة بمعناهما الحديث ، إلى ما قبل الحدود السياسية ، إلى ما قبل اكتشاف النار ، إلى ما قبل النزعة الشمولية ؛ أي الى الانسان عاريا ومجردا من كل القوالب السلطوية الحديثة التي تقيده الآن.. إنها مزيج من رؤية أناركية مع قليل من العقلانية ﻷن الأناركية تطرفت في نزعتها المناهضة للسلطوية ، وفشلت منذ كمونة باريس في الحركة إلى الأمام (لقد توقف بها الزمن في أفقها النظري) . الليبرالية لا تتحدى السلطة ولكنها تحد منها ، ولا تجتثها ﻷنها مؤمنة بضرورتها واستحالة فنائها حتى في الأشكال البدائية ، والرأسمالية – في الجزء الاقتصادي من الليبرالية المقابل للجزء الثقافي المعني بالحرية الفردية- ليست فكرة جديدة ، بل إنها ليست فكرة من الأساس ، اللهم إلا في بعض ما دبجه المتخصصون مثل آدم اسميث وفورد من تطبيقات عملية كتقسيم العمل ، بل الأوضح أنها تطوير نظري فقط للتجارة منذ كانت تجارة بكماء ، وصولا الى العولمة ، التي لازال البعض ينكرها كما هو حال بول هيرست وجراهام تومبسون في كتابهما الشيق مساءلة العولمة رغم أنه ضعيف من حيث السند ومجاف للعقل والواقع الحضاري للبشرية الآنية.
الليبرالية في جانبها الثقافي ، هي الوحيدة الآن التي تقف في الساحة المجتمعية بكل حمولات المجتمعات البشرية من عناصر ثقافية ؛ هي الآن العلاج الوحيد والحقيقي لمعضلات تعاني منها البشرية كالتطرف والدكتاتورية والعنصرية والاقصاء والتهميش . لا يوجد سوى الليبرالية كحل بتغذيتها ابستمولوجيا منذ نعومة أظافر المواطن وحتى شيخوخته ومماته ، ومن كان لديه حل سواها فليأتنا بمثلها إن كان من الصادقين. وتعمل الليبرالية على التحرير من عدة مستويات ؛ مستوى أفقي هو مستوى الفرد والجماعي ومستوى رأسي وهو مستوى البناء السياسي والهيراركية السلطوية سواء في نطاق الدولة أو الإقليم أو العالم ككل.
إن الليبرالية تحتاج فقط إلى وعي وتوعية بأهميتها وطرحها خالصة دون رتوش ودون محاباة للمفاهيم الأخرى المضادة كالاشتراكية والطائفية والتسييس الديني ، الإيمان بها هو اقتناع بكوننا جزء من الطبيعة ولسنا فقط محور الكون يعني أنها أيضا تصب في خانة الحفاظ على هذه الطبيعة أي البيئة ، أي أن الليبرالية حركة خضراء أيضا.
صباحكم مليء بالسعادة والتفاؤل والسكينة مبشرا بالخير الكثير والرزق الوفير ..

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..