تالكثير من العقبات القطاع الزراعي بكسلا.. غرس يفتقد إلى الرعاية

رئيس اتحاد مزارعي القاش: لابد من الاهتمام الاتحادي
رئيس اتحاد الخضر والفاكهة: نتعرَّض لخسائر فادحة
كسلا: صديق رمضان
يبدو واقع ولاية كسلا متناقضا ومثيرا للتعجب والدهشة، فهي تحتل المركز الثاني في قائمة الولايات الاكثر اصابة بالدرن الناتج من سوء التغذية، وفي ذات الوقت فانها ورغم الفقر الذي يتبدى جليا في معظم مناطقها تتمتع بامكانيات زراعية ضخمة كان يفترض بحسابات المنطق والاقتصاد ان تضع سكان الولاية في المرتبة الاولى افريقيا وعربيا من حيث ارتفاع الدخل الشخصي، بيد ان الواقع يقول بخلاف ذلك والسبب يبدو واضحا ويتمثل في وجود الكثير من العقبات والمتاريس التي تحد من الاستفادة الكاملة من مميزات الولاية الزراعية المتمثلة في التربة الخصبة التي تعتبر الثانية من حيث الخصوبة بعد دلتا نهر المسببي بامريكا، بالاضافة الى التنوع المناخي وخبرة المزارعين، وهنا يبرز السؤال لماذا تشكو كسلا الفقر وفي ذات الوقت تمتلك امكانيات زراعية ضخمة.
احتياجات مؤقتة
قبل الاجابة على التساؤل المرطوح انفا، قلبنا ارواق الموسم الزراعي الصيفي هذا العام مع وزارة الزراعة التي تبدو من ناحية وضع الخطط والبرامج والدراسات على درجة عالية من التميز ولكن على ارض الواقع فان الوضع يختلف، ربما لان جهات كثيرة يتوزع دم تردي القطاع الزراعي عليها، عموما فان المدخلات التي يحتاجها الموسم الزراعي بكسلا بقطاعي الحلول المتكاملة والمطري في توفير التقاوي المحسنة للذرة، السمسم والتي تتجاوز الاربعين الف طن، علاوة على توفير احد عشر الف جوال من سماد اليوريا، و6500 لتر من مبيد القاردبريم، اما المعفرات فتبلغ الحاجة الفعلية اكثر من عشرين طنا.
وقود وآليات
ويعتبر الجازولين من اهم المدخلات وتم تقدير الحاجة الفعلية بعدد واحد واربعين الف برميل، اما على صعيد الاليات الزراعية فانها تتنوع بين الزراعة الهوائية واربعمائية جرار و200 دسك وخمسحاصدات وثلاثين حازمة سمسم، والمساحة المستهدف بكل القطاعات تبلغ 500 فدان، منها ثمانون الف فقط بمشروع القاش، و250 الف بمشروع حلفا، و14700 بمشروع كلهوت، و12 بقطاع التروس التقليدية و15 الف بالقطاع البستاني، واوضحت وزارة الزراعة مكافحتها لآفة العندت في مساحة تتجاوز الثلاثين الف هكتار بنسبة تنفيذ بلغت 61%، وكشفت عن اصابة 275 الف شجرة بهذه الافة وبلغت نسبة المكافحة 98%، فيما بلغت نسبة مكافحة افة الفار 92%، وفيما يتعلق بمشروع القاش فقد بدأت التحضيرات مبكرة وتحديدا في شهر مارس بتوفير عدد تسعة حفارات وثلاثة دوزر حيث بلغت جملة الحفريات 79280 متر طولي حيث تمت ازالة الاطماء من الترع الرئيسية.
تمويل
فيما يتعلق بالتمويل المصرفي المطلوب للموسم الزراعي 2017،2018 فقد بلغ مائة وخمسة ملايين جنيه، حيث تم تحديد ستين مليوان للقطاع شبه الالي، واربعة ملايين جنيه للبرنامج القومي للحلول المتكاملة، وعشرين للقطاع البستاني ومثلها للري الفيضي وخمسمائة الف لقطاع التروس التقليدية ومليون جنيه لمشروع كهلوت الزراعي.
أهداف
وتهدف وزارة الزراعة بكسلا الى تنفيذ عدد من البرامج في مختلف القطاعات الزراعية وعلى رأسها البستاني حيث تستهدف انتاج 28000 شتلة ورزاعة خمسة عشر الف فدان بمحصول البصل، كما تهدف الوزارة الى محاربة شجرة المسكيت من خلال برنامج الازالة حيث تم التعاقد مع شركة سمنار لنظافة 750 فدان بمسقي 11، وكذلك برنامج الغذاء العالمي لنظافة الف فدان في التروس المطرية التقليدية، علما بان العون الايطالى اسهم في نظافة 2800 فدان.
