مشاكلنا الاجتماعية(2)

٭ مع طلب القارئة بأن الملم أصداء مشكلة الزواج فجر السيد الصادق المهدي المشكلة ووضعها في حجمها الطبيعي مع المشكل الاساسي وهو المشكل السياسي.. فالحياة لا تقبل التجزئة فما يدور في السياسات تطول اسقاطاته كل نواحي الحياة وهذا يجعلنا نقدم على مناقشة مشاكلنا الاجتماعية في اطار الاصلاح العام.
٭ ومع ذلك اواصل في مناقشة الأمر كما طلبت مني القارئة وارجو منها ان تطلع على خطبة الصادق كاملة.
٭ في مسألة الزواج حاولت ان استدعي كل مخزون معلومات في هذه الدائرة.. في بحث قرأته قبل أعوام طويلة عن احدى قبائل الانقسنا والزواج عند هذه القبيلة يتم عن طريق البدل.. اتزوج اختك وتتزوج اختي.. تظل الحياة بين الاسرتين مرتبطة بلا أدنى أسس من العدل إن حدث شجار في احدى الاسرتين وذهبت الزوجة إلى بيت أهلها تذهب اخت الزوج تلقائياً إلى بيت أهلها أيضاً.
٭ ومن المفارقات المذهلة والطريفة هى انه اذا حدث ان هربت احدى الزوجتين مع أخر يذهب زوج الهاربة ويأتي باخته إلى ان ينظر في قضية الهاربة وان ظهرت ترجع إلى زوجها كأن شيئاً لم يكن ويحاكم الذي هربت معه بغرامة طفيفة وبعدها يتباهى بأن زوجته مرغوب فيها وإلا ما هربت.
٭ واستمر في إستدعاء مفهوم هذه المؤسسة عند بعض القبائل فمثلاً في الجنوب، سلطان قبيلة الباريا لا يعرف عدد زوجاته.. وأخر يتزوج من خمس وعشرين امرأة في وقت واحد.
٭ وفي كتاب ذكريات بابو نمر للدكتور فرانسيس دينق ذكر ان والده السلطان دينق سلطان الدينكا نقوك بلغ عدد زوجاته مائه وعشرين زوجة منها ويدخل بها إلى الغابة وبعد العثور عليهما تتم مراسم الزواج بعد ذلك.. هذا يحدث في السودان وغيره كثير وكثير.
٭ دار في ذهني وأنا اذكر ثورة القارئة العزيزة وخطبة السيد الصادق المهدي واتساءل أي مشكلة للزواج تريد ان نناقشها أهى طريقة الاختيار؟ ام الزواج الجماعي؟ ام العادات والتقاليد التي تصاحب مراسم الزواج.. ام ماذا؟
٭ ولكنني ارتأيت طرق هذه المسألة من زاوية مفهوم تلك المؤسسة الاجتماعية المهمة التي نطلق عليها اسم الاسرة.
٭ وفي البداية فليسمح لي كل الذين يعتقدون ان المشاكل الاقتصادية التي تجابه الشباب هى وحدها التي تقف أمامهم عقبة كأداة في طريقهم.. لكنها ليست المشكلة الوحيدة ولا الخطيرة فالمشاكل التي تكمن في هذا الجانب وحده وإنما في جوانب كثيرة أو بعبارة أخرى المسألة تتلخص في العمل على إيجاد مفهوم جديد لعلاقة الرجل بالمرأة في السودان ومفهوم جديد للاسرة والتساؤلات كثيرة.
٭ لماذا يتزوج الناس؟
كيفية الاختيار؟
ما معنى الاسرة ودورها في المجتمع؟
٭ للاجابة على هذه التساؤلات يجب ان نضع الحقيقة الآتية وهى ان العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع السوداني بشكل عمومي تقوم على مثلث دعائمه مكانة المرأة الدونية باعتبار انها انثى خلقت لامتاع الرجل وخدمته وثانياً جهل كل من الجنسين بالآخر مما يفرغ الاختلاط وعلاقات الزمالة والمودة من كل معنى انساني إلا فيما ندر والثالث اعتمادية المرأة اقتصادياً على الرجل.. وكل ضلع من هذا المثلث يجر خلفه أطناناً من المشاكل المتعددة.
اواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة