مُذكرات ضابط مُخابرات سوداني

مُذكرات ضابط مُخابرات سوداني – الحلقة الاُولى
عزت السنهوري
[email protected]
بعد شروعي في نشر تفاصيل محاولة إغتيال العقيد القذافي داخل مقر سكنه في باب العزيزيه والتى خططت لها المُخابرات الامريكيه ونفذتها عبر جهاز أمن الدوله السوداني المُنحل – إنهمرت على بريدي الإلكتروني عشرات الرسائل من قاده وزملاء يعرفون أنني عملت في ثلاثه أجهزه أمنيه بثلاثة عهود مُتعاقبه شاركت خِلالها ونفذت العديد من العمليات الأمنيه داخل الوطن وخارجه وناشدوني بإسم المُواطنه أن أدَوِن للتاريخ ما عايشته خلال تلك الفترات خصوصاً ومُعظم شهدائها أحياء يُرزقون ويُمكنهم بالطبع التعقيب على ما سأورده
وإستجابة لهم سأبدأ في نشر هذه المُذكرات بتجرد ونِكران ذات – لن أعطي لِنفسي ما ليس لها كما لن أغمط الآخرين حقوقهم .
للحقيقة والتاريخ فهنالك الكثيرين اللذين خدموا في الأجهزه الأمنيه وقدموا، الكثير لوطنهم وشعبهم وللأسف كان جزاؤهم أن حُوربوا في أرزاقهم وطُعنوا في وطنيتهم بل واُتهموا زوراُ وبُهتانآ ومنهم من مات وفي قلبه حسره كالمرحوم محمد عثمان عبدالحميد ، الرجل الذي أحب وطنه وبني وطنه وفتح منزله وجيبه للسودانيين القادمين والمُقيمين بقاهرة المُعز -ولكنه بعد الانتفاضه ولظروف عائليه بحته رفض العوده للخرطوم والمثول أمام لجنة تصفية جهاز أمن الدوله وإذا برئيسها العقيد حينذاك الهادي بشرى يُسرب للصحف أن هنالك ضابط أمن دوله عمل بدوله جاره وتزوج منها وتخابر لأهلها ولذلك رفض العوده للخرطوم وحزن محمد عثمان حُزنا شديداً تسبب في وفاته وصحيح الأعمار بيد الله ولكن لكل شيء سببا وصدق من قال
وإذ قال ربك لمريم هوَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ==ولو شاء لجنته بغير هزةِ ولكن كل شئ له سببآ
وحيث أن هذه الحلقات توثيقاً للتاريخ فلِزاماً علي أن أذكر ((ورغم مُعارضتي للنظام)) أن رئيس جهاز الامن الأسبق الفريق بكري حسن صالح سوداني أصيل ويستحق الإحترام والتقدير فقد أنصف المرحوم محمد عثمان عبدالحميد في حياته حين صرف له حقوقه التي أوقفها الهادي بشرى ظــُلماً وعُدوانآ ثــُم أنصفه أيضاً بعد وفاته ((حيث فور عِلمه بأن المعاش بالعمله السودانيه لن يعيش أرملة المرحوم محمد عثمان واطفاله المُقيمين بالقاهره)) أصدر أمراً بأن تصرف لهم إعانه شهريه من ميزانية محطة القاهره ومحطه بلغة الأمن هي مكتب الجهاز العامل في الدوله المُضيفه بساتر شرعي – فاتني أن أذكر أنه وعند وصول الهادي بشرى لمصر أصدرت بياناً بإسم االرابطه الشعبيه العسكريه
طالبت فيه الهادي بشرى بإثبات عمالة محمد عثمان عبدالحميد للمُخابرات المصريه ((التي كان الهادي بشرى في ضيافتها !)) وتربصت به في الندوه التي أعلن عنها مركز الانسان للصحافة والنشر الذي أسسه ويتراسه صديقي الصحفي المصري المعروف أيمن نور ولكنه ما أن علم من كارت الدعوه بأنني من المُشاركين معه – عرف أنني ساتطرق لاتهامه لزميلي وصديقي محمد عثمان عبدالحميد و سأطالبه بالاعتذار للضابط الذي طعنه في وطنيته – إتصل بأيمن نور وقالها له صريحه بأنه لن يحضر أي ندوه يكون عزت السنهوري مُشاركاً فيها أو حتى مدعواً لها وأبلغني الأخ أيمن النور لمعرفة رأيي فتمسكت بحقي في الحُضور ومُواجهته مما أدى لإلغاء الندوه
ولأن مُعظم المٌقيمين بالقاهره كانوا يعرفون وطنية وشهامة المرحوم محمد عثمان عبدالحميد وسمعوا برمي الهادي بشرى له بالافك فقد كان الأخير معزولاً عن الساحه ولم يُصدقه إلا سدنة التجمع الوهمي إياه ولكن إلى حين فقد إستغل النظام عُزلته وطمعه وأغروه بمنصب وزاري لم يُعمر فيه طويلاً وإنضم لجوقة مُستشاري الرئيس .
