اقتصاد وأعمالالأخبار

مدخل لدراسة قبيلة روفيك (دميك): الحياة الاجتماعيَّة والثقافيَّة والدينيَّة

يصدر للدكتور قندول إبراهيم قندول كتاب بعنوان “مدخل لدراسة قبيلة روفيك “دميك”: الحياة الاجتماعيَّة والثقافيَّة والدينيَّة، جبال النُّوبة ? السُّودان”، مطابع (إم. بي. جي) لندن.
يحتوي الكتاب على 444 صفحة من الحجم المتوسط، وهو مزاوجة علوم المعرفة الإنسانيَّة التي تربط العلاقات بين أفراد مجتمع دميك وأنماط سلوكهم بمفهوم نظم القرابة وعلاقات الإنتاج وأدواته والاقتصاد الداعم لحياتهم. وكما يتضمن الكتاب الأطر المتعلقة بالنظم العقائديَّة والأفكار والمعتقدات الجوانيَّة من الموروث الشعبي والفنون والقانون وغيرها. فالتأليف عبارة عن محاولة متواضعة وموضوعيَّة للتوثيق عن القبيلة؛ إذ عمد المؤلف على اتباع المنهج الوصفي لهذه النظم داخل القبيلة ومقارنتها مع القبائل النُّوباويَّة المجاورة ولشرح أوجه التقارب بينها وعلاقاتها واستجلاء الحقائق الظاهرة والخاصة بها. لم يقف الكتاب عند طرح أنماط هذه النشاطات، بل تعرَّض للتغيُّرات التي طرأت عليها وتأثيراتها الإيجابيَّة على مجتمع دميك رأسيَّاً وأفقيَّاً. فالتأثير الرأسي يكون بالإضافة أو التعديل الإيجابي في ثقافتهم من أجل التكيُّف مع الواقع. أما الأفقي، فهو مزاوجة الثقافات التي تسير في اتجاهين أو أكثر? بدلاً من اتجاه واحد- بحيث تتلاقى هذه الثقافات لتغذي كل منها الأخرى، وبالتالي توسع القاعدة الثقافيَّة للمجتمع. أما التأثير السلبي فهو الاضطراب الثقافي والاجتماعي الذي طرأ على تفرُّد هذه الأنماط عبر التاريخ الطويل.
على أساس هذه المقاربة يجد القارىء الكريم في هذا البحث خمسة فصول: يتناول الفصل الأول الجغرافيا من حيث الموارد الطبيعيَّة (الأرض والمياه والغابات والثروة الحيوانيَّة والحيوانات البريَّة وتوزيعها إلخ…)، والموقع الجغرافي الإستراتيجي للمنطقة لأهمية الطرق التي تمر بها خاصة الطريق الموازي للخط القومي الناقل للبترول. كذلك يقدِّم الفصل شرحاً للمدلول اللُّغوي لاسم “دميك” ومصدره، وأصل القبيلة الذي تكتنفه عدة روايات. أيضاً يتطرَّق الكتاب إلى علاقة دميك بالقبائل النُّوباويَّة عامة وبصفة خاصة العلاقة بينها وبين مجموعة “كاقولو” التي تتحدث مجموعة كادقلي?كرونقو اللُّغويَّة. أما الفصل الثاني فيشرح النظام القرابي الذي يتميَّز بأنَّه أبويّاً ? أموميَّاً، والذي يتَّبع تصنيفاً بسيطاً لوصف الأقارب المباشرين أو غير المباشرين كالأصهار من الطرفين. إضافة إلى ذلك يلقي الفصل الضوء على العناصر المكوِّنة للأسرة وفعاليتها في النشاط الاجتماعي بكل جوانبه الماديَّة والروحيَّة أو العقائديَّة التي تعبِّر عن قدسيَّة القرابة بين أفراد القبيلة. من الناحية الأخرى، يركِّز الفصل الثالث على مسألة الأراضي الزراعيَّة والنشاط الاقتصادي المعيشي لقبيلة دميك. كما يقدِّم هذا الفصل جملة من المقترحات للتسوية وعملية استصلاح الأراضي والإصلاح الزراعي من أجل التنميَّة الزراعيَّة الشاملة للنهوض بالاقتصاد المحلي لأهالي المنطقة.
وبما أنَّ المعتقدات الدينيَّة تمثِّل وجهاً أساسيَّاً من وجوه الثقافة التي تحكم العلاقات الاجتماعيَّة بين أفراد المجتمع بضبط سلوكهم وأخلاقياتهم وأدوات الضبط الاجتماعيَّة وآليات تطبيقها، يتحدث الفصل الرابع عن مؤسسة الكجور والأفكار المتقدِّمة للقبيلة عن إيمانهم بوجود الله ووحدانيته رغم تباين اسمه من قبيلة إلى أخرى إذ يسمونه بلغتهم “مِسل” وأنَّ روح الإله متجسَّدة في الكجور. كذلك يقدِّم الفصل بإيجاز شديد نماذج مختارة لأهم الفنون والرقصات الشعبيَّة ذات الخصوصية في قبيلة دميك مثل رقصة الكونج أو “السوريك”، ورقصة السويبة و”أرنيه”. بالإضافة إلى هذه الموروثات فقد أعطى الكتاب صوراً من النشاطات الرياضيَّة كالسباق أو “تافوتيه”؛ وشبه الرياضيَّة كالصيد والطقوس والقواعد الاجتماعيَّة ولوائح الضبط الخاصة بها التي تعكس روح الإخاء والتكافل الاجتماعي بين أفراد القبيلة. وكما يلقي هذا الفصل الأضواء على “فرقة دميك للتراث والفنون الشعبيَّة” (ضمن الفرق الشعبيَّة النُّوباويَّة المتعدِّدة) التي تأسست من أجل المحافظة على التراث بهدف تعزيز الثقافة السُّودانيَّة الأفريقيَّة التي تميِّزه وتمنحه الاستثنائيَّة في محيطه الإقليمي، والمحلي حيث تمده بالقوة بفضل تنوُّعه العرقي والإثني والديني كضرورة للاستمراريَّة التاريخيَّة.
أما الفصل الخامس والأخير فيناقش التأثير الحضاري والثقافي، وما تبع ذلك من التغيُّرات التي طرأت على العناصر الرئيسة في الحياة، مثل التفاعلات والتعاليم الإسلاميَّة في إحداث التغيير الديني وأثره على حياة الأهالي الثقافيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة، والخدمات التعليميَّة والصحيَّة. يختم الكاتب الكتاب بضرورة قيام المختصين في التاريخ وعلم الآثار والأجناس مستقبلاً بدراسات علميَّة تفصيليَّة، ليس فقط عن هذه القبيلة، بل القبائل النُّوباويَّة المتجاورة لشرح التقارب العضوي-الحيوي بينها بصورة أكثر دقة باستخدام الاستكشافات التطبيقيَّة الحديثة في مجالي الحمض النووي (البصمة الوراثيَّة)، والنظائر المشعِّة لتتبع حركة النَّاس بتقدير عمر المواد العضويَّة القديمة في الحقبة الزمنيَّة المعينة.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..