يا قدلة في مطرة” من الذي غيّب الوردة.. وبساتين أخرى؟

الخرطوم – محمد غلامابي

هل ينبغي علينا الخضوع لسلطة )أغاني وأغاني( البرنامج الرمضاني الشهير في اختياراته؟

يفرّق الفيلسوف الفرنسي فولتير بين اكتشاف المجال الجديد والاستيعاب الكامل لهذا المجال، فهل كشف لنا البرنامج عن مجالات جديدة في الغناء؟ دعك من الاستيعاب كامله ومجزوئه؟ هل يسمح العقل أو العقول التي تصنع البرنامج مشاركتها الآراء، أم أنها تمضي “لا تبالي بالرياح”؟

البحث عن إجابة

على أي حال أنا هنا أبحث عن إجابات حتى يتسنى لنا الاقتراب من أصل الحياة في تجريبنا المستمر، ولو كنا فقط نجرب لأجل التجريب، فلن نصل مطلقاً، بل نكون قد صنعنا صومعتنا الخاصة، وقيودنا التي لا نراها أبداً.

دعونا نقرر ابتداءً حقيقة بدهية هنا، وهي أن فضاء قناة النيل الأزرق يصل لكل بقاع السودان وخارجه، ثم أن مادة البرنامج الرئيسة التي هي (الغناء) صممت تحت تأثير ثقافي أحادي، يخرج حسين الصادق ليدخل أخيه أحمد، تخرج نسرين هندي لتدخل رماز ميرغني، وهكذا لا أثر لأدروب وكوكو، وجون، ومحمد صالح، وكأن صناع البرنامج قد حسموا هوية الغناء السوداني في هذا الشريط النيلي الضيّق، هذا رغم أننا نصدع ليل نهار بتنوع هذا البلد، ثم نمارس هذا الإقصاء المتعمد.

بساتين يانعة

أدعو صناع البرنامج (أغاني وأغاني) الإفادة من هذا الفضاء الجديد والمتجدد أعني (فضاء التنوع) بدلاً عن هذا الدوران المستمر مع هذه الساقية النيلية، ولا أطلب كفولتير استيعاب كامل هذا الفضاء، لكنني أدعو بكل الثقة أن يكون ذلك هو الهدف الرئيس لهذا البرنامج.

من بين البساتين السودانية اليانعة والمتنوعة أفتقد – ومثلي كثيرون – الوردة المتفتحة الفنانة (نانسي عجاج)، ومثلما شكلت مشاركة الفنان الراحل المقيم محمود عبد العزيز الإضافة الحقيقية لبرنامج (أغاني وأغاني) في العام 2010م، نعتقد أن مشاركة نانسي تحمل ذات تيمات النجاح المتوقع، فمحمود اعتمد على قاعدته الجماهيربة العريضة، وموهبته الفطرية في تقديم أغنياته أو أغنيات الغير، ولا ينقص نانسي الجماهيرية والموهبة، بل وتتفوق نانسي بثقافتها العالية ووعيها وإدراكها العميق برسالية الفن.

أنظر وتأمل:

أنظرها تغني لقاسم أبوزيد:

ضحكة شمس شرقت*** إتنفست وردة

خضّر قلب ناشف*** الليل شرد شردة

ياللسة في الخاطر*** يابسمة الفاطر

ياشمس ياقمرة

يا رجعة المسروق

يا بفرة ياتمرة

يا جمة المريوق

يا قدلة في مطرة

يا حالي يا غالي لمن يغيب نطرا

يا بكرة يا أمسي تظهر كما الشمس

وتتنفس الوردة..