تخطيط مبكر
فيما يتعلق بمشروع سيتيت واعالى نهر عطبرة فقد تم تكوين اللجان المتخصصة لدراسة الجوانب الفنية والهندسية، الزراعية والاجتماعية وعملها الان في مرحلة الدراسة والتقييم، وتم اعداد الخارطة النهائية للمشروع الذي تبلغ مساحته مليون وستمائة الف فدان، وحسب الخارطة التي تم اعدادها من قبل وزارة الزراعة ان يتم استغلال مليون فدان من السعودية في اطار التعاون العربي المشترك، بالاضافة الى توزيع 360 فدان حواشات للمواطنين و240 الف فدان استثمار لمحاصيل الصادر بالاضافة الى الغابات والمراعي.
شفافية واعتراف
وزارة الزراعة بكسلا مثلما اوضحت ما يحتاجه الموسم الزارعي وما تبذله من اجل ترقية القطاع الزراعي بالولاية الا انه كشفت عن وجود الكثير من المعوقات التي اسهمت في عدم الاستفادة من الامكانيات الزراعية الضخمة التي تتميز بها الولاية، ومارست الوزارة شفافية واضحة حينما اشارت الى ان المشاكل والمعوقات التي تواجه القطاع الزراعي بصفة عامة بكسلا تتمثل في تأخر وصول مدخلات الانتاج في البرنامج القومي للحلول المتكاملة، وعدم التزام بعض المزارعين بتطبيق الحزم التقنية بطريقة متكاملة في القطاع شبه الالى، بالاضافة الى عدم توفر الايدي العاملة الكافية في فترة الحصاد وهذا بدوره ادى الى ارتفاع تكلفة الحصاد، ونوهت الوزارة الى ان من المشاكل التي تواجه المزارعين انخفاض اسعار المحاصيل خاصة الذرة عند الحصاد رغم ارتفاع تكلفة الحصاد والخيش، ولفتت الى عدم توفر مواعين تخزينية كافية رغم وفرة الانتاج، علاوة على دخول بعض الافات مثل العندت والجراد من اريتريا الى السودان خلال الموسم الزراعي، وتدني وانخفاض المياه الجوفيه وانحسارها في اجزاء كبيرة من الحوض الجوفي وتأثير هذا على القطاع البستاني وتنوه الى بروز مؤشرات الجفاف لهذا العام استنادا على كميات هطول الامطار، واخيرا تذبذب التمويل.
أكبر الهواجس
وكسلا التي تتمتع باحد اكبر المشاريع الزراعية بالبلاد وهو القاش فانها ايضا لم تستفد منه، وتشير الوزارة الى ابرز مشاكله تتمثل في تأخر التمويل من قبل الحكومة الاتحادية وتواضع المبلغ المرصود والبالغ اثنين مليون جنيه، بالاضافة الى انتشار شجرة المسكيت التي تغطي 350 الف فدان، وضعف رسوم الارض والماء البالغة خمسين جنيها للفدان، وتري وزارة الزراعة على لسان مديرها العام ان تطور الزراعة في الولاية يتوقف على عدد من المقترحات ابرزها الاعتماد المبكر للخطة التأشيرية وتحديد مدخلات الانتاج وتوفيرها في وقت مناسب لبرنامج الحلول المتكاملة، علاوة على تفعيل خدمات الارشاد الزراعي المتكاملة في القطاع المطري وتشجيع القطاع الخاص، ويمضي في مقترحات وزارته لافتا الى اهمية ادخال الحصاد الالى الكامل لمحصول الذرة واستعمال مثبطات النمو عند حصاد السمس لمنع الحت، علاوة على تحسين وفتح الصادر ومراجعة سعر التركيز للمحاصيل الزراعية، ويعتقد بضرورة اجراء ابحاث لمكافحة الدودة الافريقية بالمبيد في مرحلة اللبنة، ومطالبا بزيادة سقف المبالغ المصدقة لمشروع القاش وتقديم التمويل في الوقت المناسب.
