ممنوع بأمر الدستور والمواثيق الدولية والوطنية ولا بد من بدائل.. العقاب البدني

الخرطوم ? زهرة عكاشة
بعد بحث وتنقيب في أسباب التسرب الدراسي وهروب الطلاب من الصف، وجد أن (الجلد) الذي يمارسه المعلمون ضد التلاميذ داخل صفوف الدراسة هو أحد الأسباب، وأقواها بعد الفقر والعوز، إذ كان العقاب البدني أساس العملية التعليمية سابقاً، وقررت وزارة التربية بمشاركة منظمات المجتمع المدني منعه، بعد إيجاد بدائل حامية للأطفال من الانتهاك النفسي والبدني الذي يتعرضون له، سيما وأن السودان صادق على عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تعضد ذلك، وكذلك الدستور والقوانين الوطنية ولائحة الجزاءات المحظورة في المؤسسات التعليمية. ولأهمية منع العقاب البدني التقينا بالمدير التنفيذي لمعهد حقوق الطفل وعضو لجنة إعداد لائحة الجزاءات المحظورة في المؤسسات التعليمية في وزارة التربية والتعليم، ياسر سليم شلبي، فماذا قال..
* ما هي رؤيتكم لمنع العقاب البدني؟
– نرى أنه تم حسمه بالدستور وقانون الطفل لسنة 2010، والخطة الوطنية للتصدي للعنف ضد الأطفال، وقرارات وزارة التربية، بالإضافة إلى الدراسات التي أثبتت ضرره وآثاره السالبة. وينص الدستور الانتقالي لسنة 2005 في المادة 27 (3) على: “تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان، جزءاً لا يتجزأ من هذه الوثيقة”. كما نصت المادة 27(4)على: “تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة في هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها”، كما ينص الدستور في المادة (32 /5): “تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والإقليمية، التي صادق عليها السودان”. وبتصديق السودان على هذه المواثيق، تكون الحكومة قد ألزمت نفسها بحماية وضمان حقوق الأطفال، ووافقت على تحمل مسؤولية هذا العهد، وكما يقول تعالى: “وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً”. سورة الإسراء الآية (34) صدق الله العظيم.
* ما هي المواثيق التي تمنع العقاب البدني؟
– أولها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقع عليها السيد رئيس الجمهورية وصادق عليها البرلمان في عام 1990، دون تحفظ على أي مادة من موادها، ونصت في المادة (19) منه أن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو الاستغلال”، وكذلك نصت المادة (28) أن “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لضمان إدارة نظام في المدارس على نحو يتماشى مع كرامة الطفل الإنسانية ويتوافق مع هذه الاتفاقية”.
وكذلك الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته وقع عليه السيد رئيس الجمهورية وصادق عليه البرلمان في عام 2008، نصت المادة (16) منه على “أن تتخذ الدول الأطراف في هذا الميثاق إجراءات تشريعية وإدارية واجتماعية وتربوية معينة لحماية الطفل من كافة أشكال التعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو المهينة، خاصة الإيذاء البدني أو العقلي أو إساءة المعاملة”.
* ماذا عن قوانيننا الوطنية؟
– جاء قانون الطفل لسنة 2010 وجعل مصلحة الطفل فوق كل شيء، حيث نصت المادة (2) على “تكون لحماية الطفل ومصلحته الأولوية في كافة القرارات أو الإجراءات المتعلقة بالطفولة أو الأسرة أو البيئة، أياً كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها”. كما نصت المادة (29) على “عدم توقيع الجزاءات التالية بالمدارس: العقوبات القاسية، التوبيخ بالألفاظ المهينة للكرامة، الحرمان من حضور الحصة، ما لم يسبب الطالب عرقلة سير الحصة، الطرد من المدرسة أثناء سير الدراسة. ونص القانون كذلك على أن “تحدد وزارة التعليم العام الجزاءات المناسبة لمن يخالف الأحكام أعلاه”.
ثم جاءت الخطة الوطنية للتصدي للعنف ضد الأطفال والتي خصصت محوراً كاملاً للعنف في المؤسسات التعليمية (المحور الخامس)، وأشارت إلى أن العنف في المدارس يؤثر سلباً على شخصية الطفل وثقته بنفسه، ومقدرته على التحصيل والتعليم، وقد يكون العنف الذي يجده التلميذ في المدرسة سبباً رئيساً وراء هروبه من المدرسة وترك الدراسة نهائياً. وركزت على ضرورة نشر وتعميم استخدام البدائل التربوية للعقاب البدني، وعلى تأسيس نظام للرصد والمتابعة في المدارس لرصد أشكال العنف المختلفة ضد الأطفال والتصدي لها ومحاسبة المسؤولين عنها.
* ماذا عن لائحة الجزاءات المحظورة في المؤسسات التعليمية؟
– جاءت لائحة الجزاءات المحظورة داخل المؤسسات التعليمية لسنة 2005 ومنعت العقاب البدني بكافة أشكاله، ونصت على استخدام البدائل التربوية، وهناك جزاءات لكل من يرتكب مخالفة لأحكامها، تبدأ بلفت نظر المعلم بعدم ارتكاب مخالفة أخرى، ثم إنذار كتابةً، فالخصم بما لا يتجاوز 50 % من المرتب الأساسي، والإيقاف من الخدمة بما لا يتجاوز شهراً، ثم الإنذار النهائي بالفصل من الخدمة، وأخيراً الفصل من الخدمة. وتنص اللائحة في مادتها الأخيرة: “على وزارة التربية والتعليم العمل على بناء قدرات العاملين في مجال البدائل التربوية وتعزيز السلوك الإيجابي ورفع الوعي بأحكام هذه اللائحة وتعميمها، وهي الآن أمام الوزيرة سعاد عبد الرازق لإجازتها بصورة نهائية، ونتوقع أن تكون أجازتها.
* حسب رأيك.. كيف تنظر وزارة التربية والتعليم إلى منع العقاب البدني؟
– تمضي قدماً وبكل ثقة وثبات في حظر العقاب البدني، ووضع جزاءات تربوية أخرى بديلة له، ونرى ذلك في رأي إخوتنا الخبراء في المركز القومي للمناهج والبحث التربوي ـــ بخت الرضا ـــ الذي يضع خريطة الطريق للتعليم العام في البلاد، حيث أصدر من خلال وزارة التربية والتعليم دليلاً للمعلم للتأديب الإيجابي، وذلك في يناير 2015. وكما قال الخبير التربوي الأستاذ محمد أحمد حميدة، وزير التربية الأسبق، عند إصدار القرار رقم (10) لسنة 2010 القاضي بمنع عقوبة الجلد: إن الغاية الأساسية منه هي أن نربي النشء على قيم الإسلام ومبادئه بالسماحة والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة، ونقتفي الأثر لقول سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: “علموا أبناءكم لزمان غير زمانكم”.
* ما هو دور معهد حقوق الطفل في منع العقاب البدني؟
– عملنا لأكثر من عشر سنوات في مناصرة وقف العقاب البدني، وقمنا بتدريب عشرات المعلمين والموجهين بالتنسيق مع وزارة التربية في ولاية الخرطوم، وكذلك في عدد من الولايات، وأعددنا دليل البدائل التربوية للعقاب البدني، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية ومنظمة رعاية الطفولة السويدية، وأعدته د.ناهد محمد الحسن، في يونيو 2015، وكرمنا عددا من المدارس التي طبقت سياسة منع العقاب البدني واستخدام البدائل التربوية للعقاب البدني، ومن أهمها التعزيز الإيجابي، ذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وكانت نتائجه باهرة فأصبحت هناك مدارس صديقة للأطفال تفوقت سلوكياً وأكاديمياً، باعتراف مديري المدرسة والمعلمين والطلاب. وأرى أن منع العقاب البدني واستخدام البدائل التربوية حقق تقوية الثقة بالنفس لدى الأطفال، وتكوين اتجاهات إيجابية تجاه المدرسة والإقبال نحو التعلم والسعي إلى النجاح واحترام النفس، واحترام الآخرين وتحقيق المتعة والشعور بالرضا

