موكب 14 مارس.. الإطارات تشعل الشوارع وسحب الدخان تظلل سماء الخرطوم

*عضو اللجنة الفنية المشتركة لتوحيد المواثيق: تسيير الموكب جاء في إطار توطيد دور النقابات الحاسم في تحقيق أهداف الثورة!!
*عضو لجان مقاومة أمبدة: لجان التغيير والخدمات حلت لتحل محلها لجنة خماسية!!
عضو لجان العباسية: قرار الحل غير قانوني!!
رفعت ثورة ديسمبر المجيدة شعار “السلطة سلطة شعب” وهو ما يعني إشراك الشعب في صناعة القرار واداراته التنفيذية والرقابية على أداء أجهزة الدولة لذلك نجد أن تعريف لجان المقاومة بأنها درع للمواطن لم يأت من فراغ ولكن عقب انقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر للعام 2021م، اصدرت السلطات الانقلابية قراراً قضى بحل اللجان التسييرية للنقابات، مما فسره البعض بأنه يشمل لجان التغيير والخدمات بالأحياء، واتضح ذلك جلياً حيث قامت الإدارات التنفيذية بالمحليات بتغيير وتعيين لجان خدمات في الاحياء من الموالين للانقلاب ، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لتمكين ضعاف النفوس ومعدومي الضمير لممارسة الفساد المالي والاداري في المحليات الادارية، وانعكس ذلك تماماً على الأداء التنفيذي لينفرط العقد الاداري وتعم الفوضى ليضاف حمل جديد على المواطن المغلوب على أمره انه يعيش في وضع اللادولة منذ اليوم الأول للانقلاب.
ووفقاً لهذه التداعيات وبعد نقطة الضوء التي شعت بتكوين نقابة الصحفيين واللجنة التسييرية لنقابة الأطباء رفعت المقاومة في موكبها أمس شعار “الثورة… نقابة، ولجنة حي” داعية تجمع المهنيين إلى توسيع الاصطفاف بالشروع في تنظيم كل النقابات بالقطاعات الفئوية المختلفة.
رصد الجريدة – فدوى خزرجي
تلبية لدعوة تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم الى الخروج في مليونية بشعار “الثورة نقابة ولجنة حي” متجهة صوب القصر، شهدت المدن الثلاثة “الخرطوم، بحري، أم درمان” تظاهرات ووفق الموجهات العامـة للمقاومة حيث رفع الثوار الأعلام الوطنية وأعلام اللجان والتنسيقيات واللافتات المعبرة عن المطالب الثورية، وانطلق الموكب الرئيس من (الاستاد، جاكسون، شروني) وعلت فيه الهتافات المنددة بالانقلاب، والمطالبة بالصحة وتعليم المجاني، كما تم حرق الإطارات، وكعادة القوات الانقلابية أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريغ الموكب، وحول شعار الموكب استطلعت “الجريدة” عدد من قيادات لجان المقاومة بالخرطوم وخرجت بالحصيلة التالية .
توطيد دور النقابات
توضيحاً لشعار ” “الثورة نقابة ولجنة حي” الذي حملته مليونية 14 مارس أوضح عضو اللجنة الفنية المشتركة لتوحيد المواثيق لتأسيس سلطة الشعب، تاج الدين اسحق في تصريح لـ”الجريدة” بأن تسيير الموكب جاء في إطار توطيد دور النقابات الحاسمة في الثورة وتحقيق أهدافها، وقال : اذا نظرنا لسياسات حكومة الانقلاب نجد أن كافة القرارات التي تصدرها تستهدف بها النقابات المهنية والعمالية، ودلل على ظهور ذلك بشكل جلي في موازنة العام 2023م ، لافتاً الى أن الموازنة خصصت لوزارة الدفاع والشرطة ميزانية “الدفاع والامن” بنسبة تفوق الـ 80 % ولم تخصص اي مبلغ للتنمية، وأضاف: من هنا نجد أن سياسات الحكومة تصب في العمل على إفقار القطاعات المهنية والعمالية ، لذلك الموكب يستهدف التضامن مع القطاعات العريضة “الثورة نقابة ولجنة حي ” ، ونوه الى أن هذا الشعار يجسد مكان النقابات في تحقيق أهداف الثورة .
