أخبار السودان

مخالفات للبيع

اسماء محمد جمعة

معلوم أن أية حكومة تحتاج إلى المال للصرف على الدولة ،وهناك موارد عديدة يجب أن تفكر في تطويرها والاستفادة منها ، وقد نجحت حكومات كثيرة في استغلال موارد بلادها لأقصى درجة ممكنة وأحدثت نقلة كاملة لشعوبها ، وعليه فليس هناك حكومة في العالم تعتمد على شعبها في تسيير أمورها ، فقط تأخذ منه الضرائب كمساهمة ولكنها تعود إليه في شكل خدمات ..حكومة المؤتمر هي الوحيدة التى تأخذ من المواطن زكاة وضرائب ومخالفات ولا تعود عليه بشيء .

لم تعد حياتنا في السودان محكومة بقوانين أو نظم فالحكومة تفعل ما تريد في سبيل أن تبقى ، ولأن المال هو اكبر داعم لبقائها فهي تفعل كل شيء لتحصل عليه ، فكانت الفوضى وإنهاك المواطن بعض وسائلها وقد نجحت فيهما جدا .

السلطات الحكومية بجميع مسمياتها لديها ألف طريقة تجعلها تحصل على أموال المواطنين بالحق أو بالباطل فهي تكثر من الرسوم في المؤسسات وفي الشوارع والأسواق ،فتبيع المخالفات ، بمعنى أن الموطن يشترى المخالفة لكي يتمكن من العمل ، فعلى سبيل المثال لا الحصر أصحاب مركبات المواصلات من كان لديه أية مشكله في مركبته أو ليست لديه رخصة ما عليه إلا أن يشترى الإيصال ويكمل باقي اليوم مخالفات ، وإذا اعترضه شرطي الحركه فما عليه إلا أن يبرز الإيصال ولذلك أصحاب المركبات العاملة في المواصلات نسوا قصة الرخصة واكتفوا بشراء الإيصال كل يوم .

قلت لأحدهم لماذا لا ترخص وترتاح ؟ قال لي : ومن قال لكِ إننى سارتاح ؟ سيجدون ألف مخالفة أخرى لادفع وحتى إن كنت أعمل في السليم 100% ، فالموضوع ليس القصد منه ضبطنا بقدر ما هو جباية ، ولذلك كثير من المركبات في الخرطوم غير مرخصة ، وهناك نشاط واضح لناس الحركة في الشوارع يبيعون المخالفات لم يبقَ لهم إلا أن يفتحوا محلات ويكتبوا عليها (اقطع إيصالا واحصل على مخالفات لا محدودة ) ..أخبرني صاحب حافلة أن لديه خمس سنوات يعتمد على الإيصال فقط فرخصته منتهية وسيارته منتهية .

في الأسواق والشوارع كل الفرِّيشين وبائعي الأطعمة والمشروبات وجودهم مخالف للقوانين واللوائح فهم اما انهم مواجدون في أماكن خطأ تعوق حركة المارة أو إنها قذرة ،ولكنهم جميعا يبقون في أماكنهم لانهم يدفعون للمحلية مقابل استمرارهم.

السلطات تغضّ النظر عمدا عن كثير من الفوضي التى تحدث في الأسواق والأماكن العامة فقط لأنها تمكنها من الحصول على الأموال فكلما زادت الفوضى زادت المخالفات ، وعليه سيزداد تحصيلها من جباية المخالفات .

والحكومة هي من قامت بنشر الفوضى في كل مرافق الدولة ومؤسساتها وأسواقها ،فهي لا تطبق نظاما ولا تحكم المواطن بالقوانين فأصبح كلٌّ يفعل ما يريد حتى عمّته الفوضى وتجاوز القوانين ، ولذلك حين تريد ان تطبق عليه القوانين او تعيد النظام تجد منه مقاومة شرسة لأنها سبق أن منحته المبررات.

الحكومة أصبحت حريصة على جباية الأموال من المواطن أكثر من أي شيء آخر لأنها إن ألزمته بالقوانين والنظام فلن تجد أحدا يدفع ثمن مخالفة وعليه ستغلق بابا ثالثا يدرّ عليها المال أكثر من الزكاة والضرائب .

التيار

تعليق واحد

  1. وياريت لو كل هذه الجبايات والمخالفات تدخل في خزينة الدولة لتنعكس في التنمية ومتطلبات البنى التحتية ولكنها تذهب لجيوب المتحصلين …

  2. وياريت لو كل هذه الجبايات والمخالفات تدخل في خزينة الدولة لتنعكس في التنمية ومتطلبات البنى التحتية ولكنها تذهب لجيوب المتحصلين …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..