هنالك أيضاً الرائد عبدالله عبدالقيوم الذي لم يكتفي برفض المُشاركه في جريمة ترحيل اليهود الفلاشا لاسرائيل بل حزم كل ملفاتها ويمم شِطر جامعة الدول العربيه التي كان مقرها بتونس حينذاك ولكن وبعد أن علمت رئاسة الجهاز بهروبه إتصل اللواء عمر محمد الطيب برصيفه السعودي الأمير تركي الفيصل الذي أمر رجاله بإنزال الرائد عبدالله عبدالقيوم من الطائره كما قام بتسليمه لقوة بقيادة اللواء عثمان السيد ومعه من الضباط العقيد الفاتح عروه والنقيب صلاح حسن ((كابتوت)) والذين عادوا به مخفوراُ ليُرمى في أبشَع زنازين الجهاز – ورغم أن مُحكمة ترحيل اليهود الفلاشا لاسرائيل كانت علنيه – إلا ان شهادته وبناءاً على طلب السعوديه التي لا ترغب بالطبع في أن يعرف العرب والمسلمين تواطؤ امنها في العمليه كانت في جلسه مُغلقه – الغريب ورغم أنه تم إستيعاب العديدين من ضباط أمن الدوله المُنحل في جهاز الامن الجديد ومنهم الصالح و الطالح – إلآ أن اللوبي الصهيوني عارض إعادة الرائد عبدالله عبدالقيوم !! والأغرب أن وزارة الداخليه أيضاً لم تستوعبه مع العائدين من أبنائها رغم أنه خريج كلية الشرطه مثلهم !!؟؟
هنالك ايضاً المرحوم النقيب عبدالله خليل والذي أشاع البعض أن لأمن حزب الامه يداً في قتله لكونه وسيطاً في شراء يورانيوم لأمن الحزب !! بل أن المرحوم عاصم كباشي ((والذي كان ناقماً على الحزب لكونه حضر لأمانة المعلومات حاملاً تزكيه من قريبه السيد بكري عديل للإستفاده من خبراته ولكن السيد عبدالرحمن فرح لم يستوعبه !!؟؟))كتب مقالاً ((أعتقد بصحيفة ألوان )) بعنوان الغول يقتل عبدالله خليل أو ما شابه)) و قد جانبه التوفيق في ذلك تماماً حيث أن المرحوم عبدالله خليل و الذي أعرفه شخصياً ((إبان عملنا سوياً بفرع المُخابرات الخارجيه)) وأعرف وداعته ووطنيته يستحيل أن يزج بنفسه في تجارة يورانيوم , كما أن حزب الامه الذي كنت أعمل بأمانة معلوماته وهي جهاز أمن الحزب لم تكن لديه علاقه أو حتى رغبه في شراء اليورانيوم وكدليل فقد رفض العميد عبدالرحمن فرح التعامل مع جاري في الحلفايا الرائد (م) عبدالله عمر و الذي أبلغني أن لديه معلومات عن اليورانيوم والمُخابرات الاميريكيه فطلبت منه الحضور لمقرنا بشركة الظفره ومكنته من مُقابلة السيد عبدالرحمن فرح وبعد مُغادرته سألني السيد عبدالرحمن فرح غاضباً :- صاحبك ده مجنون ولا داير يجنني؟؟ شنو يقول لي القنصل الامريكي جاهو في بيتو بالحلفايا ورشاهو بمخدر وو …فضحكنا جميعاً وبالطبع لم يقابله عبدالرحمن ثانية ولكن عبدالله عمر وحتى يُعيدوه للأمن بعد إنقلاب الانقاذ تسبب بشهادته الزور في مُعاناة وسجن الامير نقدالله شفاه الله وعافاه – بينما لم يجني عبدالله عمر من ورائها مكسباً فقد ضحك عليه الكيزان فهاحر لأمريكا ثم حصل على اللجوء بلندن بعد أن زعم أن الفريق الدابي يُريد أن يقتله والقصه طريفه سأرويها لاحقاً
