عصبيات ابن خلدون في الوصول إلى السلطة ..

يوسف السندي
[email protected]
يقول عالم الاجتماع العربي الاصيل عبدالرحمن بن خلدون عن الفلسفة الاجتماعية حول نشأة الحكم، (لا يمكن الحصول على الملك و الدولة الا بعصبية). ويعرفها (العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا، ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده). ثم يتجاوز ذلك إلى نطاق الولاء إلى القبيلة ثم النصرة العام ( ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل ولائه وحلفه للألفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء. أما إذا أصبح النسب مجهولا غامضا ولم يعد واضحا في أذهان الناس، فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا).
باسقاط قول بن خلدون على التاريخ السوداني يمكن القول ان اولى العصبيات الحديثة في السودان والتي وحدت الشعب السوداني ظهرت مع الثورة المهدية، حيث استطاعت الثورة المهدية في القرن قبل الماضي توحيد الشعب السوداني ضد المستعمر التركي وطرده من البلاد وإقامة دولة سودانية حرة، وكانت عصبية الثورة المهدية تنبع من اذكاء الروح الدينية والوطنية في الشعب السوداني.
وجدت دعوة الإمام محمد احمد المهدي تجاوبا سريعا وهائلا من جميع فئات الشعب، ورغم وجود بعض المشككين الا ان طبيعة عصبية الدين والدعوة للتحرر من ضيم الاستعمار لم تترك مجالا منطقيا يدعم دعوات المناهضين للمهدية، لذلك حققت الثورة المهدية انتصارات كاسحة على المستعمر وفداها الشعب السوداني بدماءه في ملاحم مازالت ترن في أذن التاريخ. ثم عاد الاستعمار مجددا معتمدا على تفوقه العسكري وامتلاكه للآلة الحربية الفتاكة في مواجهة جيوش المهدية كثيرة العدد قليلة التسليح، وانهزمت الدولة المهدية وغرق الوطن من جديد في ظلام الاستعمار.
ضد الاستعمار الجديد لم يستخدم السودانيون مجددا القوة الدينية العسكرية التي استخدمها الامام المهدي، وذلك لأن المستعمر فطن لهذه العصبية وعمل على محاربتها مبكرا في أوساط الجماهير من خلال اتباع وسائل التشكيك والتفرقة وإشانة سمعة المهدية وخاصة فترة حكم الخليفة عبدالله ود تورشين ومحاربة أسرة المهدي خاصة والأنصار عامة وكل من يساعدهم، فقتل الرجال من اسرة الامام المهدي ونفي من وقع في الاسر من قادة المهدية، كل هذه الترتيبات كان القصد منها فصل الجماهير كلية عن أي امل او رمز للثورة وعن استعادة عصبية الدين والتحرر المشتركة.
نجح المستعمر في مخططه، اذ لم تشترك جماهير الشعب السوداني متحدة في اي نشاط ثوري ضد المستعمر يماثل عظمة الثورة المهدية، وكانت الحركات المقاومة مثل ثورة اللواء الأبيض وثورة ود حبوبة و غيرها ثورات صغيرة متقطعة حول السودان تنشط محدودة العدد والرقعة الجغرافية وتنطفيء بدون ان تتمدد لتشمل كل جماهير الشعب السوداني. مع غياب هذا النوع من العصبية الثورية بفعل وتخطيط استعماري، لم يستكين الشعب وسعى لتطوير عصبية اخرى.
مع ظهور عصبة الامم وتغلغل التعليم النظامي في السودان، ولدت عصبية سودانية جديدة هي العصبية التحررية السياسية، التي تعتمد على النضال السلمي السياسي من أجل انتزاع الحقوق والحريات، وصلت هذه العصبية قمة نضوجها بتكوين الأحزاب السياسية السودانية في اربعينيات القرن الماضي و خاصة حزبي الأمة والاتحادي. من خلال هذه العصبية استطاع السودانيون إدارة معركتهم ضد المستعمر بطريقة ممتازة توجت في الاول من يناير ١٩٥٦ بالاستقلال الكامل للسودان عن الحكم الانجليزي المصري عبر المفاوضات وبدون إطلاق طلقة واحدة، وبإجماع كامل خلف شعار السودان للسودانيين.
