أفشوا الجمال بينكم..!

في الآونة الأخيرة من عمر هذا الشعب العريق الأصيل، كثرت الالام لما تكالبت الدنيا عليه و كشرت عن أنيابها و غرزت رماحها في قلب الجمال والقيم النبيلة.
نخر أرض العزة الإحباط، جدبت الحقول فماتت سنابل الفرح و نما على صدر الناس الوجع.
بعيداً عن الحكومات و أفعال السياسة المخزية، تغاضياً عن الموت المشتت في الأصقاع، الجوع، الخوف و المرض، ففي عهد ليس ببعيد، كنا نباهي الكون بقلوبنا ناصعة البياض وبأفعالنا الطيبة. كنا نحتضن القمر في ليالٍ ساكنة لا يزين سماواتها أي مظهرٍ من مظاهر الترف أو الشاشات الالكترونية، لكنا كنا سعداء بالحب، جمال الروح و طيب النفوس.
كان الأمن و الاطمئنان عنوان البيت السوداني، الخلق العالي سيرته الذاتية و الفضيلة ارفع الدرجات الإجتماعية.
حتى الآداب و الفنون كانت عالماً بديعاً و راقياً جداً و الفعل السامي رسولنا بين العالمين.
لزمان قريب جداً كان العيب مقصلة لفاعله و القاضي قيم الأخلاق النبيلة.
أما الآن فقد فتحت الأبواب على العوالم الثانية. نعم قد ملك الناس مالم يملك اباؤهم من اسباب النعيم و الحضارة و التكنولوجيا -و إن تباينت الأوضاع- لكنهم في مقابل ذلك قد أُفرغوا من الجمال الباطني و ملامح الحس النبيل.
تفشى القبح فلم نعد سعداء.
الكل يشكو رمادية الألوان، ضبابية القيم. الكل ينعي سيم الجمال الروحي و الفضيلة. انقلبت الموازين و بات الانحطاط علامة الزمن و طابع الحياة فهل بعد عصر الانحطاط نهضة؟؟
أعلم أننا لن نصنع المعجزات باستنكارنا و تزمرنا و تباكينا على عهدٍ جميل، و لكن لعلنا نستعيد نضار أيامنا و عافية الزمن اذا تبنينا مبدأ “إفشاء الجمال” كأقوى سلاح لمحاربة القبح.
لن يحارب القبح مقاتل أشرس من الجمال الأصيل بكافة أشكاله، إنعكاساته و أبعاده الباطنية.
لن يدحر التدني في الخلق، الكلمة، الفعل، الذوق الا روح نبيلة قابعة داخل كل فرد منا تبحث عن الحب، الخير، و الوطن الدافئ الجميل.
الظواهر السيئة تحارب بالفعل الحسن و الظواهر النبيلة.
إن ارسلوا لك تسجيلاً مليئاً بالبذاءة أرسل لهم تسجيلاً نابضاً بالحب، الخير و الجمال.
ان جاهروا لك بالوقاحة، اشهر في وجوههم حسن الخلق و أرميهم بزهور كعباد الشمس اينما دار الضياء تدور.
إن اسمعوك غناءاً تافهاً اسمعهم فناً عظيماً راقياً علك تغسل ما علق باذانهم من شوائبٍ و دنس، فالموسيقى والفنون الراقية تغذى الروح و تفعل فعل السحر و المستحيل.
إن واجهوك بالقبح، بالزيف و الموازين المختلة، ازرع لهم حقلاً من الجمال الأصيل و انصب لهم موازين الذوق الرفيع و علمهم كيف تُحْصَد النضارة.
لا تصفقوا للجمال الزائف، و تمجدوا الحديد الصدئ و فتافيت النحاس المتساقط بفعل الهشاشة.
لاتنكأوا القبيح و تكثروا في تداوله و تسلِّموا رؤوسكم لقبضة المعاني الهشة و القيم الزائفة هي لن توصل هذه الأمة العظيمة الا للحضيض؛ حضيض الأخلاق، حضيض الثقافة، حضيض الفن و حضيض الحضارة.
دعونا نواجه الإعصار. نحارب القبح بالجمال. نؤمن بأوطاننا، ننير شرايين أطفالنا بما تبقى من الضياء. نغتسل بالنيل و نصلي في قباب الصالحين علنا نبطل لعنة الشر المتمدد في العوالم الجديدة.
نراهن على بقايا الجمال المشتت في بعض القلوب، ونسقي نبتة الضوء في صدر كل انسان.
نعلنها ثورة للجمال الحقيقي باشكاله المختلفة وحلقات السلسلة متصلة ببعضها البعض. الالتزام الشخصي قادر على عرقلة السيل المنحدر باتجاهنا. تداول الفنون الراقية فيما بيننا يهذب الروح و يجمل الإحساس. تبادل الحكايات النبيلة وتاريخ الخير يقوم السلوك و ينبه الذات على المعنى القويم.
كل منا بمجهود ذاتي مع نفسه ثم من حوله قادر على دحر هذا القبح. و معاً نحقق نهضة يستحقها هذا الوطن العزيز.