وذكر بأن الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب مبني على هذا الشعار، وخصص مقاعد للنقابات الفئوية المنتخبة في المجلس التشريعي الثوري، وبعث في ذات الوقت برسالة اجلال وثناء للأطباء ودورهم الجاد في تأسيس نقابتهم، وناشد النقابات الفئوية الأخرى المتمثلة في “النقل النهري، السكة حديد، الموانئ البحرية، الخدمة المدنية، والمزارعين، والحرفيين وغيرها”، التأسيس لنقاباتهم الفئوية، كما ناشد المهنيين “المعلمين، المهندسين الزراعيين” أن يخطو خطوة الأطباء في تكوين نقاباتهم، ونوه في ذات الوقت بأن شرعية النقابات من الجمعيات العمومية وليس من المسجل العام أو مؤسسة حكومية أخرى، وبرر ذلك لجهة أنها هي التي تجيز القوانين واللوائح الداخلية لها .
اشراك مكونات المجتمع المدني
إن هتاف ” الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب” لم يأت من فراغ بل المقصود منه إشراك مكونات المجتمع في صناعة القرار والادارة التنفيذية، لذلك كان لابد لثورة ديسمبر المجيدة ان تؤطر لذلك بحرصها على تكوين المجلس التشريعي منذ البداية لوضع قوانين خلاف قوانين المؤتمر الوطني التي ظلت تحكمنا الى يومنا هذا، مع أنها وضعت لتخدم أجندات الحركة الاسلامية وطوعت لذلك وكانت في السابق تخدم فئة بعينها توجه لها الخدمات، ابتدر عضو لجان مقاومة الخرطوم حمد عبد الرحمن حديثه لـ”الجريدة”.
وأضاف: على الرغم من أن دور النقابات يعتبر الأساس لحل القضايا المطلبية في خدمة القطاعات إلا أن حزب المؤتمر الوطني المحلول كان حريصاً على استخدامها كذراع رادع للمواطن المغلوب على أمره والذي اختار الانضمام لنقابة تمثله حتى تناضل من أجله ومن أجل حقوقه، إلا أن حرصهم على زراعة منسوبيه في هذه النقابات كان لضمان عدم الاحتجاجات والمطالبات التي قد تصل حد الاضراب والخروج للشارع، قطعاً أن النظام البائد كان يتحاشى ذلك حيث كان مرتعاً لكوادر الأمن الشعبي وأغلب التقارير التي ترفع لجهاز أمنهم والسيف المسلط على رقاب المواطن التي كانت ترفع من قبل النقابات ضد كل من ينشط في الدفاع عن حقوقه ومطالب زملائه، وأردف: لذلك كانت الاستماتة من قبلهم عدم احداث أي تغيير على النقابات مستغلين قانون وضعته أيديهم ويعلمون ثغراته تماماً، فبعد ثورة ديسمبر المجيدة كان جل صراخهم وعويلهم في عدم المساس بالأجسام النقابية .
