آخر السلاطين.. إحياء للذكرى وتعريف للأجيال بالرموز.. علي دينار سيفو يولع نار

الخرطوم – أماني خميس
رغم وعورة دورب التوثيق في حيِّز ضيِّق متاح في الصحف لشخصيات بحجم سلطان دافور الشهير، ولربما الأخير (علي دينار)، إلا أن ذلك لا يحول دون المحاولة، وللمحاولات أجر ? كما يقولون -، لذلك فبعض الإضاءات أفضل من العتمة، وها نحن نحاول.. يقال إنه من السلالة الكيراوية في سلطنة دارفور بالسودان، حيث أقام في مدينة الفاشر، عاصمة دارفور، وأسس نسجاً لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال عشرين عاماً تقريباً يرسل الكسوة إلى مكة المكرمة، وينسب إليه حفر ما يعرف الآن بآبار علي القائمة ميقات أهل المدينة للإحرام للحج والعمرة جوار المدينة المنورة وتجديد مسجد ذو الحُليفة.
علي دا
وبغض النظر عن تلك المنسوبات، فإن المرجح أن علي دينار ولد في قرية (شوية) بدارفور ووالده هو (زكريا بن محمد فضل) ساند عمه السلطان (أبو الخيرات) في تمرد (أبو جميزة). ويعد أشهر السلاطين الذين حكموا إقليم دارفور ووقفوا مع الثورة المهدية في دحر المستعمر، كما قام بنشر الدعوة المهدية في عهد الخليفة (عبد الله التعايشي)، حيث كان يقوم بإرسال المحمل سنويا إلى الأراضي المقدسة، ويقال إن السلطان علي دينار كان ينادي بـ (علي دا) بعدها أكملت كلمة دا لاسم علي دينار، فاسمه هو السلطان علي ابن السلطان زكريا بن السلطان محمد الفضل. وولد بقرية الشاواية غرب مدينة نيالا. وعرف والده بالتدين الشديد، واشترك مع ابن عمه السلطان أبو الخيرات في ثورة أبو جميزة.
في الأحاجي والأحاديث نسمع كثيراً عبارات على شاكلة (علي دينار سيفو يولع نار)، وكثيراً من الأقاويل في المجتمع الدارفوري، والسلطان علي دينار شخصية وطنية قاومت الاستعمار، وله في الراويات والأحاجي السودانية كثير من الدروس والعبر.
تشويه متعمد
وقد شوَّه المؤرخ الإنجليزي سيرته في أبشع الصور من تسلط وجبروت وظلم، ولكن جاء التاريخ نفسه ليصحح هذا اللغط عبر أحفاده الذين اتجهوا لتنظيم ورش عمل وندوات للتعريف بشخصية علي دينار الذي ترك بصمته القوية في كافة شؤون الحياة السياسية والاجتماعية والإنسانية والعدلية، كان آخر رموز الثورة المهدية التي صمدت ووقفت أمام المد الاستيطاني الاستعماري في أواخر القرن العشرين.
نشر ثقافة التسامح
وتقديرا لذلك التاريخ الثري الشامخ، وتحت شعار (نشر ثقافة التسامح والسلام) دشنت اللجنة العليا المنظمة لملتقى محمل السلطان علي دينار لدعم سلام دارفور أولى فعالياتها بعقد مؤتمر صحفي طرحت فيه ملامح برنامج احتفالاتها، وعكست فيه على لسان المتحدثين مكانة وقيمة السلطان علي دينار باعتباره أحد الرموز الوطنية الشامخة. وفي السياق، تحدث الأستاذ الحاج السيد أبو ورقة المدير التنفيذي للجنة العليا المنظمة، موضحا أن هدف الاحتفالات إشاعة وترسيخ قيم التسامح والمحبة لتكون معبرا لسلام دارفور ثم عرض أبو ورقة شهادة صحفية موثقة نشرتها صحيفة (الجزيرة) السعودية تناولت مآثر وعظمة ودور ومكانة السلطان علي دينار.
أصل الفكرة
جاءت فكرة الاحتفالات والملتقى وتخليد مئوية استشهاد السلطان علي دينار من أجل إحياء الذكرى وتمكين الأجيال الحالية من التعريف بتاريخ وطنهم وبعض رموزه الوطنية وكانت البداية بتسليط الضوء كثيفا علي سلطان دارفور دينار، وستتواصل الاحتفالات حتى أواخر فبراير القادم، حيث ستشمل إقامة ليالٍ متعددة تضم أهل التاريخ والفن والرياضة والسياسة والاجتماع والثقافة والفنون والشعر والموسيقى، وتختتم بيوم ختامي مفتوح في الثالث والعشرين من الشهر القادم بشارع النيل.
اهتمام دولي
بينما أكد الشاعر مختار دفع الله عضو اللجنة العليا اهتمام دولة تركيا الصديقة بشخصية السلطان دينار كقائد إسلامي وقف ضد المد الاستعماري البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، مبينا قومية السلطان دينار الذي افترى عليه التدوين الغربي، حينما كتب تاريخ السودان وأظهره بالحاكم القاسي. أما القيادي مالك الزاكي، فقال إن السلطان علي دينار شخصية وطنية ونموذج للحاكم الذي طبق تماما العدالة المجتمعية، إضافة لشخصيته القيادية والحكيمة والشاعرية والموسيقية، لذلك جمع ما بين الإدارة والقيادة وحسن المعاملة والتدبير.
من جهته، قال الإعلامي عبد الله آدم خاطر إن عهد السلطان دينار اتسم بإدارة التنوع الاثني والثقافي، مشيرا إلى أن الاحتفالية بمئوية استشهاده تعني تأكيدا لدور دارفور في تاريخ السودان السياسي
اليوم التالي
للسلطان علي دينار املاك في مدينة جدة مشهورة ومعروفة
منها حوش علي دينار ( عبارة عن وقف) في حي البلد يقع في الناحية الشمالية الشرقية لسوق باب شريف ويقيم فيه عدد من الاسر الدارفورية مجانا
وكذلك الارض التي تقام عليها القنصلية السودانية بحي الثعالبة بجدة