ومن الطرائف أن أحدهم بعد الانتفاضه إدعى أن المرحوم عاصم كباشي كان ثملاُ ويتعاطى الخمر أثناء تعذيبه وتحقيقه معه كما نشر آخر في الرابط أدناه
http://sudanray.com/Forums/showthread.php?2791-لمن-طلبوا-معلومات-عن-ضابط-التعذيب-عاصم-كباشى&highlight=%DA%C7%D5%E3+%DF%C8%C7%D4%ED
أن آلاف بلاغات التعذيب فتحت من القادمين من ليبيا ضد عاصم كباشي بعد الانتفاضه , ومبعث الطرافه أن عاصم كباشي الذي أعرفه جيداً لم يتعاطى الخمر في حياته كما لا علاقة له ألبته بالتحقيق مع القادمين من ليبيا !!؟؟ فذلك من صميم شُعبة النشاط الليبي التخريبي والتي يترأسها الرائد الشهم ربيع أحمد الريح والذي لم يُدان في أي جريمة تعذيب أو تحوم حوله أي شــُبهة فساد
وللأسف سُجنت المقدم حفصه عبادي واُشينت سُمعتها دون وجه حق فالإتهام ضدها كان رغم خِسته واضح للعيان فبركته ولكن عندما يكون الخصم هو الحكم تترنح موازين العداله
هنالك أيضاً الكثيرين اللذين تعرضوا لبلاغات كيديه ((وأنا منهم)) ولكن كلها شُطبت لعدم مصداقية الشاكين وسأتعرض لذلك في سياق هذه الحلقات
حقيقةً لا أنكر أنني كنت محظوظاً في سِلك المُخابرات فقد عملت تحت إمرة ضباط مهما إختلفت مع توجهات بعضهم السياسيه – إلا أنني أقر بأن الهامات تنحني إجلالاً لوطنيتهم وكفاءتهم ونزاهتهم وتعلمت منهم الكثير – أذكر منهم كأمثله لا للحصر العميد حسن صالح بيومي والمقدم حيدر أبشر من جهاز أمن الدوله والعُقداء حينها واللواءات فيما بعد عبدالرزاق الفضل عبدالرؤوف وحسن عثمان ضحوي بشعبة الأمن الايجابي في ال :((أ.س)) .. والمقدم(م) عبدالحميد مرحوم والرائد (م) عمار خالد من أمانة المعلومات بحزب الامه كما تشرفت بمعرفة خيرة أبناء السودان كالفريق السر أب أحمد واللواء فارس حُسني واللواء عثمان الفكي عبدالوهاب والمرحوم اللواء هاشم أباسعيد والسيد عزالدين بادي المُدير الاقليمي لسودانير باديس أبابا والتي عملت فيها كمدير لمحطة سودانير كساتر غير شرعي لعملي الاستخباري
شعبة ليبيا بجهاز أمن الدوله قامت بالعديد من العمليات الأمنيه أبرزها عملية إغتيال العقيد القذافي في مقره بثكنة باب العزيزيه العسكريه – ثم عملية الخنجر المسموم والأخيره تتلخص في ان الشعبه تمكنت من زرع إثنين من عناصر الجهاز في قوات المُعارضه المُتمركزه بإثيوبيا والتي كان يقودها المقدم (م) يعقوب إسماعيل وقد عادا للوطن فور الانتفاضه وتم إستيعابهم بقوات الأمن و سأتعرض للعمليه بالتفصيل فيما بعد – أما العمليه الاولى
فقد سردت تفاصيلها هُنا