الفشل في ايقاف الحركة النقابية
واجهت نقابة الصحفيين السودانيين العديد من الصعوبات والمتاريس في مراحل تكوينها ابتداءا من إتحاد الصحفيين المجمد بأمر قرار لجنة ازالة التمكين القاضي بحل الاتحادات، ابتدر عضو لجان مقاومة العباسية فضل حجب اسمه حديثه لـ”الجريدة” بالتحديات التي واجهتها نقابة الصحفيين، الا أنه استدرك قائلاً: لكن السادة اعضاء الاتحاد لجأوا لاتحاد الصحفيين العرب والتباكي لأجل حقوق الصحفيين السودانيين دون تمييز بين مهام الاتحاد ومهام النقابة بغض النظر عن قرار ايقافه ولا يتعارض مع النقابة حتى وان كان مفعلا، مضيفا: بعد ان فشل في إيقاف الحركة النقابية جاء مسجل عام تنظيمات العمل يقف سدا أمام تسجيل الصحفيين ونقابتهم التي تمثلهم ورفض اعتماد جمعيتهم العمومية وعضويتها و نظامهم الاساسي وتحجج بقانون النقابات حتى يقطع الطريق أمام تكوين اي من النقابات الاخرى سواء نقابة الاطباء والمهندسين والمعلمين وجميع الفئات الساعية لتكوين اجسام نقابية، وتابع : اهمية هذه النقابات تكمن في انها جعلت سلطة الانقلاب تستهدفها منذ لحظة وقوعه حيث أصدرت أول القرارات الانقلابية بحلها، ثم اصدرت المحكمة العليا قرارها بإلغاء قرار الحل، وتساءل هل كان قرار حلها الاول قانونيا ام انه فقط لاعادة لجان النظام السابق ؟
دون اي مسوغ قانوني
وحول القرار الذي اصدرته السلطة الانقلابية الذي قضى بحل اللجان التسييرية، قلل عضو لجان مقاومة أمبدة محمد بخيت من ذلك القرار، واعتبر أن السلطة الانقلابية اصدرت هذا القرار بغرض بصورة مقصودة ليسري على لجان التغيير والخدمات بالأحياء لتحل محلها لجان خماسية دون اي مسوغ قانوني لها سوى امر الطوارئ، فضلا عن أنها كانت تمني نفسها بان تتولى الامر تأييداً للانقلاب فمنهم من كانت له دوافعه سياسية ومنهم من تدفعه مصالحه الشخصية، ألا أنه استدرك: لكن اتفقوا جميعا على عدائهم للثورة وقد سعوا لهزيمة الشارع الرافض للانقلاب حتى جاءتهم الطامة الكبرى من الوزيرة بثينة دينار بقرار إعادة لجان التغيير والخدمات لعملها وعدم التصرف فيها حتى قيام مؤتمر الحكم المحلي ولكن بالرغم من قرار إعادة هذه اللجان الا انه قد هادن بعضها الانقلاب وبعضهم من فسر المهنية في غير موضعها فيما تغلغل كوادر النظام البائد داخلها في فترة الانقلاب، وزاد: على الرغم من أن قانون الحكم المحلي واضحا في كيفية تكوينها وحدد الاشتراطات التي يجب توفرها للمرشحين لهذه اللجان وأبرزها أن لا يكونوا من المنتمين للنظام البائد، أو شاركوا اللجان الشعبية، وان تشرف الحرية والتغيير على تكوينها، وان يعتمدها المدير التنفيذي بالرغم من كل ذلك ضرب بهذه الاشتراطات عرض الحائط وتم تعيين لجنة من الموالين.
احترام حرية التنظيم النقابي
ومن جهته أكد رئيس المفوضية القومية لحقوق الانسان د.رفعت الأمين ميرغني، في تصريح لـ”الجريدة” أن المفوضية بوصفها مؤسسة وطنية معنية بحقوق الإنسان ، تحث السلطات المختصة دائما باحترام حرية التنظيم النقابي، انطلاقا من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبخاصة المادة 8 منه، والمعاهدات الدولية والاقليمية الأخرى التي دخلت الدولة طرفا فيها ، وبخاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية، ورأى بأنه ليس هنالك ما يبرر العوائق التي تواجه النقابات فيما يتعلق بعملية تسجيلها، لجهة ان الطريق نحو التنمية المستدامة يبدأ من احترام حقوق الإنسان ، ويتعزز باحترام حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والانضمام اليها، فضلا عن حرية أنشطتها.
ودعا السلطات المختصة بأن تتخذ تدابير سريعة لمعالجة تلك العوائق وأن تشجع العمل النقابي والمدني الذين لا غنى عنهما في اي مجتمع ينشد التحول الديمقراطي وسيادة حكم القانون.
الجريدة