دعوة حوار…. ام عزومة مراكبية؟!

حسنا فعل الدكتور الحاج آدم بالرجوع الى فضيلة الحوار مع المعارضة والرجوع للحق فضيلة ، فقد أبرزت صحف الأمس تصريحا للسيد نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم ، يعلن فيه تجديد الدعوة للقوى السياسية لتتوافق على منهج ودستور جديد ، مؤكدا دعوة الرئيس البشير لكل القوى السياسية والاحزاب الوطنية الى التوافق حول دستور جديد ومنهج جديد ، وعلى السيد نائب الرئيس ان يتسع صدره و يصبر ويتجاوز و يسامح و يقبل بالرأى الآخر ، و عليه أن يثبت على هذا التوجه الذى هو من أسباب المسؤولية التى يتولاها ، وعليه الا يرتد على عقبيه مفضلا أي اسلوب آخر على الحوار، يجب القول ان دعوات السيد الرئيس السابقة لم تأت بجديد ذلك أنها كانت أشبه بعزومة المراكبية، دون مقدمات يعلن الرئيس دعوة القوى السياسية للحوار فى بيت الضيافة، فترسل الدعوات ممهورة بتوقيع السيد وزير رئاسة الجمهورية الفريق بكري حسن صالح ويلتئم الشمل فى بيت الرئيس بالقيادة العامة ، فيلقى الرئيس كلمة ، وتتاح الفرص للرموز السياسية وقيادات الأحزاب للتعليق على الوضع الراهن فى مداخلات لا تتجاوز فرصة الحديث فيها الثلاث دقائق ، يعقب الدكتور نافع، على المداخلات ، ويقدم الدعوة للحضور لتناول العشاء فى الحديقة، ويتخلل ذلك انشاد فرقة الصحوة وترتفع ” العصى ” طربا ويغادر الجميع فى وقت متأخر إلى بيوتهم ، لتصدر صحف اليوم التالى تتصدرها اخبار الحوار، ايها السادة ، وكنت حضورا لاثنين من جلسات ” الحوار” هذه، فما كان يتم فيها ليس حوارا، وهو فى احسن الاحوال لا يتجاوز كونه لقاءً اجتماعيا أو حملة للعلاقات العامة ، خاصة وان تلك الدعوات ارتبطت دائما بظرف عصيب تمر به الحكومة تستعين عليه بمدخلات عديدة من بينها هذه الدعوات ، نحن مع الحوار الجاد و التوافق حول منهج جديد ودستور جديد ، ونحن مع مساعدة الحكومة وتحفيزها لاطلاق حوار جاد لايستثنى أحدا ولا مشكلة و لا قضية لأن البديل هو استمرار القتال والاحتراب وضياع الموارد واهدار الفرص والتمهيد لتدخل دولى سافر نراه وشيكا ، نحن مع الحوار الذى يحدث تغييرا فى منهج الحكم وشكل ومضمون الحكم ورؤيته وأهدافه ، وهذا الحوار لابد أن يفضي الى مشاركة جميع اطياف المجتمع فى صياغة وبلورة اهدافه والتماس طرائقه ، ولما كانت أطراف الحوار وتاريخ العلاقة بينهما لا يتيح تلك الثقة الكافية لادارة حوار بناء ، ولما كانت اجواء الحوار غير متوفرة ، و السائد هو اجواء عدائية و حربية ، لذا يلزم الجهة التى دعت للحوار تهيئة المناخ و خلق اجواء مواتية، وذلك عبر اتاحة الحريات للاحزاب لممارسة نشاطها والكف عن مضايقتها واعادة الصحف الموقوفة والكتاب الموقوفين، و ان ترفع السلطة يدها تماما عن الصحافة و ايقاف التدخل في شأنها والاستيلاء عليها عبر السعى لامتلاكها والتدخل فى ادارات تحريرها، ويلزم هذا الحوار جهة ترعاه و تشهد عليه وتضمن تنفيذ مايتم الاتفاق عليه، ويجب ان يضمن لهذا الحوارالاعداد الجيد عبر لجنة تحضيرية تمثل فيها الحكومة والمعارضة والحركات المسلحة، للاتفاق على الاجندة و المواقيت، ويمكن ااختصار الكثير من الوقت لو وافقت الحكومة والحركة الشعبية ـ قطاع الشمال والوسطاء على أن يتم الاتفاق اطاريا فى محادثات اديس أبابا على ضم المعارضة الداخلية وحركات دارفور لطاولة المفاوضات، هذا المقترح لا يضر بموقف احد من الاطراف ، فهو من ناحية لا يتعارض مع موقف الحكومة وحزب المؤتمر الوطنى الذى اعلن عنه عبر ندوة مركز الحوار الانسانى التى عقدت بفندق السلام روتانا و يلبى رغبة الحكومة فى عدم تمكين قطاع الشمال بالتحدث نيابة عن الاخرين «كل الناس حضورا» ، ومن الناحية الاخرى يستجيب لطموحات قطاع الشمال بطرح كل القضايا دفعة واحدة، وهو من ناحية اخرى يؤطر وجود المعارضة «السلمية» فى آليات الحوار بشكل رسمى و معترف به حيث يتطلب ذلك من المعارضة توحيد صفوفها و مواقفها و اجندتها «كل المعارضات السلمية و المسلحة»، اطلاق الحوار يستلزم التزام جميع الاطراف بوقف اطلاق النار لفترة يتفق عليها تكون كافية لاكتساب الثقة و تسهيل انطلاق العمليات الانسانية لاغاثة المناطق المتضررة، من واجبنا التنبيه على ان تأخيرهذا الحوار بهذه الكيفية قد يجلب من المفاجآت الكفيلة بجعل الحوار لا يقوم بعدها على الاطلاق و ربما انزلقت البلاد الى حرب اهلية شاملة فى وقت وجيز ،، على الجميع التحلى بالصبر و استباق الشر فيهم بالانتصار للخير فينا ،، اعملوا لحوار جاد فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون.
الصحافة