http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-23996.htm
و
http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-24248.htm
ولا داعي للتكرار – كما أن هنالك تعقيب على المقال (( باللنك أعلاه)) من هاشم ابورنات وآمل أن يطلع عليه القراء الكِرام
سأتطرق في الحلقات القادمه وبالتفصيل للآتي
من الذي أبلغني المعلومه التي حددت ميقات يوم إنقلاب جبهة الترابي في 30 يونيو 1989 وأسماء المُشاركين فيه وماذا فعلت بشأنها؟؟
سأتطرق بالتفصيل لإدارات وأعضاء جهاز أمن الدوله المُنحل وأيضاً لأعضاء أمانة المعلومات بحزب الامه ولن أتطرق للاستخبارات العسكريه لأنها سياج الجيش حامي الوطن وحِصنه الحصين ونشر أسرارها أو كشف عملياتها يُعتبر خيانه للوطن بأسره
سأكشف من هو ضابط أمن الدوله المُنحل عميل الموساد الذي كان يسعى لتخريب الاقتصاد الوطني في عهد السيد الصادق المهدي عبر تأسيسه لمكتب ضخم في قلب الخرطوم للمُتاجره بالدولارات وكيف تمكنت من رصده وكتبت عنه تقريراً كأن كافياً له لأن يُشرف سجن كوبر حتى انقلاب الكيزان .. والغريب أنه أشاع أن من تسبب في إعتقاله هو ضابط سابق من أمن الدوله إستوعبته الشُرطه بعد الانتفاضه !!؟؟
وبالتفصيل كيف حصل خالد فرح على ملف تخابر الصحفي المرحوم سيدأحمد خليفه الذي نشرته صحيفة السياسه ؟؟
من هو محجوب شاي العصر الذي زعم هاشم أبورنات أنه ذهب لمكتب النائب الاول بالقصر الجمهوري مُدعياً أن الضابط عزت السنهوري ومجموعه من شباب حلفاية الملوك حصبوا منزله ومنزل الدكتور عوض دكام بالحجاره ؟؟ ومن هم الضباط اللذين كانوا يترددون على منزله ؟؟ ولَماذا ؟؟
كيف ولِماذا دخلت وعملت في ثلاثه أجهزه مُختلفه وما هي مؤهلاتي العلميه وخِبراتي الوظيفيه قبلها وبعدها ؟؟ وأيضاً صولاتي وجولاتي مع أمن الانقاذ
كيف ومتى أبلغني الفاتح عروه بإختياري ضمن الطاقم المُشرف على ترحيل اليهود الفلاشا لاسرائيل وماذا كان ردي له ؟؟
ولِماذا إستدعاني جهاز أمن الدوله المصري مع زملائي قيادات الرابطه الشعبيه العسكريه السودانيه العقيد عبدالله علي عبدالله والمقدم حسن سيد مصطفى دبوره ؟؟ وعن ماذا سألونا في التحقيقات ؟؟ ومن هو الجاسوس المصري الخسيس الذي تسبب في سجن وترحيل الكثيرين من مصر فترة التسعينيات ؟؟ ولماذا كتب في صفحة الأشقاء بجريدة الوفد أن الشرطه المصريه تبحث عني ؟؟ و كيف هربت من مصر قبل أن يعتقلونني ؟؟ وما هو الدور الوطني و البطولي الذي قام به مُساعد المُلحق العسكري للاُستخبارات حينذاك ((العقيد ع.))؟؟
مع سرد وتلخيص وتعقيب لكل الكتب التي صدرت عن جهاز أمن الدوله السوداني المُنحل – وبالطبع سأتعرض لأي موضوعات تصلني عبر إيميلي الخاص أو يكتبها أصحابها هُنا كتعقيب أو تصويب
وإلى اللقاء في الحلقة القادمه