اهتمام اتحادي
يعتقد رئيس اتحاد مزارعي مشروع القاش الناظر سيد محمد الامين ترك ان كسلا ولاية زراعية تتمتع بامكانيات عالية، مبينا ان كل جزء منها يمتاز بخصائص تساعده على انتاج محاصيل متنوعة، ويلفت الى ان جنوب الولاية يتصف بنسبة الامطار العالية التي تهطل عليه سنويا، وقال ان هذا ساعد المنطقة في انتاج المحاصيل الصيفية التي تعتمد بشكل مباشر على الامطار وابرزها السمسم والذرة، ويشير الى ان غرب الولاية ايضا تمتاز بمعدلات امطار جيدة بالاضافة الى وجود مشروع حلفا الزراعي، اما بالمحليات الشمالية فيؤكد الناظر ترك ان مشروع القاش الزراعي الذي يتمتع بتربة هي الاخصب في العالم بعد اراضي دلتا المسسببي بامريكا يعتبر من اكثر مناطق السودان انتاجا، غير ان ترك يرى بان انتشار اشجار المسكيت اسهم في تقليص الرقعة الزراعية الى ثمانين الف فدان فقط من جملة مايربو على الاربعمائية الف فدان، ويرى ان مشاكل هذا المشروع كثيرة ولايجاد حلول لها _ والحديث لترك _ لابد من عقد مؤتمر بمشاركة كل الجهات حتى تتمكن من تشخيص واقعه بعلمية وتبحث امكانية معالجة المشاكل، ويؤكد على ضرورة تبعية المشروع الى الحكومة الاتحادية مباشرة بوصفه مشروعا قوميا، ويعتقد ان الفائدة التي تعود من الاشراف الاتحادي توفير كافة الامكانيات التي تسهم في اقالة عثرته، ويشدد ترك على ضرورة العمل على تفجير كنوز كسلا المتمثلة في الزراعة بايجاد حلول لكافة مشاكلها.
القطاع البستاني والمعاناة
ذات المشاكل التي تواجه الزراعة الالية والمطرية بكسلا فانها موجودة في القطاع البستاني الذي تعتبر كسلا من اكثر الولايات تفردا وتميزا فيها لامتلاكها الكثير من المميزات غير المتوفرة في ولايات البلاد الاخرى، وهنا يشير رئيس اتحاد منتجي الخضر والفاكهة بالولاية محمد عثمان كرم الله الى ابرز مميزات القطاع البستاني في كسلا تتمثل في الاراضي الخصبة التي تتجدد تربتها سنويا بفضل فيضان القاش، وقال ل(الصيحة) ان هذه الميزة منحت القطاع البستاني امكانية الانتاج الوفير وقال: في كل ولايات السودان بل حتى في الدول الخارجية الزراعية فان شجرة الموالح تثمر في العام مرة واحدة ولكن في كسلا يصل انتاجها من الثمار الى ثلاث مرات في العام وكذا الحال بالنسبة للخضروات، وهذا يعود بشكل مباشر الى تمتع الولاية بكل المناخات الاستوائية والصحراوية والبحر الابيض المتوسط؟
عقبات ومتاريس
غير ان كرم الله ورغم كل هذه المميزات التي ذكرها يبدو حزينا من واقع القطاع البستاني في كسلا الذي يؤكد ان البلاد لم تستفد من امكانياته الضخمة بسبب التسويق والتصنيع واردف: التسويق يمثل هاجسا يؤرق مضاجع المنتجين ويعرضهم لخسائر ضخمة لانخفاض الاسعار في مواسم الانتاج، وهذع العقبة وحتى يتغلبوا عليها اتجهوا الى الزراعة في غير موسم الانتاج المعروفة للخضر والفاكهة ولكن هذه تؤثر في الانتاج الذي لايأتي مثلما يحدث في فترات الزراعية الطبيعية ولكن ليس امام المنتج حلا غير ان يفعل ذلك، ويشير كرم الله ان اكبر المشاكل التي تواجه القطاع البستاني في كسلا تتمثل في عدم وجود الاوعية التخزينية الباردة والجافة بالاضافة الى توقف الصناعة التحويلية، ويؤكد بان المخرج الحقيقي لهذه القضية يتمثل في تمويل القطاع الصناعي وتخفيف القيود عليه حتى يعود مثلما كان قاطرة تقود القطاع الزراعي وتوفر للمستهلك السلع، وبالتالى توفر على البلاد عملات حرة مقدرة.
أمنيات ومطالب
ويعتقد منتجون ان تطور الزراعة في ولاية كسلا يتوقف ايضا على اهمية ادخال محاصيل نقدية بمشروع القاش الزراعي ويؤكدون ان حدوث هذا يسهم ايجابا في تغيير واقع المواطنين وارتفاع دخلهم المالي ،وتشكيله لقيمة مضافة للاقتصاد الوطني، الا انهم يرهنو ن نجاح هذه الاستراتيجية بازالة ونظافة المساحة التي يحتلها شجر المسكيت ليس لتأثيرها على الزراعة وحسب بل لانعكاستها السالبة على المياه الجوفية، وتظل المياه الجوفية مثار اهتمام الكثير من المنتجين في كسلا الذين يؤكدون ان نضوب ابار عدد من البساتين او صعوبة الحصول عليها من اعماق قريبة ازمة حقيقية تستوجب اجراء دراسة عميقة وشاملة وان الحل في ذلك بحسب وزارة الزراعة ان تتم التغذية الصناعية للحوض الجوفي للقاش.
الصيحة.



