(ورجقة) في حضرة الوطن مع غياب مائدة مستديرة أو برلمان

أسامة ضى النعيم
(ورجقة) الطفل في محاولته تعلم الكلام ، عامية سودانية انصرفت أيضا علي كلام الكبار غير المنطقي أوغير المعقول ، هو نوع ما تتحفنا به بعض القنوات العربية ، تستدرج (الخبراء الاستراتيجيين) من السودان حيث يتكاثرون ، تجد فيهم متنفسا (للورجقة) ، يفكون رقبة مقدمي البرامج عوضا عن تقديم المعضلات الحيوية المزمنة في بلاد الخليج ، معضلة شعب البدون الذين يعيشون في الكويت وقطر من الاف السنين ، مشاكل الجزر المتنازع عليها مع ايران ، مع استضافة (الاستراتيجيون) من السودان لنشر الغسيل تجد القنوات المهتمة متنفسا بديلا ، يكفيها شر عقوبات لا شك واقعة ان هي (هوبت) ناحية مأساة النازحين في الداخل اليمني أو السوري ، ربما لا يقف الامر عند عقوبة تمتد لخمسة عشر عاما كما في حالة الاعلامي أحمد طه.
(ورجقة) بنكهة سودانية لها تأريخ ، يمتد الحديث فيها الي حجرات فندق سمير أميس بالقاهرة في العام 1952م ، أفاض الصاغ صلاح سالم في مذكراته وتعرض لمحاولات ادماج الاحزاب التي كانت تؤيد الوحدة مع مصر، يحدثك في مذكراته عن أيام تطول لحل الخلافات بين الازهري ومحمد نور الدين وخضر حمد وخضر عمر ويحي الفضلي ، أيام وساعات و(الورجقة السودانية) تراوح مكانها.
ثم (ورجقة) بعد ثورة أكتوبر 1964م ، اختيار الاستاذ/ سر الختم الخليفة لرئاسة الوزارة لم يكن سهلا ، تلتها (ورجقة) حل الحزب الشيوعي من داخل البرلمان ، كانت الخطوة دعوة لانقلاب مايو1969م وحاضنته اليسارية ، ذروة غياب حضور الوطن في السلطة التي أعقبت ثورة ابريل1985م ، مهدت تلك المناكفات لتعطيل حل مشكلة جنوب السودان ، مهدت لحركة الاخوان المسلمين لتنتشر داخل الجيش ويطوف زعيم المعارضة علي عثمان محمد طه علي قيادات الجيش ، يمهد لحركة انقلاب الانقاذ في 1989م ، تغيب الحلول لمشاكل الوطن عند زعيم المعارضة ويحضره فقط كيفية الاستيلاء علي السلطة عبر ( ورجقة).
ها هي تطل برأسها وتتسيد المشهد ، الحرية والتغيير تنشطر الي حويصلات ، تتقاذف وتتطاير الاتهامات بالخيانة والعمالة ، بعضها يصل الي بيع المقاتلين والمحصولات الزراعية والثروة الحيوانية والذهب الي دول بعينها ، غلة البيع تنزع الوطنية لتحل محلها (ورجقة) تسعي من خلال القنوات الفضائية العربية التبرير للسرقات ونهب مقدرات السودان وقتل الثوار، العذر نكاية في 4 طويلة التي حكمت خلال الفترة الانتقالية ، (ورجقة) تبرر في عبثية تمديد معاناة شعب السودان وإفشال ثورته.
(ورجقة) تظللها غياب منصة وحيدة يتخاطب عبرها الجميع كانت المائدة المستديرة لحل مشكلة جنوب السودان في العام 1964م هي نعم المائدة ، توصلت الاطراف الي حلول كانت مصلحة الوطن فيها عالية ومقدرة ، قبلها كان برلمان 1953-1955م ركنا شديدا غلبت فيه الروح الوطنية وأصبح السودان للسودانيين هو شعار الجميع وتنادوا لوطن واحد سودان حر مستقل.
الحصة وطن والحضور في حضن السودان، نحتاج الي منصة تضم الجميع داخل السودان وليس عبر القنوات العربية ، (ورجقة) تبدأ ثم نعلم بعضنا بعضا حسن التخاطب فيما بيننا ، نترك جانبا التقاذف بغليظ العبارات وسئ الاتهامات الحرص علي مقدرات ومصادر قوة السودان من مقاتلين أشداء الي ذهب وإنتاج زراعي وحيواني ، نفارق (الورجقة) عبر القنوات العربية لنترك لأهلها مساحة للنقاش في سبل ايقاف الحروب العربية العربية في اليمن وسوريا ولبنان وفض اعتصامات العراق وإسقاط العقوبات المصرية علي أحمد طه وفك أسر من هم في السجون المصرية من مراسلين وصحفيين . لنا (ورجقتنا) وهم أيضا لهم (ورجقة ) تحتاج الي خبراء استراتيجيين من بينهم لا من السودان حيث يتوفر المعروض من البضاعة المزجاة التي تقل فيها الحصافة والكياسة بين خبراء الاستراتيجية .
في الختام ، لا بد من اجترار قول ردده كثيرا الزعيم محمد أحمد المحجوب – عليه رحمة الله ،(الديمقراطية لا تأتي الا بمزيد من الديمقراطية)، منصتها قاعة البرلمان أومائدة مستديرة تبسط ليتحلق حولها الجميع للاتفاق حول كيف يُحكم السودان.