عزت السنهوري
ضابط مخابرات سوداني سابق
فرنسا – باريس
[email protected]
سؤال الي الاخ عزت ، زمان كان معانا في السجون ضابط اسمو فاروق ،نميري فصله من العمل ،قام مشي ليبيا واشتغل مع القذافي ،عندك فكره عنه او مصيره؟
جهاز الأمن القومي، أمن الدولة لاحقا وحتى الإنتفاضة، له سجله الحافل والحاشد بالصفحات البيض، والكوادر المشرفة لوطنها وذواتها مثل عبدالمنعم بري وعلي عبدالرحمن النميري وعباس مدني (غير عباس مدني جهاز الشرطة) وغيرهم مما عرفت ونسيت ومما لا أعرف، على مستوى ضباط وأفراد، وقد كان ذاك الجهاز قوميا بمستوى مثالي يطمح إليه المنادون بتمثيل قوميات البلاد المتنوعة في مثل هذه الأجهزة، ولقد قرأت فيمن قرأ المادة التي يطلب السنهوري الرجوع إليها في مقاله هذا التي رشح خلالها ما لا يفيد القارئ ولا يرفد الباحث وبدأ محتواها كأنه حلبة لتصفية حسابات سواء عبر السرد والتناول لما نشرته السوداني عن تلك العملية التي استهدف بها جهاز أمن الدولة القذافي وتلك المداخلات والتعقيبات بين السنهوري وأبي رنات والتشنيعات التي طالت الفاتح عروة ضابط المخابرات المحترف وقريبه محجوب عروة، كما طالت عثمان السيد رجل المخابرات الخارجية، ولو أن السجال كان علميا وبنى على محاور تتكون من فرضيات توصل إلى نتائج من خلال وقائع سياسية معروفة أو عمليات ومعلومات مخابراتية غير معروفة إلا لمن يهمهم الأمر حسب طبيعة الأمور تناول فيه المتداخلون اعطاء الحقيقة نصيبها من الإنصاف والتجرد لا تجريد هذه الشخصيات من انجازاتها المهنية خصما على مواقف معينة بانت للناس من زوايا تشهير وغمطتهم حقهم في الفخر بمهنيتهم كرجال مخابرات يظلون في الأخير ومهما عملوا وارتقوا في مدارج العلم والمعرفة أدوات طيعة تحركها قيادات سياسية في أعلى هرم السلطة لتحقيق أهداف قد لا يلم بها هؤلاء أثناء تأديتهم لواجبهم، فهاشم ابورنات ضابط المخابرات في شرق السودان وتعامله مع ثوار اريتريا لا يمكن شطبه وفي نفس الوقت لا يمكن الإشادة بهاشم ابورنات في الهجوم على رئيسه عمر محمد الطيب حيث كان مدير مكتبه ومأمور بأمره لفترة وذلك عندما أصدر ذاك الكتاب الذي اشترك في تأليفه مع محمد عبدالعزيز الذي كان مديرا ناجحا لأمن الأقليم الجنوبي في جوبا لسنوات قبل أن ينقل مديرا لأمن الخرطوم، والتطرق لسيرة الفاتح عروة ضابط مخابرات وقنصلا للسودان في روسيا وغيرها لا يمكن شطب انجازاته مقابل موقف او حدث أو حتى أقواله في محاكمة عمر محمد الطيب وكذلك الفاتح عروة الصحفي الخلوق لا يمكن وصمه بصفة التخابر لجهات أجنبية أو التواصل مع جهاز المخابرات السوداني، فجهاز الأمن في أذهان كثير من السودانيين مهما علت مكانتهم العلمية وثقافتهم ما هو إلا مخابرات صلاح