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. رئيسكم قال ليكم اضربوا الأطفال وما تسمعوا كلام الدكاترة وعلماء النفس ، يعني أخرقوا الدستور وانتهكوا كل القوانين والأعراف الدولية !!!!!
    بالله عليكم هل يصلح هذا أن يكون شيخ حلة ؟؟؟؟

  2. بلد المتناقضات منع عقوبات الجلد في المدارس وجلدهم في المظاهرات ولا في الشارع لاتفه الاسباب دي بلد عدمانة المخ

  3. مع أحترامي لكل المواثيق و القوانين هنالك فرق كبير بين الجلد و الضرب فالجلد عقوبة قد أقرها الشرع في كثير من المواضيع و المخالفات الإجتماعية و في السنة الشريفة أمر المصطفى عليه الصلاة و السلام بالضرب في شأن الصلاة ( التربية )و ذلك في عشرة سنوات من عمر الطفل . و من التجارب التي عشناها و نحن تلاميذ و طلاب لم يكن الضرب لإزلال الطفل و إنما كنا نحن و بعد دخولنا الجامعة شكرنا هؤلاء المعلمين قاموا بجلدنا و بهذه الجلدة تغير كثير من سلوكنا الأكاديمي و الأخلاقي .
    و سأعود مرة أخرى لهذا الموضوع لأنه يخصني بصفتي معلم ( 31 سنة بالمرحلة الثانوية و ما زال كثير من أبنائي الطلاب كلما تقابلنا يشكروني على العقوبات البدنية ) و الله المستعان

  4. يا جماعة بشبش مش قال اضربوا الطلاب لانه انضرب 60 سوط وهو الذى وقع
    على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وبرضوا يقول اضربوا الطلاب .
    اضربك لغم يفرتق راس المقودس دا عامل كدا ذى راس الخروف الاسترالى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..