غلوتية السكر

من الاحاجي السودانية )حجوة أم ضبيبينة(، هذه الأحجية الشهيرة معروفة العنوان مجهولة النص والمتن للكثيرين، ربما قليلٌ فقط هم من يعرفون تفاصيل الحكاية التي لا يختلف العارفون بها والجاهلون لها على أنها بلا نهاية وليست مثل كثير من الاحاجي الشعبية التي تنتهي بالخاتمة الكلاسيكية التقليدية )وعاشوا في تبات ونبات وخلّفوا صبيان وبنات)، ولهذا درج السودانيون على نعت كل ما هو لولبي وزئبقي وحلزوني لا يعرفون له رأساً من قعر بأنه مثل (حجوة أم ضبيبينة) التي لا تنتهي . وحكاية هذا البلد مع السكر مثل حجوة أم ضبيبينة لا يعرف لها نهاية، ففي كل عام من هذا الوقت مع التهيؤ لاستقبال رمضان تتكرر ذات الحدوتة والفزورة والغلوتية، تبدأ أسعار السكر في الارتفاع مع التمهيد لذلك بخلق درجة من الندرة، استمر هذا الحال يحدث برتابة وترتيب ممل لعدد من السنوات المتتالية، ومع كل حالة عند كل سنة تسمع ذات التبريرات المتوالية، ويأتي العام الجديد ولا جديد وغلوتية السكر هي هي، وهذا بالضبط ما يحدث الآن حين حان الأوان ليبلغ سعر الجوال بحسب خبر الغراء (الجريدة) الاول من أمس (540) جنيها بدلا عن (530) تسليم كوستي، ويصعد من (540) جنيها الى (550) تسليم الخرطوم ، وعززت أمس الغراء (الوطن) خبر الزيادة ، والعدد في الليمون، حيث لا يدري أحد كم سيكون غداً ما دام سعره يصعد بمزاج من يصعد به ويهبط بارادته وبتكييفه وعلى (كيفو) أيضاً، وكالعادة تبدأ تصريحات كل الاطراف ذات الصلة بالسلعة في التصاعد والكل ينكر (الشينة) ويتبرأ منها ويبقى المستهلك هو الوحيد الضائع بين صعود الاسعار وتصاعد التصريحات?
لقد قلنا من قبل ونكرر اليوم أن التحرير لا يعني أن (تدور الاسعار على حِلّ شعرها) أو أن (تنحل) الاسواق من كل ضابط أو رابط فـ (تعير) كما شاءت ليضع كل صاحب سلعة السعر الذي يروق له بلا منطق أو مبرر و(الما عاجبو يقع البحر)، صحيح أن الدولة في أزمنة التحرير لا تمارس التسعير، ولكن الأصح أن ذلك ليس سبباً يجعلها تُخلي الاسواق للمضاربين والمحتكرين لدرجة تغريهم بانشاء أسواق داخلها (للمواسير) كما رأينا في عدد من المدن، فعلى الدولة واجب الترتيب والتنظيم ومحاربة الاحتكار وما إليها من أنشطة طفيلية لا يقرها دين ولا أي شرعة دنيوية وحسبي هنا أن أشير فقط لما قاله بحسم رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم لاعضاء غرفة بلاده التجارية حين اجتمع بهم ذات مرة مستنكراً عليهم زيادات الاسعار غير المبررة (لقد رخينا لكم الحبل لتثوبوا إلى رشدكم وتراجعوا أنفسكم وتعودوا إلى معدلات معقولة من الارباح لكنكم تماديتم في غيكم والهبتم ظهور المواطنين بسياط الغلاء وهذا ما لن نسمح به من الآن فصاعداً) ثم أمهل الغرفة أسبوعاً لتوفيق أوضاع الاسعار قبل أن تتدخل الدولة بقرار حاسم..
الصحافة
هناك فرق بين (رجل الدولة) وكراع الدولة!
هناك فرق بين (رجل الدولة) وكراع الدولة!