نصر وزوار الفجر في الأدبيات المصرية بل من طرائف الأمور أن هذا الإنطباع أو الفكرة عن الجهاز جعلت عدد من الدهاء يستفيدون منها ويسبغون على انفسهم صفة "أمنجي" ويحققون بها المكاسب، وقد عاصرت أحد ضباط المخابرات من أبناء حينا من الذين التحقوا بجهاز الأمن بعد تخرجهم من الجامعة ولم يمر باي كلية عسكرية بل تم تدريبهم عسكريا تدريبا خاصا ومكثفا ووجيزا ومكث فترة بالعاصمة ونقل بعدها إلى سفارة السودان في لندن وكان هناك من ابناء الحي أيضا شاب آخر يعمل في احدى الوزارات الحكومية وبعد فترة ألحق بقسم استحدث وقتها في كل الوزارات يعنى بأمن المنشآت ويتم تدريبهم على ذلك من قبل الجهاز ولكنهم لا ينتسبون للجهاز بل لوزاراتهم المدنية، أشاع هذا الأخير وظيفته الجديدة وسط ناس الحي وأحاط نفسه بهالتها وكونه من ناس الأمن وأن فلانا ذاك ليس من ضباط الأمن ولم يسبق له أن ألتقى به في الجهاز الذي يعرف ناسه فردا فردا، حتى بتنا نحن نشكك في حقيقة هوية ضابط المخابرات المذكور ونعتقد صادقين أن هذا الأخير حقيقي وأن الآخر منتحل لولا الصلة الشخصية الوثيقة، وهكذا، ولو أن الناس أحاطوا بخلفيات وخفايا عمليات ترحيل الفلاشا وقرار النميري الموافقة عليها لبطل العجب، ولما جعلوها وصمة انجاز في سجل عدد من ضباط المخابرات السودانية الذين كان لهم دور في تنفيذها "دور عبد المأمور" ، ولا شك أن سلوك الضابط عبدالله عبدالقيوم الذي أكبرناه جميعا وجيرناه له شهامة وشجاعة فردية كان منافيا لدوره كضابط في جهاز أمن ومخابرات يخضع لقانون الجهاز كما كان دليلا على أن الكفاءة والمهنية في الجهاز في تلك الفترة كانت شأنا فرديا يندرج تحت عنوان "تطوير الذات" من خلال التثقيف الذاتي أكثر منه سياسة للجهاز تتولاها إدارة التدريب للإرتقاء بمستوى افراده كافة في مجالات الأمن والمخابرات إذ اقتصر ذلك على فئات دون فئات وعم الجميع وربما جلهم وليس كلهم تثقيف نمطي أو عادي في علوم الأمن والمخابرات ومن المفارقات أن الجهاز في الفترة التي زامنت هرمه لإنشغال قيادته عنه بامتيازات المناصب ترك المجال لشطحات البعض في اختلاق أدوار أو أهميات لبعض صغار الضباط أن يقوموا بتأليب منسوبي الجهاز من الرتب الأقل ضد الجهاز نفسه عندما درج ضابط أو ضابطان في السنتين الأخيرتين من عمر الجهاز على الأمر بإسم الضبط والربط أو غيره بإغلاق الأبواب عند ساعة الإنصراف وخروج باصات الترحيل وفرض إدارة داخلية على الرتب الأقل من ضباط الصف والجنود المتحفزين والمتشوقين للعودة إلى منازلهم وأسرهم وكان معظمهم أصحاب عائلات وأعمارهم كأعمار أباء ذاك الضابط، المهم، إن موقف عبدالله عبدالقيوم أو حادثته كانت مؤشر مهم عن تردي المهنية والتأهيل والتدريب في كوادر