بعد الاستقلال انتهت قيمة عصبية التحرير السياسي من المستعمر وظهرت الحاجة لعصبية انتخابية من أجل حشد الجماهير لبرامج الأحزاب وصولا للسلطة، كسب الحزب الاتحادي الجولة الاولى وكسب حزب الأمة الثانية، افرز النزاع حول السلطة بين الأحزاب السياسية في ذاك الوقت المبكر من عمر الاستقلال ثغرات كثيرة في الممارسة السياسة قادت إلى حدوث الانقلاب الاول بقيادة عبود. من النتائج الكارثية لهذا الانقلاب ظهور عصبية جديدة تمثلت في عقيدة الحق العسكري لضباط القوات المسلحة السودانية في توجيه السياسة والسياسيين ومصادرة الحق المدني في حكم البلاد، عاني الشعب السوداني من هذه العصبية الانقلابية كثيرا، ولم يستطع منها فكاكا، و ربما يرجع ذلك الى فشل الشعب والنخب السياسية في تطوير عصبية صلبة تناهض فكرة الاستيلاء بالقوة على السلطة.
ثورة ديسمبر نتجت عن عصبية الثورات السابقة الداعية لإقامة دولة مدنية، لو واصلت الجماهير العمل بحيوية مثلما فعلت أيام الثورة من أجل توطين عصبية الحكم المدني والتبادل السلمي للسلطة سنعبر، وإذا حدث اي انتكاس في هذا الدرب سنعود للظلام.
بمجرد حديثك عن الدولة كمفهوم حديث تلقائيا تتحدث عن العقلانية و العلمانية و النزعة الانسانية التي تجافي سلطة الارادة الالهية سلطة القرون الوسطى. المهدية تجسيد لبقايا روح فكر القرون الوسطى المرتكز على الفكر الديني و لا علاقة لها بالفكر في العصر الحديث. أما ابن خلدون أظنك لم تفطن الى أن علومه عن الأجتماع اول مقامها هو افراغه عن القضاء و القدر في منطقه الديني ابن خلدون ذكر فكره ليس في صالحك و لا صالح المهدية كفكرة تجسد فكر القرون الوسطى في تخيلها لصورة المجتمع لذلك تجد ان المهدي كان يقول ان الدنيا جيفة و ليس له اي فكر عن الاجتماع فقط يبتز الناس بالحياة في الآخرة و كيفية الخلاص و هذه هي عقلية القرون الوسطى التي لا يؤمن بها الا الدراويش. المهدية ليس لها علاقة بفكرة الدولة كمفهوم حديث و لا يمكن ان تنتج عنها دولة ابدا . ما يهمنا الآن مفهوم الدولة في العصر الحديث في مفارقته لمفهوم الارادة الالهية عندما ارتقى الى فكرة الدولة الامة او الدولة الوطنية و اليوم البشرية تتجه باتجاه الدولة الحقوق حيث لم يعد الدين كجالب لسلام العالم و لم يعد يلعب اي دور بنيوي على صعد الاجتماع و الاقتصاد و الاجتماع فاولى خطوات بناء دولة حديثة تبدأ برفض المهدية و اي حزب غارق في وحل الفكر الديني.