و اخيراً:
لن يهزم الظلام الا النور و لن يطفئ القبح الا الجمال و لن يستقيم اعوجاج الزمن الا باستقامة الميزان والحفاظ على ذاكرة نبيلة للوطن.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. (.هي لن توصل هذه الأمة العظيمة الا للحضيض؛ حضيض الأخلاق، حضيض الثقافة، حضيض الفن و حضيض الحضارة.)و هى لسا ما وصلت فحضيض الاخلاق اصبح الناس تسرق و تعتبره كسب مشروع و النظام يكذب و حضيض الثقافة اين هى اين دار الكتاب و الادباء اين المكتبات القديمة اين المنتديات الادبية فى دار الاساتذة و نادى ناصر و غيرهم و حضيض الفن اين امثال الصلحى اين هاشم صديق اين معهد الموسيقى و طلابه النابغيين لم يبقى فى الساحة الا اسيا مدنى و انصاف مدنى و اشباههم من الرجال حليل رمضان حسن و لا اقول وردى او ابوعركى لانهم لن يتكرروا اما الحضارة فهى تاريخ ينفض منه الغبار متى ما عرفه من يقيمه اما المدنية فكانت عندنا قبل عام 78 عندما كانت لنا سكة حديد و طيران و بواخر و جيوش تهابها الناس اختاه لا نريد 50 عام لنعود الى عام 85 اقرائي الراكوبة فيتجدى اخبار ازدياد الامية التى لا تأتى بثقافة و لا فن ولا مدنية… …. (نصلي في قباب الصالحين) اختاه لم يعد هنا صالحين الا شيخ الامين و سيدى الحسن واحد طالع على الكفر او الكرة و دخل البزنس من اوسخ ابوابه و الاخر ولج السياسة فقالوا عنه نواب الغفلة ببركاته سوف ينقذ السودان وهو وعد بالاصلاح فى181 يوم و اظنها قاربتعلى الانهاء لم نعد نثق حتى فى خواجتكم فاحيانا يشجبون جنوب افريقيا بعدم القاء القبض على الرئيس ثم يمنحون التأشيرات الى اعلى المناصبفى الدولة و يجعلون طائرته امنة من الصين حتى السودان و مرورا بباكستان التى قتلوا فيها بن لادن بقواتهم دون خدش جندى امريكى واحد الا ترين انهم يلعبوا بأحوالنا ولا اقول اقدارنا لانها من الله و نحن لا امل لنا الا هو القهار اليه نشكى و اليه ننوب

  2. كلام مميز وممتاز
    وطالما ان لكل قاتل مقتول فمن قتل الجمال فينا.. ومن قتل الأحاسيس الراقية وبث العداوة والبغضاء بين ابناء الوطن الواحد والشعب الواحد.. لا بد ان لكل فعل من فاعل.. ولكن لكل فاعل من حساب عند رب الارباب ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..