ما يُمكن أن يُقال في اعتقال هلال

كثيراً ما يستجوبني القراء المحترمون- وهم محقون- عن حقيقة ما حدث بين الزعيم القبلي موسى هلال، والقوات النظامية المكلّفة بجمع السلاح من المواطنين، وتفاصيل عملية القبض عليه وسط أنصاره وعشيرته والإتيان به من بادية مستريحة بشمال دارفور إلى الخرطوم، وما هي نتائج ما حدث على المديين البعيد والقريب، فكنت أقول إن ملف الشيخ موسى هلال منذ خروجه من المعتقل ببورتسودان قبل سنوات عديدة وتمدُّد نفوذه ومعاركه العسكرية التي خاضها مسانداً للحكومة في مواجهة التمرد، لهو أمر يكتنفه كثير من الغموض، والحديث عن هذا الملف يحتاج لكثير من المعلومات التي قد تبدو غائبة حتى الآن، كما أن البُعدين الأمني والقبلي وحساسية تناولهما يضع أمام الكاتب المحترف كثيراً من القيود والموانع ? خاصة بتوعين الجرايد زينا- ، غير أن الذي استطيع التنبؤ به هو أن النظام مدين لهذا الزعيم القبلي بكثير من الأعمال التي قد تجعل محاكمته أمرًا محاطاً بكثير من الصعوبات، كما أن هناك كثيراً من التعقيدات الاجتماعية والسياسية والأمنية التي تشكل عقبة كأداء أمام معاقبته.
لكن الذي يُلفت الانتباه بقوة في عملية اعتقال “هلال”، هو تلك الاحترافية العالية التي نُفذت بها العملية وسط معقل أنصاره وحوارييه، وهو أمر لم يكن متوقعاً بأي حال من الأحوال، حيث كنا نظن أن أية عملية لإطلاق النار بين الطرفين ستًعجّل باشتعال المنطقة بأسرها وإحراق الأخضر واليابس وذلك نظراً لحالة الاحتقان السائدة والمرارات التي تختلج بها صدور كل أطراف النزاع وتعتمل بها أنفسهم، كنا نتوقع أن تقود المواجهة بين مليشيات الشيخ هلال المشبّعة بالولاءات القبلية وقوات الحكومة إلى حرب أهلية جديدة تؤجّج الصراعات القبلية وتشعل جذوات التمرد مجدداً في الإقليم المضطرب.. فتلك لم تكن مجرد تخرصات أو تكهنات لا تقوم على ساق، ولكنها كانت توقّعات أقرب إلى الحقائق لكونها مسنودة بكثير من المعطيات والمؤشرات التي تعزّز حدوثها في أية لحظة.
غير أن الذي حدث خالف جميع التوقعات وتم تنفيذ عملية الاعتقال على نحو أشبه بتنفيذ عمليات بالغة في الدقة والتعقيد، كما يحدث في الأفلام التي تروي قصص الأساطير وفك احتجاز أو اختطاف رهائن داخل قلاع حصينة.
الأمر الآخر الذي يُمكن التنبؤ به على ضوء بعض المعطيات أن هلال ربما يُقدم لمحاكمة عسكرية تشغل الرأي العام لبعض الوقت على شاكلة ما حدث من قبل، مثل المحاكمة التي تمت لمنسوبي النظام أمثال العميد ود إبراهيم وصحبه، في محاولتهم الانقلابية والتي انتهت بالعفو عنهم، أو كالتي حدثت لبعض منسوبي الحركة الإسلامية مثل محاكمة عبد العزيز عشر، ولبس، وصندل وغيرهم والتي انتهت بالعفو أيضاً، وهذه التوقعات بالطبع لا تتقاطع مع ما ذكره وزير الدفاع الذي تعهد بتقديم هلال لمحاكمة عسكرية باعتباره جندياً في القوات المسلحة… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..