مقالات سياسية

سقوط البرهان بالدليل العلمي 

 يوسف السندي 
 قامت ماريا ستيفن وإريكا تشينويث بدراسة المئات من الاحتجاجات الشعبية حول العالم في الفترة من عام 1900 حتى عام 2006، وخلصت دراستهما إلى أن فرص نجاح الحراكات الشعبية السلمية في تحقيق اهدافها أعلى من فرص نجاح الاحتجاجات غير السلمية بمقدار الضعف ، وأن مشاركة ٣.٥% من السكان بصورة فعالة في الاحتجاجات السلمية تضمن حصول تغيير سياسي حقيقي لا محالة.
ذكرت الدراسة سببين لهذا النجاح هما : الاول : التزام مجموعات المقاومة بالطرق اللاعنفية يعزز من شرعيتها محلياً ودولياً ويشجع على مشاركة أوسع نطاقا في المقاومة ، الأمر الذي يترجم إلى زيادة في الضغط على الهدف (الأنظمة الحاكمة) ، الاعتراف بالمظالم التي تتعرض لها المجموعات المقاومة يمكن أن يُترجم إلى دعم داخلي وخارجي أكبر لتلك المجموعات وإبعاد النظام المستهدف تماماً ؛ مما يؤدي إلى تقويض مصادر القوة الرئيسية عند الأنظمة الحاكمة سواء كانت سياسيةً أو اقتصاديةً أوعسكريةً .
الثاني : في الوقت الذي تستطيع فيه الحكومات أن تبرر بسهولة بالغة الهجمات المضادة العنيفة التي تقوم بها ضد المقاومة المسلحة ، فإن العنف الذي تمارسه تلك الأنظمة ضد حركات المقاومة السلمية غالباَ ما يؤدي إلى نتائج عكسية ضد هذه الحكومات .
تطبيق هذه الدراسة على واقعنا السياسي السوداني يثبت صحتها تماما ،  فالشعب السوداني قاد ثلاث ثورات شعبية شاركت فيها نسبة مقدرة من السكان بصورة فعالة ، الأولى ضد عبود في عام ١٩٦٤ والثانية ضد نميري في عام ١٩٨٥ والثالثة ضد البشير في ديسمبر عام ٢٠١٨ وجميعها استطاعت إزاحة الطغاة ، صحيح مازالت ثورة ديسمبر تواجه طاغية جديد هو البرهان ، إلا أن منطق التاريخ ونتائج الدراسة اعلاه تثبت ان الاحتجاجات الفعالة الراهنة سوف تؤدي بلا شك إلى إسقاط الطاغية البرهان.
من جهة اخرى جميع الثورات غير السلمية في بلادنا فشلت فشلا ذريعا في تحقيق اهدافها،  ثورة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق بعد أكثر من ربع قرن من الحروب لم تحقق سودان ديمقراطي وقادت في نهاية الأمر إلى انفصال الجنوب. الحركات المسلحة في شرق السودان وفي دارفور وجبال النوبة حاربت الانقاذ لسنوات عددا ولم تحقق سوى اتفاقيات سلام باهتة وتسويات سياسية بلا قيمة لم تحدث أي تغيير حقيقي على مستوى بنية سلطة المخلوع، بينما استطاعت الاحتجاجات السلمية عبر ثورة ديسمبر أن تطيح بالبشير في أقل من خمسة شهور.
اثبات اخر  لصحة هذه الدراسة في المنطقة العربية حيث نشهد أن تحول الثورة السورية السلمية إلى ثورة مسلحة جعلها عاجزة عن الاطاحة ببشار الأسد حتى اليوم، ونفس الحال ينطبق على الثورة الليبية ، التي اطاحت بالقذافي بالسلاح ولكنها دخلت في دوامة حرب مازالت تداعياتها تلون الافق السياسي الليبي بالقتامة حتى في ظل الحراك الحالي نحو الانتخابات.
بينما الحراك السلمي في تونس نجح في الاطاحة بالرئيس بني علي ، واطاح الحراك السلمي في مصر بحسني مبارك ، صحيح هناك ردة في مصر إلى العسكرية، وهناك اختطاف راهن لثورة تونس بواسطة الرئيس قيس سعيد وازمة دستورية ، إلا أن الحقيقة التاريخية تثبت ان الحراك السلمي في هذين البلدين اطاحا بالطغاة ، مما يعزز مصداقية الدراسة اعلاه.
الخلاصة ، أن الأدلة البحثية العلمية تثبت ان الجماهير السودانية المنتشرة الان بصورة فعالة في الاحتجاجات ضد البرهان والتي تفوق نسبة ٣.٥% من السكان بمراحل ، ومتمسكة بالسلمية رغم القمع ، ستنجح لا محالة في اسقاط انقلاب البرهان.

‫5 تعليقات

  1. انا متابع للصحفيين والكتاب في الراكوبة وفي بعض الكتاب كنت غاسل منهم ايدي ومن ضمنهم يوسف السندي واسماعيل عبدالله وعمنا الباشمندس ما اذكر اسمه طالما هؤلاء وقفوا ضد الانقلاب وبصورة صارمة وقوية وبوضوح تام هذا معناه العقلية السودانية تغير ليوم الدين والردة مستحيلة ومافي ردة بتحصل ليها حاضنة في البلد دي غير المرتزقة والانتهازية واعداء الشعب

  2. ما اغفلته الدراسه انه متى سيتم الإسقاط ونرتاح من هذه البهدله وهل بعد الإسقاط ستنتعش البلاد ويتحسن الاقتصاد ام سنكرر ماحدث في الثلاثه سنين الاخيره..

      1. يا “Rebel”،

        المعلق “Mohd” صوت نشاز و غير موضوعى و غير عقلانى، و يحمل بين جانبيه حقد شديد على الثورة و الثوار مثله مثل أى كوز نَكِد، فلا تعيره إلتفاتاً.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..