أو أسمعها تتساءل مع يحيى فضل الله:

مين رفيقك غير شجن وأشواق

ولوعة وشحنة الحزن البصيبك

مين رفيقك؟

انت عارف سر عشيقك

كلما اتخمر عتيقك

مين رفيقك؟

ياخي سيبك من سليبك

ومن سريقك .. ياخي سيبك

وابقى فتش عن طريقك

يمكن الأحزان تسيبك

أو تأملها تتمنى أي وطن مع طارق الأمين:

تقدل طفلة حلوة و بين إيديها كتابا

والحبوبة تمسح بالحنين أثوابا

والقمرية تصدح تستريح دبابة

والقطر القبيل يمشي و يشق الغابة

البالمبو يفتح للقلوب أبوابا

والنُقارة زي أم كيكي والربابة

لم هذا الغياب؟

كيف يغيب عنا مثل هذا الغناء الجميل في رمضان لنجلس مجبرين مع الأسرة والأصدقاء نستمع لأنصاف الفنانين والفنانات؟ غير أن العزاء أن النوافذ مشرعة لسماعها وسماع البساتين المتنوعة للغناء السوداني، وتبقى الحقيقة الساطعة والقوية أن (فاقد الشيء لا يعطيه)، فمن يفتقد مؤهلات الإبداع لن يفرض نفسه أو يفرضه الآخرون مبدعاً على الواقع مهما وجد من مساحات ومنافذ ومجاملات، لأن الزبد يذهب جفاء… ويبقى فقط ما ينفع الناس

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. افتقد ومثلي كثيرون ( الوردة المفتحة نانسي) بالله !
    طيب قاعد تتفلسف وتلف وتدور مالك ؟ ما تقول عايز نانسي!
    شابكنا التنوع وتاثير ثقافي آحادي وشريط نيلي والفيلسوف فولتير وادروب وجون ! يعني الوردة المفتحة بتاعتك دي بتمثل كل هذه القيم والمعاني والثقافات في اغانيها ! في حين انو جميع اغنيات الحقيبة والتراث واغاني الرواد وجيل السبعينات ومطلع التمنينات عجزت عن التعبير عن ارثنا وتنوعنا الفني والثقافي والحل يكمن في وردتك المفتحة !!
    وليه تجلس مجب وتستمع والفضاء متسع والريموت في ايدك !
    انت بتغازل الوردة ولو صحي وردة (مفتحة) ح تعرف انك كسار تلج يا غلامابي

  2. المستمعين السودانيين ناس حنان شديد
    مدمنين علي كل ماهو،،،قديم حتي لو،،، في جديد
    ماعندهم إستعداد لسماعه ممكن بعد مائة عام الأجيال الجديده ممكن
    تسمع.

  3. ما عندك موضوع شنو دخل الاغانى بموضوع ناس شريط النيل و الان كل شباب السودان لا يهتمون بغير الاغانى او انك عايز تعمل ليك اسم و موضوع من مافى بالاشارة الى من يغنى و من اين اتى و لماذا لا يشارك جون و كوكو ، اهتم و فكر كيف انك يمكن ان تساهم فى تخليص البلد من هذا الكابوس الذى جثم اكثر من ربع قرن على رقاب الناس هذا هو الاهم و بعدها يحق لك ان تغنى و تبحث عنمن يغنى.

  4. مقالك كان بكون عندو معنى لو ما حشرت موضوع شريط النيل كمان تناقضك واضح لما جبت محمود ونانسي كأنهم ديل ما جايين من شريط النيل ثم ما اهي التلفزيونات بتعرض على شاشاتا كل من يصلا بالجميل سواء رقص شعبي او غنا يعني كان لازم تحشر تصنيفك المحبط دا بالاضافة لذلك البغنو ديل بغنو بكلمات شعرا من كسلا وكردفان ودارفور والشماليه كان داير اسميهم ليك عشان ترفع جهلك مافي مانع واذا قاصد الغنا باللهجات المحلية برضو عندهم فرص مش كدا وبس انا سمعت فنانين يغنو بلغات تشاد واثيوبيا كان ما عجبك المهم جودة العمل الفني يا شاطر الفن والادب ديل ما بتقدر تقسمم زي السلطة والثروة لانو المهم فيهو الابداع والجودة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..