الجهاز، وطبعا أن موقف عبدالله عبدالقيوم الذي يقاس بمستوى رتبته ما كان له أن يحدث لو أنه كان في رتبة أعلى من رتبته تلك حيث كان ذلك سيتيح له كوابح من اتخاذ الموقف بإعتبار أن النتائج التي ستنجم عنه ستضيره على المستوى الشخصي، بالإضافة إلى أنه لو كان في رتبة أعلى ربما سيتيح له ذلك ولو من باب الإطلاع العام والعلم بالشيء أن يلم بالبراغماتية التي انتهجها النميري في قبوله لعمليات تهريب الفلاشا عبر السودان مقابل وقف الدعم اللوجستي الإسرائيلي لحركة التمرد في جنوب السودان ومن عجب أن يقرا المرء تلك الحلقتين على خلفية سماع فيديو (كفاية مزاح) لوليم اندريا وانتقاد السنهوري لعملية خضر الحسن ودفاعه دفاع تحت يافطة مكارم الأخلاق عن القذافي ويتسأل من قتل وليم اندريا "المرتزقة" أم ناس التمشيط؟ التعريف بدور الجهاز والمنعطفات التي مر بها والقيادات التي غادرت قطاره في المحطات التي سبقت أو تزامنت مع جمع عمر محمد الطيب بين منصبي رئيس الجهاز والنائب الأول لرئيس الجمهورية وأثر ذلك في حل الجهاز بعد الإنتفاضة في خطل بين لا يأتي من رجل رشيد. أن يكتب ضابط مخابرات مذكراته أن يتوقع القارئ سرداً مهنيا لا تلميعا لذاته إلا في إطار انجازاته وفي استعراض معلوماته لا تشويها لإنجازات الآخرين وفي نفس الوقت لا تجميلا لقبح معروف، فقد ورد في أحد الحلقتين السابقتين ذكر لضابط اسمه الشيخ لم يكلف الكاتب نفسه في تعريف أي شيخ من الشيوخ هذا الشيخ، وذهب بعض المعلقين إلى الإشارة إلى شيخ بعينه وقرنوا اسمه بحادثة وصفوها بأنها أخلاقية، وهي حادثة جنائية معروفة لمجتمع الخرطوم، حيث كان هذا الشيخ يقود سيارته في أحد شوارع الخرطوم في ليلة من الليالي ولوح إليه أحد المارة (ياعم) ليأخذه في طريقه ثم بعد هنيهة اعتدي هذا الشخص على الضابط وقاومه الأخير واشهر مسدسه وفتح الشخص باب السيارة وولى هاربا وكان يمكن أن ينتهي الأمر ها هنا ولكن انساق الضابط وراء غضبه وطارد الشخص عدواً داخل أزقة تلك المنطقة ولما لم يلحق به أطلق عليه النار وأرداه قتيلا، ولقد شفع لهذا الضابط سجله وهو من ضباط الضبط والربط في الخروج القانوني من تلك الحادثة وقد سبق لهذا الضابط أن انتدب في مهمة لتدريب منسوبي مخابرات احدى الدول الخليجية قائدا لمجموعة من ضباط الجهاز حيث قاموا بالمهمة على خير وجه واستفادوا بدلاتيا وحوافزيا إلا أن الطمع داخل بعضهم ولم يترفعوا عن بعض الطلبات المادية الشخصية التي عدها هذا الضابط اهدارا لماء الوجه واشانة لسمعة الجهاز فعوقبوا فيما بعد بالطرد من الجهاز. نرجو أن تأتي المذكرات بما ينفع ويفيد القارئ والباحث لا أن تكون "أم لسان ست جاراتها" ونرجو أن تكون خميرة لمداخلات تزيل الغموض وتصحح المغلوط وتؤرخ.