ألا يمكنك يا دكتور إستعمال كلمة غير كلمة (عصبية) هذه التي نثير الإشمئزاز في النفوس؟ و هل كان ابن خلدون الذي يمجده الناس و كأنه يتلقى وحياً من السماء يقصد نفس المعنى الذي تحدثت عنه؟ و حتى لو تطابق الفهم فهل أن إبن خلدون لا ينطق عن الهوى حتى نحتفي به كل هذا الإحتفاء؟ و ألا تظن أنه من المنطق أن نصف السيد محمد أحمد فحل بأنه زعيم وطني عظيم يحبه السودانيون بهذه الصفات بدلاً من وصفه بالإمام المهدي؟ تلك الصفة التي تجعل منه دجالاً دينياً يدعي ما ليس له؟ أنا شخصياً أشعر بالفخر عندما يتحدث الناس عن السيد المحترم جداً محمد أحمد عبد الله كزعيم وطني عظيم، و أشعر بالخجل عندما يوصف يالإمام المهدي،
يقول المدعو السندى ( حيث استطاعت الثورة المهدية في القرن قبل الماضي توحيد الشعب السوداني )
وهذا غير صحيح البتة
الشكرية معروف انهم لم يؤيدوا ، ومعروف قصيدة الحردلو المشهورة في هذا الشأن
وكذلك الشنابلة ، فقد قتل المهدى زعيمهم المنا
وفى الغرب ثار أبو جميزة وانتصر على المهدى مؤقتا
وفى نهر النيل اعتدى الخيفة بواسطة محمود ود احمد على المتمة وفعل فيها الفعايل المعروفة ووثقها التاريخ عندما لم يرضى ود سعد مك الجعليين في ذلك الوقت
وهناك الكثير في التاريخ الذى لا يدرس في المدارس وتتحاشى المؤسسة الرسمية من تعليمه
فهل من مصدق خرافات المهدى انو الرسول جاءه ووصاه ، وحضر الرسول معه وقال له كذا وكذا
الذين يتحدثون عن العصبية بمثل ما قال ابن خلدون لا يعرفون ان ابن خلدون انفنس للغازى المغولى تيمورلنك عند اجتياحه دمشق ، بل انه تماهى مع استبداده مثل ما يتباهى اهل العصبيات الا، مع حميدتى ، فقد سقطت حماة وحلب بيد المغول وتحولتا الى ركام ومقابر جماعية حتى قيل ان المغول شيدوا مئذنة من جماجم القتلى.جيوش المغول في طريقها الى دمشق.نائب الغيبة، وهو اشبه بقائم مقام الخليفة، او السلطان فرج بن برقوق، يميل الى (تسليم المدينة بالامان) للمغول ويحاول الهرب فتتصدى له الجماهير وتمنعه من الرحيل بل و تهينه.
يعلق ابن خلدون على كلام السلطان المستبد بعبارات خانعة وانتهازية فيوبخه الشيخ التاذلي: اتسمي الخذلان فصاحة يا بن خلدون؟ كان ابن خلدون من جماعة الاستسلام ، يبدأ دعاة الاستسلام هؤلاء ببلبلة الرأي العام، تمهيدا للتشكيك في شرعية وصواب المقاومة،
يقول ابن خلدون لتلميذه وتابعه المصري (شرف الدين): (الا تعلم يا شرف الدين ان صبغة الدين حالت، وان عصبية العرب زالت وان الجهاد لم يعد ممكنا؟). وحين يحاججه التلميذ بشدة وحماسة وعصبية اهل دمشق اثناء تشييع الشيخ الشهيد التاذلي واستعدادهم التام والصادق لقتال المغول، يقول ابن خلدون (هذه ليست عصبية يا شرف الدين.تشدق الاحداث وهياج العامة والدهماء ليست من العصبية في شيء. والناس هنا في دمشق اهل مدينة وحضارة بلغ فيهم الترف غايته، وسقطت عنهم العصبية بالجملة
في الاخر عبد الرحمن ابن خلدون حمل نسخة من القرآن وعلبة الحلاوة هدية للغازي تيمور، الذي بنى مئذنة من جماجم اهل حلب
الزميل الاعلامى يوسف السندى
تحية و تجلة
ادب الخلاف الفكرى و شرف الخصومة السياسية تجعلنا نشيد باى حرف سطره يراعك بفضاءات الراكوبة..و لكن و الف اه من لكن هذه..اختلف معك تماما فى فيما ذكرته عن ( المهدية) فالحركة المهدية تحتاج منا الى قراءة ثانية مغايرة تماما عن ذلك التاريخ الذى درسناه بالمدارس بالتعليم العام ..فالتاريخ يكتبه المنتصر كما تعلم,,المتامل لتجربة الدولة الدينية لمحمد احمد عبد الله) يجد انها لا تختلف فى مضمونها عن تجربة ( الدولة الدينية بالعراق و الشام ) داعش التى استمرت فى الفترة من 2014-2017بالموصل..نعم فالشيخ محمد احمد عبد الله نشر معتقداته بحد السيف..و تم هدر دم اى ( مسلم ) لا يؤمن بفكره …نعم و يوم ( تحرير الخرطوم) او ( سقوطه ) تم ارتكاب الفظائع من دماء و اشلاء.. وقتل و سحل بالجملة مع اسر الفتيات الصغيرات وفقا لفقه الجوارى و ( ملكلة الايمان)..
تحياتى و ودى