تحركات دولية لإنقاذ التراث الإنساني في سوريا

المركز العربي الإقليمي للتراب العالمي بالبحرين بدأ العمل في سوريا لإنقاذ المواقع الأثرية من الدمار

بدأ المركز العربي الإقليمي للتراث العالمي في البحرين عمله في سوريا، وذلك في ظل تزايد المخاوف بشأن مستقبل الآثار السورية والمواقع التاريخية التي تضررت جراء الصراع الدائر بين نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة المسلحة.

ويهدف المركز الذي يعمل تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” ويتخذ من العاصمة البحرينية المنامة مقرا له، لإلقاء الضوء على المخاطر المحيطة بالآثار والتراث الذي تتمتع به المنطقة المشتعلة والتي تتصدر فيها الحرب عناوين الأخبار.

وأطلق المركز الذي أنشأته وزارة الثقافة والفنون في دولة البحرين موقعا باللغة العربية يتحدث عن التاريخ العالمي الذي تحتضنه المنطقة، كما يقوم بتدريب المتخصصين الجدد في مجال تسجيل وقيد الآثار، وأطلق برنامجا تعليميا طموحا لإقناع الجميع بأن فقدان التراث لا يمكن أبدا تعويضه.

ويجري المركز اتصالات يومية تقريبا مع عاملين في سوريا، ويقول منير بشناقي المدير الجزائري للمركز :”الأوضاع الأمنية الحالية تجعل من المستحيل زيارة العديد من المناطق الأثرية في سوريا، لذلك فإنه منذ بداية العام الحالي 2013 استطاع المركز ترتيب اتصال عبر الإنترنت مع خبراء آثريين سوريين في المناطق الست التابعة لمنظمة اليونسكو داخل سوريا، وبالتعاون مع وكالات دولية أيضا.”

وأوضح بشناقي أن الهدف هو جعل خبراء الآثار السوريين لا يشعرون بأنهم في عزلة ، ويتم التواصل معهم باستمرار من البحرين.

ويتزايد قلق الخبراء حول مستقبل المواقع الآثرية في سوريا، نظرا لوجودها في مناطق الصراع المسلح، واستخدام أطراف الصراع لها كمواقع عسكرية استراتيجية، وهو ما يعرضها للقصف والدمار.

واستقبل المركز مؤخرا مدير المتاحف والآثار في العاصمة السورية دمشق وجرت مناقشات حول المواقع الآثرية الست في سوريا والتي وضعتها اليونسكو على قائمة الآثار العالمية المعرضة للخطر والمهددة بالإختفاء.

ولا تمتلك اليونسكو الإطار القانوني الذي يمكنها من التدخل لحماية هذه الآثار والحد من المخاطر التي تحيط بها، ولا تستطيع على سبيل المثال فرض منطقة حظر طيران فوقها أو نشر قوات دولية لتأمينها.
إبادة جماعية
سوريا

لكن كان هناك مطالبات بالتحرك القضائي ضد من يعتدي على الآثار، ومحاكمة من يتم إدانتهم بارتكاب جرائم ضد المواقع التراثية.

وقال الصحفي والمذيع التليفزيوني اللبناني على الزين :” إن العقوبة يجب أن تتناسب مع الجريمة، ومن يتسبب في تدمير التراث الثقافي الإنساني يجب أن يعاقب بتهمة الإبادة الجماعية، لكن في الوقت الحاضر لا يحاسب هؤلاء الذين يدمرون الآثار والتراث.”

وأكدت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونسكو على أن المنظمة الدولية مصممة على استخدام خبراءها وشبكاتها المتعددة لمساعدة الشعب السوري على الحفاظ على تراثها الثقافي الإستثنائي.

وقالت بوكوفا :”حماية التراث لا ينفصل عن حماية المواطنين، لأن التراث يعبر عن قيمة الشعب وهويته.”

لكن بشناقي حذر من أن تلك التغيرات لحماية التراث ستستغرق وقتا طويلا، وأوضح أن الوصول إلى هذا الإطار القانوني يصبح أقرب كل عام، لكنه لم يطبق بعد حتى الآن.

وقال :”يجب في تلك المرحلة أن نحصل على دعم السكان المحليين لحماية التراث الثقافي والطبيعي، لأن دورهم مهم في معركتنا لوقف تدميرها.”
زبيد اليمنية

لكن على أرض الواقع لا يتسبب الصراع المسلح وحده في كل الدمار الذي يحدث، ففي العاصمة اليمنية القديمة زبيد تمثل المباني غير القانونية التي يتم تشييدها في المدينة خطرا على أعلى المساجد التاريخية الموجودة في اليمن.

ووفقا لما قاله كمال بيطار مسؤول البعثة الحالية التي تعمل في اليمن، فإن المبادرة الحالية تهدف لجذب اهتمام المنظمات الأخرى التي توقفت عن تقديم الدعم لليمن تحت وطأة الإضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد منذ ثلاثة أعوام.

وقال “إنها دعوة لاستنفار مؤسسات الحكومة المركزية والإقليمية والمحلية التي تدرك أن هناك حاجة ملحة لتدخلها.”

وتكتسب حماية التراث والآثار أهمية كبيرة، واستحدثت تخصصات جديدة في الجامعات لتخريج المزيد من المتخصصين في هذا المجال.

وتدعم البحرين برنامج التراث العالمي البحري لتحديد المواقع الجديدة المحتملة في مياه الخليج والدول العربية الأخرى، وتم بالفعل إدراج مواقع استخراج اللؤلؤ في مياه الخليج من بين المواقع الأثرية.

وكشف كيشور ريو مدير مركز اليونسكو للتراث العالمي أن إدراج مدينة الحجر النبطية السعودية (والتي تشبه تماما البتراء الأردنية)، ومدينة الدرعية التي كانت عاصمة السعودية في القرن الخامس عشر، يظهر الإلتزام القوي بحماية التراث.
سوريا
بي بي سي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..